في مختلف مراحلها ظلت "غمارة " دائما عنوان للأمن والأمان، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هو كيف تحولت هذه المنطقة إلى ملجأ لقطاع الطرق وكذا الانتهازيين الذين لا يهمهم من المناصب سوى السلطة لاستغلالها قصد تحقيق المصالح الشخصية !!؟. نعم ملجأ لقطاع الطرق والمنحرفيين، فقد أصبح الأمن شبه مفقود في مناطق غمارة ، حيث أن جل الجماعات والدواوير تتخبط تحت هيمنة عصابات السلب والنهب و التهديد...، تمارس سلوكها الاجرامي بكل حرية وأمن وأمان. لقد وصل أمر التسيب إلى درجة أن أبواب المؤسسات التعليمية تشهد يوميا اعتداءات على التلاميذ في حين لا تسلم التلميذات من تحرشات جنسية تستعمل فيها كل وسائل الترهيب والإكراه، في غياب تام لأي تحركات لتنديد بمثل هذه الخروقات . هذه الظاهرة قد تجاوزت حدود المعقول، بتهديدها الحق في الحياة والسلامة البدنية والأمن الشخصي المنصوص عليها في المواثيق الدولية لحماية حقوق الإنسان، مما يتطلب معها الأمر اتخاذ تدابير عاجلة وحقيقية لوقف هذا التدهور الأمني الخطير، وعدم الاكتفاء بالحلول الترقيعية وضرورة تحمل الأجهزة الأمنية مسئوليتها الكاملة في حماية المواطن الغماري. هناك عدة أسباب من وراء تنامي مثل هذه السلوكات الإجرامية نذكر من بينها: الفقر والبطالة فمعظم ساكنة منطقة غمارة تعيش تحت عتبة الفقر المدقع حيث أن أغلب نشاط الساكنة مقتصر على زراعة القنب الهندي، وبعد الحد منه أصبح "الكيف" لا يساوي شيء، إذ أن أغلب فلاحي المنطقة لم يبيعوا محصولهم السنوي لعدة مواسم، وتسبب هذا في بطالة كبيرة لدى سكان المنطقة والتي أثرت بشكل سلبي، خاصة وأن أفاق الشغل في المنطقة مفقودة بالمرة في وجه الشباب، حتى حاملي الشهادة العليا. هذا التأزم دفع بأصحاب النفوس الضعيفة والمريضة إلى امتهان الإجرام والارتماء في أحضان العصابات الإجرامية . كما أن انتشار الواسع للمخدرات بكل أصنافها بهذه المنطقة المهمشة ساعد بشكل كبير في تنامي هذه الظاهرة الخطيرة ، ودفع بالمدمنين إلى البحث عن ضحايا لتوفير ثمن المخدرات حيث باتت أنواعها تروج أمام مرأى ومسمع الجميع، وخصوصا ونحن نعلم أن من بين ما يستهلك بالمنطقة مؤخرا الكوكايين الذي يعد أكثر خطورة من باقي الأنواع "الكيف مثلا ". خلاصة القول أن افتقار الأجهزة الأمنية على الأطر القادرة على ضبط وإعادة الأمن لمناطق غمارة، وكذا تفشي ظاهرة الرشوة بين صفوفه، تجعله مشلول وعاجز عن مواجهة هذه الظاهرة الإجرامية. لذلك يجب الحد من هذه الظاهرة بوضع مقاربة شمولية تضع قضايا المنطقة في مجهر واسع ليرفع عنها التهميش والفقر الذي عانت منه لسنين طويلة، وكل هذا لن يتأتى إلا في تنمية حقيقية ومستدامة، تشارك في تقريريها كل فعاليات المجتمع المدني.