قصدت البحر – البلايا – مررت بساحة الأمم .الساعة تشير إلى الثالثة والنصف بعد الزوال. ألقيت نظرت إلى ما تبقى لدي من مال.نفذ كل ما كنت أملك.لم يبقى سوى ثلاثة دراهم.. ساحة الأمم تبدو فارغة من الناس.الشمس حارقة.امرأة كبيرة تعتمد على عصا خشبية تساعدها على المشي.خطواتها بطيئة.تبدو أنها لن تصل إلى مبتغاها حتى تغيب الشمس..جلست على كرسي عمومي.لأستريح قليلا.. وصلت البحر.أزلت المعطف الجلدي الذي كان يثقل جسمي..ألقيته على الرمال الذهبية..ملئت رئتي بالهواء النقي كأني ربما لن تسنح لي الفرصة ثانية للعودة للبحر.اقتربت من الشاطئ..أشاهد أمواج البحر وهي ترتفع وتنخفض مثل موجات موسيقية..لا تكاد تتوقف إلا لتستأنف حركتها في الصعود والهبوط..أجلس القرفصاء على الرمل المبلل كأني في صلاة بوذية ..أحدق تارة في السماء الزرقاء.وتارة أخرى في زرقة البحر..وأتخيل نفسي جزءا من هذا المشهد البديع..ماذا لو كنت حبة رمل في هذه الرمال الذهبية الساحرة أو قطرة ماء في هذا البحر الأزرق العميق ..كيف سيكون شعوري وإحساسي. وما مقدار السعادة التي كنت سأحظى بها..تركت لخيالي العنان في أن يطرق أي باب شاء وأي عالم أراد. دون تدخل من عقلي الواعي..نسيم عليل يتسلل إلى رئتي ..أحس بالنشاط والحيوية متدفقة في روحي.. انتصبت واقفا.نفضت ملابسي بما علق بها من رمل.غسلت وجهي بماء البحر لأنعش نفسي ..تسربت بعض القطرات المالحة إلى فمي.أحسست بملوحتها في لساني.. تركت البحر خلف ظهري وتوجهت إلى السوق البراني - حيث تصطف سيارات بيضاء كبيرة الحجم تقل الناس إلى مقهى قهوة عبد الرحمان.. بعد أن قطعت مسافة ليست بالقصيرة مشيا على الأقدام مررت بساحة الأمم ثم بشارع محمد الخامس – بوليفار – وصلت إلى سور المعكازين. جلست على مقعد عمومي..وجهي نحو البحر وخيالي نحو الضفة الأخرى التي لا تبعد عن طنجة سوى خمسة عشر كيلومتر..عن يميني يوجد مدفع أثري يؤرخ لحقبة تاريخية.يتجمع حوله بعض الناس لأخذ صور تذكارية يتباهون بها عندما يعودون إلى أهلهم وأصدقائهم.. وصلت إلى المكان التي تصطف فيه السيارات.دلفت إلى إحداها كانت متوجهة إلى منطقة السواني وهي آخر نقطة قريبة من المنزل... يتبع..