– محسن الصمدي (صور زكرياء العشيري): لا يمكن للمرء أن يفكر بكل من مدينة طنجة ومنطقة الشمال، دون أن تتجلى في مخيلته بطريقة لا إرادية صورة "المنديل والشاشية"، فهما يعتبران من الرموز المميزة للمنطقة، وقطعا من اللباس التقليدي للنساء الذي يزين به خصرهن ويحمين به رؤوسهن من شمس النهار الحارقة. وتقوم النساء في منطقة جبالة بوضع ثوب مخطط بالأبيض والأحمر أو لأسود يسمى "المنديل"، على الجزء السفلي من أجسادهن (أي من الوسط حتى القدم)، حيث كان هذا الأخير من أزياء المعروفة بالأندلس، والذي قامت النسوة بحمل أمتعتهن فيه خلال عمليات الطرد والترحيل، وبقي لحد اليوم ثوبا تتزين به نساء مناطق الشمال المغربي. وتعبر صناعة المناديل ومنتوجات الصوفية، من بين أهم الحرف والصنع التقليدية التي تشتهر بها المنطقة، حيث يسميها البعض بالنسيج التقليدي ويطلق عليها الأخرون "الدرازة" نسبة للألة المستخدمة في هذه العملية والتي تسمى "مرمة الدراز" حسب لهجة أهل المنطقة. وحسب حفيظة التيجاني، رئيسة تعاونية الأمانة للدرازة بمنطقة خميس أنجرة، فإن هذه الحرفة التي يتقنها أهل الشمال بطريقة كبيرة، تحتاج إلى مهارات خاصة سواء في التعامل مع ألة "المرمة" اليدوية أو من حيث إختيار الألوان وإبداع الأشكال الجديدة، التي تساهم في جذب الزبناء وتشجعهم على إقتناء هذه المنتوجات المحلية الصنع. وأضافت حفيظة، في حديثها مع صحيفة "طنجة 24" الإلكترونية، على هامش فعاليات الدورة العاشرة لمعرض الصناعة التقليدية بمدينة طنجة، أن "الدرازة" تختلف من منتوج إلى أخر، فالمناديل التقليدية تصنع من الصوف الخفيف، فيما يخصص الصوف السميك للأغطية والأفرشة، أما أغطية الرأس والأوشحة فتصنع من ثوب الحرير. وبخصوص أفاق حرفة "الدرازة"، أكدت حفيظة أنها تسعى لتجديد هذه المهنة، عبر خلق أشكال وتصميمات جديدة، حيث قامت بتغيير الألوان المشهورة للمنديل وتعويضها بالأزرق والأبيض مع وضع شعار فريق إتحاد طنجة، من أجل تشجيع فئة الشباب على إقتناء مثل هذه المنتوجات. ولاقت هذه الخطوة إستحسانا كبيرا في صفوف زوار المعرض الجهوي، حسب ما أكدته حفيظة، حيث أثنى الجميع على هذه المبادرة الغير مسبوقة في دمج هذا الزي التقليدي ببعض الأشياء التي تدخل في نطاق إهتمامات الأشخاص العصريين. ويعتبر المعرض الجهوي فرصة أمام ممتهني حرفة الدرازة، من أجل إبراز قدرتهم على تطويع الثوب وخلق أشكال إبداعية تساهم في إعادة إحياء هذه المهنة، شأنه شأن باقي المعارض التي تسعى التيجاني للمشاركة بها كلما سنحت لها الفرصة، كمعرض أمستردام الهولندي ومهرجان ملقا الإسباني، بالإضافة إلى المعرض المتوسطي بالبرتغال. يذكر أن فعاليات المعرض الجهوي للصناعة التلقيدية بطنجة، الذي فتح أبوابه منذ20 ماي الجاري، تتواصل إلى غاية 31 من نفس الشهر، وتتميز بمشاركة أزيد من 70 عارضا من مختلف مناطق جهة شمال المغرب.