هناك علاقة حميمة وذكريات حلوة تجمع الشعوب العربية ومنها المغرب بدولة مصر، مصر أم الدنيا، مصر المحروسة بلد الفرفشة والهشك بشك، بلد عادل امام وليلى علوي وبمبة كشر، كثيرون، على الأقل جيل الثمانينات، حلموا بالتسكع في شارع محمد علي ليلا والجلوس نهارا على قهوة المعلم طُلبة في خان الخليلي، "الأهوة" كما يسمونها هناك، ذات الكراسي الخشبية المهترأة حيث يلتقي الاسطة عبدو الحلاق بالواد سيد بتاع الكشري يلعبون "عشرة طاولة" ويتربصون بمرور "عنايات " لابسة الطرحة تمشي بغنج وتغني للشويش فارس أحلامها " يابو الشريط لحمر يالي أسرتني ارحم زلي.." الذال ينطقونها زاي!! مصر الأزهر ومكتبة الاسكندرية، وافلام الشيماء ورابعة العدوية، مهد المفكرين والكتاب والفنانين والصهبجية، معقل اللغة العربية ولغة الضاد، حتى وان نطق اَهلها الظاء زاء. حرب 56، كانت حربا عربية بامتياز ولو خارج فضائها الجغرافي، خطب جمال عبد الناصر ألهبت الأفئدة قبل الحناجر و لازالت ترن في اذان جيل الخمسينات، ومن لم يعاصرها تكفل احمد زكي بنقل كلماتها اليه من خلال شريطه الرائع ناصر 56. رمضان عند الشعوب العربية كان صياما وقياما و مسلسلا مصريا يتحلق حوله كل أفراد العائلة ساعة الافطار، يفرحون لفرح عباس الضو المسكين قليل الحيلة امام تجبر وتعسف محدث النعمة الخسيس سلامة فرويلة.. اما قصة "السحت" فقد استهوت جيلا باكمله!! أفراد الاسرة الواحدة ينقسمون بالمناسبة الى اهلوية وزملكاوية يتعاطفون مع سكان السيدة زينب والحلمية، ويستهجنون سكان الزمالك والمهندسين المتعجرفين المتنطعين أبناء "الزوات"!! هكذا هو حال الجدعان اولاد البلد، فقرهم وضيق ذات اليد لم يفقدهم ملكة التمييز فهم لايحترمون كل من هب ودب، ويزدرون الفاشل الذي ولد وفي "بؤه" معلقة ذهب. مصر حلوة حلاوة فنانيها، وصلبة صلابة سكان الصعيد ومحمود المليجي في فيلم الارض!! عرفناها بسيطة بهية، تلبس طرحة وجلابية قبل ان تنتعل البيادة العسكرية ... الهوية او "الشخصية" و"ذات مصر" كما يسميها طه حسين، أصبحت في ورطة، منذ اليوم الذي قرر فيه الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن السلطة!! غابت الحلاوة و روح النكتة والدعابة والاخطر ان حلت مكانها توك "شوهات" تجمدت وتجندت وراء من يدفع اكثر، تشابهت الفصائل وفشل الجميع على حد سواء لا فرق بين القهوة السادة والقهوة سكر زيادة حتى وهم يقولون ان مصر ولادة. قتل الشباب والاطفال في الميدان واقتيد الشيوخ الى أقسام البوليس، وهم يصرخون "احنا بتوع الأتوبيس"، شيوخ كالأيتام في مأدبة اللئام ينتظرون تأشير المفتي وتنفيذ عشماوي للإعدام، في الوقت الذي يقضي فيه مصريو التكتك وحزب الكنبة أيامهم في الشنآن والسباب، يتنابز الكحيان والغلبان ومن يرقص مع شعبان ان كانت ثورة ام انكلاب؟؟ القاف ينطقها البعض كاف