في الندوة المنظمة بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة, منتصف هذا الاسبوع خرج الوزير الصديقي (اقصد عبدالسلام الصديقي وليس عبدالرحمن)، الوزير الشيوعي في الحكومة الاسلامية، بتصريح سياسي مفاده أن 40% ممن يلج سوق الشغل يصل عن طريق المحسوبية والطرق الغير شريفة. أقول سياسي لأن المصرح هو مسؤول ووزير ويهدف كسب العطف لأغراض سياسوية. قد نتفق مع معالي الوزير من حيت الحالة, ولكن لن نتفق معه كوزير مسؤول يخرج بهكذا تصريح خطير ستكون له تداعيات بالخارج كما بالداخلة من حيث قدرة هذه الحكومة على التحكم في الامور وممارسة الحكم الحقيقي بهذا البلد. اولا، اتساءل كأكاديمي من اين جاء السيد الوزير بإحصاءاته هته, لأن المندوبية تحدثت ( وقد علقت على ذلك في تدوينة سابقة لي على ظهر صفحتي هذه) عن 26% وليس 40, وإن كنت اتفق مع السيد الوزير أن الرقم الحقيقي أعظم ( وذاك ما قلته في تدوينتي السابقة) فصفته داخل مؤسسات الدولة كانت تلزمه احترام الاحصاءات الرسمية. ثانيا، إذا سلمنا بالرقم المقدم من طرف السيد الوزير وباعتبار الرقم ينطبق على كل الوظائف لكونه لم يضع استثناءات, فمعنى ذلك ان قرابة نصف عدد اعضاء الحكومة الحالية والمناصب السامية داخل بلدنا العزيز تم نوزيعها باعتبار المحسويبة والطرق غير الشريفة وليس بالاستحقاق. معنى ذلك ايضا أن توفيق بوعشرين كان صائبا حين تحدث عن الملايين والملايير التي صرفت من طرف بعض الوزراء الحاليين مقابل الاستوزار في حكومة بنكيران. ومعنى ذلك أن رفض استحقاقي للمنصب الذي فزت به سابقا ورفضوا منحي اياه يدخل في هذا الاطار وبذلك سيطمئن قلبي وعقلي. ثالثا, لمن تشكي همك يا سيدي يا وزير التشغيل، إذا كنت لست قادرا على تغيير الوضع بصفتك وزير للتشغيل (ايها السادة), فافعل كما يفعل وزراء الدول التي تحترم نفسها وقدم استقالتك. امر الشكوى هو سمة مشتركة بين كل وزراء هذه الحكومة وهي استراتيجية في حقيقة الامر. فحين يباغت الغني الفقير بالشكوى من حاله فإنه لا يترك للفقير مجالا لشكواه. في بحر الصيف المنصرم ارادت الصدف أن التقي بالسيد الصديقي في مجلس المستشارين حيث حاضرت وإياه تحت قبة البرلمان حول افاق الاقتصاد الوطني. ولقد ارادت الصدف كذلك أن التقي به بمراحيض اعلى بناية من حيث الرمزية بالوطن. ومباشرة بعد دخولي المرحاض (حاشاكم) باغتني السيد الوزير بهذا الكلام "شحال دلفلوس تياخدوا وطواليتات خانزين، هادشي عيب" وكان أن أجبته مازحا كعادتي : " لمن كتشكي همك اسي لوزير". رد علي وقد بدت عليه علامات القلق. شكون نتا؟ قلت : احمل نفس اسمك. وامارس الاقتصاد مثلك وانحدر من جبال الريف مثلك واتمني أن اصير وزيرا يوما مكانه, فضحك كما ضخكت قبل أن نلتحق بقاعة الندوة . امر وزراء حكومتنا يشبه بكثير امر تلك النكتة التي نتدارلها على نطاق واسع بيننا. يحكى انه في احدى ايام رمضان القى "مخزني" القبض على احد "وكالين رمضان" كان يفطر في بالنهار، فجاء به الى السيد القائد لمعاقبته. وحين دخل على القائد في مكتبه وجده بدوره يفطر في منتصف النهار واضعا أمامه شاي وبغرير وملاوي وغير ذلك. فسأله القائد "مالو هدا" اجاب المخازني المسكين : " لقد وجدته صائما سيدي القائد".