التصريح الذي أصدره صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن متعب بن عبدالعزيز وزير الشئون البلدية بعدم فرض الرسوم البلدية على الأراضي البيضاء ..والحجة .. عدم موافقة بعض العلماء على ذلك وفتواهم بتحريم الضريبة عليها. نقف عنده طويلا , فلقد كان فرض هذه الضرائب مخرجا لأزمة تعصف بالوطن وأبناءه , حيث إن قيمة الأرض في المملكة العربية السعودية ,تعادل بل وتزيد على أسعار الأراضي في طوكيو أو نيويورك و لندن وباريس . إننا نعيش حالة غريبة تخالف ابسط قواعد الفكر والمنطق , وأتذكر قول احد اليابانيين , بينما كنا في الطريق بين جدة والرياض , وأستغرب من المسافات الشاسعة من الأراضي الغير مستغلة , " لن تعانوا في المملكة من مشكلة إسكان أبدا " وعندما بينت له أسعار الأراضي في المملكة وأنها تقارب أسعار الأراضي في اليابان , أبدى استغرابه , بل وظن إني أبالغ , وبدأ يناقشني بالحجة والمنطق , سأنقل بعض ما دار بيننا حرفيا , يقول :- كيف يكون ذلك , فمساحة اليابان تعادل خمس مساحة السعودية يعني واحد على خمسه , أكثر من نصف اليابان مناطق جبلية غير قابلة للسكن , والباقي موزع بين مزارع تنتج الأرز والبرتقال والفواكه والكثير من المنتجات , ومصانع يغطي إنتاجها الكرة الأرضية ( حينها لم تظهر الصين بعد ) وأسواق ومكاتب . وطرق وخطوط قطارات , تأخذ اكثر من نصف الباقي , فيبقى للسكن ما يقارب ربع مساحة اليابان , التي تعادل خمس مساحة المملكة . هذا الربع يسكن به 121 مليون إنسان , أما المملكة لو بقي فيها خمسها مناطق سكنية فعدد السكان حوالي 18 مليون نسمة , فإذا قلنا أن متوسط العائلة في السعودية هو نفس المعدل الياباني هو أربعه أفراد , فأنتم تحتاجون إلى 4.5 مليون منزل , بينما في اليابان نحتاج إلى 302 مليون منزل . هنا طلبت منه أن يطفئ آلته الحاسبة , وخجلت من أقول له إننا أطفأنا عقولنا . فلا حل للإسكان في المملكة , ولا يطمع احد في حل هذا الإشكال . فالحلول يجب أن يوافق عليها اثنان , ملاك الأراضي البيضاء , وجميع المشائخ , فان اعترض البعض , فلن يحل الموضوع , فالوزير احتج بعدم موافقة بعض العلماء , قد يقول احدهم إن ملاك الأراضي يدفعون زكاة قيمة هذه الأراضي , فلقد أفتى الكثير ومنهم شيخنا عبدالعزيز بن باز بأن على الأراضي الزكاة إذا لم تكن محجوزة للسكن , وكانت عروض تجارة أو ادخار , وهنا يبرز سؤال أهم , كيف تقيم الأراضي لغرض الزكاة ؟ فالكثير منها كانت هبات وأعطيات ولم يتم شراؤها . بالطبع لا نتكلم عن فتاوى عديدة بتحريم الاحتكار لما تحتاجه الأمة , فهذه الفتوى يضعونها في احتكار الطعام الضروري فقط . ولا أتكلم عن الفتاوى التي أصدرها الكثير من علماء الأمة بان لولي الأمر أن يأخذ من الملاك ما تحتاجه الأمة , وما هو ضرورة , وبناء على هذه الفتوى تم نزع ملكية كل الأراضي التي كانت مجاورة للحرم المكي وعلى هذه الأراضي تمت التوسعة . لنفرح بأننا دولة كبيرة الحجم , ولنفرح بأننا دولة غنية , ولنفرح بالميزانية الضخمة . وليبقى شبابنا يندب حظه , يقول , يا ليل ما أطولك .