– متابعة: احتضن مقر متحف محمد السادس بالعاصمة الرباط، الجمعة الماضية، ندوة حول تجربة المعهد الوطني للفنون الجميلة في تطوان بحضور عدد من مسؤوليه وأساتذته وخريجيه وطلبته، فضلا عن عدد من الفنانين والمهتمين. وأبرز المتدخلون الدور التاريخي للمعهد وقيمته كفضاء للإبداع الفني، وطرحوا "شؤونه وشجونه وهو يطفيء شمعته السبعين"، إذ رأى النور في عهد الحماية الإسبانية سنة 1945 باعتباره مدرسة تحضيرية للفنون الجميلة، قبل أن تتم مغربته في أعقاب الزيارة التي قام بها الملك الراحل محمد الخامس سنة 1957، ثم صدور قرار وزاري سنة 1993 بتحويل المدرسة إلى معهد وطني يتم فيه قبول الطلبة الحاصلين على شهادة الباكالوريا. وتحدثوا عن التطور الذي عرفه المعهد الذي مر بمراحل عديدة اقتصرت أولاها على الفنانين الإسبان بالخصوص، وتلتها مرحلة الفنانين الرواد الماهدين من أمثال سعد السفاج والمكي امغارة ومحمد الإدريسي، ثم مرحلة الفنانين المجددين والذين تخرجوا من مدارس للفنون الجميلة بالولايات المتحدة وبولونيا وفرنسا وبلجيكا (عبد الكريم الوزاني، وبوعبيد بوزيد مثلا)، والذين يحملون المشاعل الفنية ويقدمونها للفنانين الشباب (صفاء الرواس ويونس رحمون مثلا). وأضاف مسؤولو المعهد أن الدراسة به أكاديمية وفنية قوية تنقسم إلى مراحل نظرية وتطبيقية وتدريبية، مشيرين إلى كون مباراة ولوج المعهد تتضمن الامتحان الكتابي والشفوي ومادة الرسم بهدف انتقاء مبدعين متميزين تصقل الدراسة مواهبهم وتوجههم نحو اختيار مسارهم الفني مستقبلا. وأوضحوا أن دور الأستاذ يقتصر على مواكبة هؤلاء الطلبة بمسؤولية ودون فرض أبوية أو اتجاه فني معين عليهم، باعتبار أن عصر الأساتذة الملقنين قد انتهى ، وأن كل طالب يعيش "أوديسة" خاصة به في دواخله، وأن "كل طالب هو جرم خاص"، تتجسد هويته في عمله وإبداعه. وشددوا على أهمية مبادرة تنظيم هذه الندوة حول المعهد اعتبارا لكون المتحف أداة لا غنى عنها لتجميع الأعمال الفنية وصيانتها وعرضها على فئات واسعة من الزوار من أجل ترسيخ التربية الفنية والجمالية، والتوظيف السياحي أيضا. وبالمناسبة، دعا المتدخلون إلى إيلاء المعهد الوطني للفنون الجميلة في تطوان مزيدا من الاهتمام في الكتابات الفنية حول المغرب باعتباره مرجعا تاريخيا أساسيا، واستقطاب متخصصين في تاريخ الفن بالمغرب، وأساتذة من الفنانين الممارسين، وكذا الحرص على عدم تحويل المعهد إلى جامعة تخرج أكاديميين بل أن يبقى الهدف منه صقل مواهب فناني المستقبل، وفتح مدارس وطنية أخرى للفنون الجميلة في كبريات مدن المملكة للدفع بالإبداع الفني المغربي.