نعم نفذت ما أقوله بكل حرفية. حيث ذهبت إلى مقبرة بوعراقية التي تحولت الآن إلى منتزه بعد أن جرفوا الجثث من المقبرة .. قصدت زاوية بعيدة عن أعين المتلصصين.أخرجت ملعقة كبيرة كنت قد دسستها في جيبي أخذتها من المقهى دون أن يفطن لي النادل حيث كنت استغلت حديثه مع إحدى الزبناء. استعملتها في حفر القبر الرمزي..دفنت شيطان الكتابة. وأشعلت فيه النار على الطريقة الهندية في دفن الموتى. غادرت المقبرة..أشرت إلى طاكسي أخضر صغير..أمرته أن يقلني إلى شارع بني نصير.وأنا في الطريق أشعر بأني انتصرت في معركة كبيرة وحققت إنجازا عظيما سوف يكتب في التاريخ بمداد من ذهب يخلد إسمي في سجل العظماء الذين أنقذوا البشرية من خبث ومكر شيطان الكتابة.. وصلت إلى شارع بني نصير.المطاعم غاصة بالزبناء .الكل منهمك في تناول غذائه.. كانت الساعة تشير إلى الثانية بعد الزوال.اقتعدت في كرسي خشبي داخل مطعم شعبي.جاء الخادم . - بادرني بالقول : كيف اخدمك سيدي. أخبرته بأني أريد طاجينا من البيصارة مع زلافة من الزيتون ولا ينسى أن يضيف الحر إلى الطاجبن.. انتهيت من الغذاء لحست - ببطعة - الخبز ما علق في الطاجين من البيصارة اللذيذة.طلبت إبريقا من الشاي الأخضر المنعنع.- لأعدل المزاج. - الراس. قلت مع نفسي وأنا أرتشف الشاي تبا لشيطان الكتابة الذي حرمني سنين طويلة من مثل هذه المتع التي لا تعوض. فلتعش - البيصارة - شعارا للطبقة الفقيرة.البلوليتاريا كما يسميها الرفاق.والمستضعفين كما يسميها الإخوان.. وأنا أغسل فمي ووجهي بالماء قبل توديع المطعم الشعبي.راودتني فكرة جهنمية لما لا أؤسس حزبا سياسيا تحت شعارة البيصارة لكل مواطن بدون تمييز بين غني وفقير. أختار صورة - الزلافة - كرمز للحزب.فبكل تأكيد سيكتسح الحزب الانتخابات الجماعية والبرلمانية بشكل سيذهل المراقبين والمتابعين للشأن العام... لكني تذكرت شؤم العمل السياسي وخصوصا الحزبي فلعنت الشيطان الرجيم من ساس ويسوس وليس من أهل سوس الطيبين..وبالتالي تركت فكرت تأسيس حزب - البيصارة - لكي لا ألصق بأشهر أكلة في مدينة طنجة لعنة السياسة.. وهي تهمة خبيثة لا تستطيع التخلص منها أبد الآبدين.. يتبع