إن اعتزام اعتراف السويد بالجمهورية الوهمية في البرلمان, دليل ضامغ وواضح على فشل السياسة الرسمية في التعامل مع قضية الوحدة الوطنية, رغم الملايير من الدراهم التي تصرف لهذا الغرض وتستنزف الخزينة العامة للمملكة, إلا أن النتائج جاءت مخيبة للآمال بكل المقاييس للأسف الشديد. السؤال المطروح وبشدة لدى فئات واسعة من المغاربة وهو كيف استطاعت دبلوماسية الجزائر الدولة التي يحكمها رئيس مقعد على كرسي متحرك بالكاد يحرك أصبعه الأيمن, أن تؤثر على دولة اسكندنافية غنية وشعبها ينعم بالرفاهية وتجعل السويد تتجه للاعتراف بجمهورية وهمية لا تملك أدنى مقومات الدولة بمعنى الكلمة؟ من يمسك حقيقة بملف الصحراء؟ وأي استراتيجية تتبعها الدولة لتدبير القضية الوطنية الأولى التي تحظى بالأولوية والأهمية, سواء في السياسة الداخلية أو الخارجية والتي تعتبر من محددات بناء أية علاقة مع أي بلد في العالم؟ أسئلة عديدة تطرح في هذا الصدد, من قبيل موقع رئيس الحكومة والدبلوماسية الموازية للأحزاب السياسية والنقابات وجمعيات المجتمع المدني وإستراتيجيتها المتبعة في التعريف بالطرح المغربي فيما يخص مشروع الحكم الذاتي والجهوية المتقدمة التي انتهجها المغرب والتي عرفت قبولا وترحيبا في الأوساط الدولية, ولما لا فضح أطروحة البوليساريو وكشف متاجرة واستغلال الجزائر لهذه القضية التي تعتبرها حصان طروادة للنيل من المغرب ووحدته, وتحجيم مسلسل الانتقال الديمقراطي الذي تعرفه بلادنا, في ظل تراجع منسوب الحرية في الدول العربية خاصة بعد موجة الثورات المضادة التي أرجعت حليمة لعادتها القديمة. الاعتراف " أو التلويح بالاعتراف" بالجمهورية الوهمية يجب أن لا يمر مرور الكرام, بل يجب أن تحدد المسؤوليات بكل دقة ووضوح ويقدم للمحاسبة والمسائلة كل من له علاقة بالملف سواء من قريب أو من بعيد, فالتهاون في هذا الملف الحساس يفتح الباب على مصراعيه لفتح شهية الجزائر للمزيد من الحملات ضد وحدتنا الترابية وربما, نخسر نقاط أخرى في هذه المباراة.. إن المغرب يملك قضية ناجحة لكن المحامي الذي أوكل له الدفاع عنها فاشل, لذلك ينبغي عدم احتكار ملف الصحراء في نخبة ضيقة لا يسمع بها أحد وبعيدة عن المحاسبة والمسائلة, وليس لها تأثير حقيقي في الساحة الدولية.. إن ردود الفعل الغير المدروسة من المغرب ضد السويد أو غيرها من الدول التي ربما غيرت وجهة نظرها فيما يخص الجمهورية الوهمية ومقترح الحكم الذاتي التي تبناه المغرب يجب أن لا يكون تحكمه الظرفية والغضب والنزوة, وإنما يجب أن تؤطرها المصالح العليا للوطن وانتهاج أسلوب الحوار وتقريب الحقائق للاخر, وكشف الزيف الذي انطلى عليه وليس بالمقاطعة الاقتصادية التي يمكن أن تزيد السويد وغيرها عنادا وإصرارا وتحديا لنا,فأحيانا ردود الأفعال الآنية وغير المدروسة تؤتي نتائج عكسية وتزيد الطين بلة. وبالإضافة إلى ماسبق هناك نقطة جوهرية في الموضوع وهي التركيز على الداخل وضخ المزيد من الحريات واحترام حقوق الإنسان وعدم تسجيل نقط سوداء في هذا الإطار تكون مثل هدية مجانية إلى البوليساريو توظفها في خدمة أجندتها وأطروحتها الانفصالية. إن دستور 2011 للمملكة الذي صوت عليه المغاربة بعد الربيع العربي وموجة حركة عشرين فبراير التي رمت الحجارة على المياه الراكدة في الساحة السياسة ببلادنا فكانت الثمار مجموعة من المفاهيم الجديدة مثل الحكامة الجيدة و اقتران المسؤولية بالمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب, وبالتالي فإن ترجمة هذه المفاهيم والمبادئ الدستورية على أرض الواقع تعتبر الضمانة الحقيقية لتدبير أي ملف بطريقة فعالة وناجعة تؤتي ثمارها سواء على المدى القريب أو المتوسط أوالبعيد وملف الصحراء من أبرز الملفات الموضوعة على طاولة السياسة الخارجية.