– غزلان اكزناي: لم تكن اللحظة التكريمية التي احتضنها مركب "بيت الصحافة" بمدينة طنجة، مساء الأربعاء الأخير، سوى واحدة من المحطات الاحتفالية، بصوت إذاعي بصم الساحة الإعلامية المحلية والوطنية بالشيء الكثير. فاطمة عيسى، قيدومة الإذاعيات المغربيات، التي حلت "عروسا" يوم أمس وسط ثلة من أصدقائها ومحبيها، الذين شنفوا أسماعهم على مدى سنين طويلة بصوتها الإذاعي الرخم على أثير محطة طنجة الجهوية، هي الابنة البارة لمدينة طنجة وبالتحديد حومة دار البارود المدينة العتيقة. مسارها الإذاعي لم يكن هينا وان شاءت الصدف أن تمتطي صهوته وهي في سن يافع جدا (13 عاما)، بإذاعة جزائرية أرغمها وقع الاستعمار على البث في المغرب و تحديدا بمدينة البوغاز، وبعد عمل دام سبعة أشهر قادها ولعها الإعلامي أن تخوض غمار العمل بإذاعة طنجة الجهوية، فاشتغلت بقسم موريتانيا وإفريقيا، خاصة على قضية الصحراء المغربية. وجدت في إدارة إذاعة طنجة مرتعا خصبا لاكتساب مهارات و تجارب عدة أهلتها لتنحت اسما لها، بعد برنامج معنون "حصة المتغيبين" سنة 1966، لتنطلق في عالم التذييع. صالت و جالت ببرامجها كأنيسة مستمعيها بصوتها المألوف، فكان ابنها البكر برنامج "الحقائب الثلاث". ولاءها الإذاعي جعلها نهرا لا ينضب من العطاء الإنساني والثقافي والاجتماعي، وحنكتها وصوتها الرخم جعلا منها ضيفة محببة ببيوت الأسر المغربية بكل فئاتها المخلصين لكرمها وجودها الإعلامي، فكان ذلك وازعا دفعها لتقدم من مخزونها الإبداعي كما هائلا من البرامج التي اعتبرتها في حوار لها "فلذات كبدها"، كبرنامج "الصوت المسموع" الذي ناقشت من خلاله مجموعة لا يستهان بها من القضايا المسكوت عنها وطالما كانت من الطابوهات في المجتمع الطنجي، كالعنف ضد الرجل، الحب قبل أم بعد الزواج، السعادة الزوجية ... و غيرها، إضافة إلى محاورتها لنخبة وازنة من فنانين و مبدعين و مثقفين. مارست الاعلامية فاطمة عيسى العمل الإذاعي وقد شغفها حبا، لتتوج مسيرتها بجوائز عدة، من بينها ميدالية ذهبية سنة 1996 بالقاهرة مناصفة مع الإعلامية زهور الغزاوي عن برنامج "حنين" الخاص بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، لتتوقف مسيرتها الإذاعية بعد ذلك وراء المايكروفون وإن لم يتوقف حنينها الإعلامي وعشقها الأبدي لإذاعة طنجة.