الفساد العقاري والخروقات الانتخابية أكثر التهم الموجهة إلى الشخصيات الذين رفعت صورهم في مسيرة الأحد "لقد انتهى عهد استغلال النفوذ، وكل من ثبت في حقه جرائم في حق الممتلكات العمومية يجب أن يحاكم، لذلك فالنضال هو السبيل الوحيد حتى تشطيب جميع المفسدين من فوق أرض ومن تحت سماء هذه المدينة"، بهذه الكلمات تعلق إحدى الناشطات في حركة 20 فبراير بطنجة عقب انتهاء مسيرة ضد الفساد التي عاشتها المدينة يوم الأحد الماضي، وذلك تعليقا على صور عدد من الشخصيات السياسية على الصعيد المحلي وهي مثبتة على مكانس منزلية.
فؤاد العماري، محمد بوهريز، محمد الزموري، عبد الرحمن الأربعين، محمد أقبيب، دحمان الدرهم، وعبد الحق بخات، هؤلاء هم الذين رفعت صورهم خلال ما سمي بمسيرة ضد الفساد يوم 17 أبريل، واللائحة ما زالت طويلة وفي طور الإعداد حسب نشطاء من حركة 20 فبرير.
وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي ترفع فيها صور من يوصفون برموز الفساد بمدينة طنجة، وهي خطوة يعتبرها نشطاء الحركة الشبابية في طنجة لا علاقة لها مطلقا بتصفية أي حسابات سياسية بقدر ما هي دعوة لتصفية المفسدين من الذين تعاقبوا أو لا زالوا في مناصب المسؤولية في المجالس المنتخبة وفي غيرها، خاصة أن البعض منهم كان قد خضع لمحاكمات سرعان ما تغيرت سيناريوهاتها وانتهت بتبرئتهم، مثلما حصل مع محمد بوهريز ومحمد الزموري.
وعلى ذكر هذين الاثنين، فإن ساكنة طنجة تؤاخذ على الزموري استفادته من هكتارات من الأراضي بطرق توصف بالمشبوهة، حيث يسجل عليه تحوله من أشهر المنعشين العقاريين في طنجة، وذلك بعدما كان مجرد "ميكانيكي"متواضع في أحد المحلات بجماعة الدريوش بإقليم الناظور، كما تتداوله مجموعة من الحكايات عنه. وسبق للزموري أن مثل أمام قاضي التحقيق في سنة 2008 بتهمة استعمال وثيقة مزورة لاقتناء عقار من شخصين وهميين.
وإذا كانت تهمة السطو على الأراضي، هي أكبر تهمة تلاحق منسق حزب الاتحاد الدستوري بطنجة، فإن اسم محمد بوهريز ارتبط أساسا بقضايا لها علاقة بالفساد الانتخابي، إذ سبق لمنسق حزب الحمامة، أن خضع للمحاكمة على خلفية تورطه في شراء الذمم خلال الانتخابات الجماعية الأخيرة، وأدين بعقوبة حبسية موقوفة التنفيذ، إلا أن هذا الحكم تحول إلى البراءة في مرحلة الاستئناف، مما أعطى انطباعا مفاده أن هذا الملف كان الهدف من إثارته أساسا هو الضغط على بوهريز من اجل حمله على الانضمام الى أغلبية فؤاد العماري في مجلس مدينة طنجة.
أما عبد الرحمن الأربعين الذي يعتبر اليوم من بين المساندين الكبار للعمدة، فإن ذمته مثقلة بالتهرب الضريبي، خاصة أن الخزينة العامة قد قامت بحجز على ممتلكاته، وكذا على تعويضاته البرلمانية. إلى جانب الأربعين، فإن بخات يؤاخذ بالدرجة الأولى على حصيلة تدبيره لملف الرياضة المحلية خلال فترة توليه منصب رئيس فريق اتحاد طنجة لكرة القدم.
عمدة طنجة السابق الدحمان الدرهم، الذي أدرجه المتظاهرون ضمن لائحة الفساد السوداء، يؤاخذ عليه التساهل مع ناهبي المناطق الخضراء وتحويلها لعمارات، وهو تعبير لطيف لتهمة التواطئ مع مافيا العقار التي حولت طنجة خلال عهد الدرهم إلى غابات من الاسمنت وازدادت أيضا وتيرة انتشار السكن العشوائي لا سيما في مقاطعة بني مكادة.
وهكذا فإن الفساد العقاري بالمدينة والسطو على الممتلكات العمومية، هي أكبر التهم التي تلاحق هذه الشخصيات السياسية، وهي على ما يبدو إرث ثقيل وجد العمدة الحالي فؤاد العماري نفسه أمام لعناته التي كان أولها ورود تصريحات نسبت إليه باقتراح عفو شامل عن المنعشين العقاريين الخارقين للقانون، وربما كان هذا هو السبب الرئيسي الذي دفع المتظاهرين في المسيرة الأخيرة لرفع صورته وهي مثبتة على "الشطابة" هو أيضا، رغم أنه حاول جاهدا إنكار هذه التصريحات.