كان بيت جدي من جهة الام -ابن عجيبة- بالقصبة، قبلة لأهل الذكر من النساء، ياتونه من كل حدب وصوب يوم الجمعة من كل اسبوع وايام عيد المولد النبوي. في هذا البيت المبارك ازداد وتربى الفقيه المصلح المربي المعلم المقرئ باكورة زمانه خال الوالدة سيدي محمد بن الصادق بن المهدي بن احمد الخضر المدفون بالقرب من الزاوية الصديقية بطنجة بن احمد بن عجيبة الصوفي الشهير المدفون بقبيلة الزميج بقبيلة انجرة ومن ام من ال الصديق، قيدوم المادحين والمسمعين والقراء بمدينة طنجة، مقرئ مسجد الجامع الكبير بسوق الداخل وامام صلاة التراويح به وبمسجد مرشان. كان بلبلا متقنا لقواعد التجويد، تخرج على يديه العديد من المنشدين والمسمعين في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وكان رحمه الله أحد المشرفين على الخيرية الاسلامية بالقصبة، رفقة أخيه سيدي عبد الله بن عجيبة، واللذان تخرج على أيديهما جمع كبير من المعلمين والأساتذة والاطر العليا التي اخذت بزمام الامر بعد الاستقلال. ومما يحكى أن تلاميذ الخيرية الاسلامية كانوا يتباهون بإنتسابهم للجمعية الخيرية انذاك لأنها كانت تضم خيرة التلاميذ بل كان بعض الأباء يتمنون جلوس أبنائهم في صفوف المدرسة الخيرية (خاصة بالأطفال المتخلى عنهم) في حين نجد اليوم من يتباهي بدراسته في إحدى البعثات الأجنبية. كان الفقيه سيدي محمد بن عجيبة رحمة الله عليه قد اوتي من كل فن طرف، فتجده ببحور الشعر ملما، وبالادب متمكنا، وبالتاريخ والجغرافية جوالا، وبالفن النظيف كالمسرح والطرب الاندلسي والمقامات والسماع الصوفي والمديح رائدا ومصححا. أذكر عندما كنت صغيرا كان سمت سيدي محمد بن عجيبة وحضوره يشدني بقوة، فإذا أعطيت له الكلمة أتوقف عن اللعب واسمع إليه بإصغاء رغم انني لم أكن أعرف أنذاك فيما يتكلم وفيما يحدث، كما كان له كلمته وسط اهل الذكر والمديح، فيوزع عليهم الأبيات والادوار. أما حاله مع القران فحدث ولاحرج فلا يعرف غير لغة القران ولا الكلام إلا عن القران وعلوم القران، وكان صوته رخيما وله تسجيلات نادرة بالإذاعة الوطنية، كان رجلا عفيفا متواضعا بساما قنوعا زاهدا فيما عند الناس متسامحا لطيغا هادئا. ومن كرامات سيدي محمد بن عجيبة أنه ذهب لزيارة أحد أخوالي بالدار البيضاء، فنصحه هذا بان لا يبتعد عن المنزل اذا ما خرج لوحده بحكم انه غريب عن المدينة، خرج ذات صباح وابتعد عن المنزل بضعة امتار فتاه عن المنزل واخذ يمشي في الاتجاه المعاكس للمنزل، ففتح الله عليه ان ارشده الى قراءة سورة ياسين، وبعد قراءة ما تيسر من الايات، صادفه ابن اخته وهو راجع من المدرسة وساله عن وجهته. بقيت الاشارة ان سيدي محمد بن عجيبة توفي رحمة الله عليه وهو يتلو القران.