- وكالات: نشرت صحيفة "التلغراف" تقريرا لمحررة الشؤون العلمية سارة نابتون، حول دراسة تابع فيها الباحثون نمو 3500 مولود، ومسيرتهم الدراسية والعملية على مدى ثلاثين عاما، فوجدوا أن الذين رضعوا من حليب أمهاتهم لمدة 12 شهرا على الأقل يتمتعون بمستوى ذكاء (IQ) أعلى من الذين رضعوا حليبا صناعيا، وأنهم حازوا على وظائف أفضل. ووجد الباحثون أن حليب الأم ضروري لوضع الأطفال على طريق النجاح، فأولئك الذين رضعوا من أمهاتهم لمدة 12 شهرا أو أكثر حصلوا في اختبارات مستوى الذكاء على نقاط أعلى من أولئك الذين رضعوا من أمهاتهم شهرا أو أقل. ويشير التقرير إلى أن هؤلاء الأطفال كانوا الأكثر احتمالا للبقاء في الدراسة لمدة 9 أشهر إضافية، وكسب 20% أعلى من المتوسط القومي، الذي يصل في بريطانيا إلى 440 جنيها إسترلينيا زيادة في الشهر، أي حوالي 200 ألف جنيه إسترليني إضافية على مدى 40 عاما من العمل. وتقول الصحيفة إن هذه الدراسة، التي نشرت في الدورية الطبية المشهورة "ذي لانست"، هي الأولى من نوعها التي استمرت هذه المدة الطويلة، وأظهرت أن الرضاعة من حليب الأم تزيد الذكاء وتحسن التحصيل العلمي والمقدرة على الكسب المادي. وينقل التقرير عن المؤلف الرئيسي للدراسة الدكتور برناردو لسا هورتا، قوله: "آثار الرضاعة من الأم على تطور ذكاء الطفل معروفة، ولم يكن واضحا إن كانت هذه الآثار تستمر حتى بعد البلوغ.. وما أثبتته دراستنا هو أن رضاعة حليب الأم لفترة طويلة لا تزيد الذكاء فقط حتى سن الثلاثين على الأقل، ولكن لها أثر على مستوى الشخص الاجتماعي عن طريق تحسين تحصيله العلمي ومقدرته على الكسب". وتوضح الصحيفة أن الفرق بين من رضعوا من أمهاتهم ومن رضعوا من القنينة يبقى واضحا حتى بعد الأخذ بعين الاعتبار عوامل أخرى، مثل دخل العائلة وصحة الأم أثناء الحمل والوزن عند الولادة وطبيعة الولادة. ويلفت التقرير إلى أنه حتى الفترات القصيرة من الرضاعة من حليب الأم وجد أنها مفيدة، فالأطفال الذين رضعوا من أمهاتهم لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر حصلوا على نقطتين تقريبا في اختبار الذكاء أكثر من أولئك الذين رضعوا من القنينة بعد شهر من الولادة. ويعتقد العلماء أن حليب الأم لا غنى عنه لتطور الدماغ لدى الطفل؛ لأنه يحتوي على الأحماض الدهنية المشبعة ذات السلسلة الطويلة. ويضيف الدكتور هورتا للصحيفة: "ما هو فريد في الدراسة هو أنه في المجموعة التي درسناها لم تكن الرضاعة من الأم منتشرة بشكل أكبر بين النساء الأكثر تعلما والأكثر كسبا، ولكنها كانت موزعة بشكل متساو بحسب الطبقة الاجتماعية.. ووجهت انتقادات للدراسات السابقة التي أجريت في البلدان المتقدمة؛ لأنها لم تستطع فصل آثار الرضاعة من الأم من الوضع الاقتصادي الاجتماعي (للأسرة)، ولكن بحثنا تعامل مع هذه المسألة لأول مرة". ويفيد التقرير بأن مجموعات الأمومة والأبوة انتقدت الضغط الذي تواجهه الوالدات بسبب مثل هذه الدراسات للقيام بإرضاع أبنائهن، خاصة أن دراسة حديثة للوالدات وجدت أن ثلثي العينة المستطلعة آراؤها لا يشعرن بأن المجتمع يدعم الأمهات المرضعات، بينما قالت 48% منهن إنهن لم يحصلن على الدعم المناسب للقيام بالإرضاع. وتنقل الصحيفة عن محررة أكبر موقع للأمومة في بريطانيا "Netmums"، راشيل باروز، قولها: "إرضاع المولود هو الأفضل دائما له، ولكنه ليس دائما الأفضل للأم.. الفوائد الصحية للإرضاع معروفة جيدا، ولكن بالنسبة للنساء اللواتي يعانين حتى يرضعن، فإن مثل هذا التقرير قد يعزز شعورهن بالفشل". ويورد التقرير أن جستين روبرتز مديرة (Mumsnet) تقول: "هذا صحيح فالنساء يشعرن بالذنب، أو عدم الأهلية إن لم يقمن بالرضاعة، أو لم يستطعن الإرضاع.. وعلينا في الواقع معالجة العوامل الاجتماعية والثقافية التي تجعل الأمر صعبا بالنسبة للنساء". وتبين الصحيفة أن بريطانيا تعد الأقل في نسبة الوالدات المرضعات في العالم الغربي، حيث تظهر إحصائيات وزارة الصحة أنه وبالرغم من أن 81% من الوالدات يبدأن بإرضاع أبنائهن، إلا أن الثلث فقط يستمررن لمدة الستة أشهر التي ينصح بها. ويوضح التقرير أن الباحثين يقدرون أن مضاعفة نسبة النساء اللواتي يرضعن لمدة سبعة إلى 18 شهرا يمكن أن توفر على وزارة الصحة حوالي 50 مليون جنيه إسترليني في السنة، وذلك لأنها تقلل من حالات مرض الأطفال، وتحد من خطر الإصابة بسرطان الثدي للأمهات. وتذكر الصحيفة أن الكلية الملكية للقابلات قالت إن الدراسة أبرزت أهمية مساعدة النساء على القيام بإرضاع أبنائهن من حليبهن لأطول فترة ممكنة. وتختم "التلغراف" تقريرها بالإشارة إلى أن مستشارة السياسيات في الكلية الملكية للقابلات، جانيت فايل تقول: "الرضاعة من حليب الأم تضع حجر الأساس لمستقبل الشخص الصحي، وتجلب الفوائد للمجتمع عامة على شكل توفير في النفقة على العلاج. كما أنها تبرز أيضا أهمية وجود دعم جيد وتمكين للقابلات لمساعدة الوالدات لبدء الإرضاع والاستمرار فيه. وعلى الخدمات الصحية أن تقوم بجهود أكبر لتشجيع الأمهات الجدد على الإرضاع ولفترة أطول، من خلال تقديم دعم أفضل وسياسات تسهل على النساء الإرضاع عندما يكن خارج البيت".