عرف تدريس اللغة الأمازيغية بالمدرسة المغربية تعثرا غير مبرر، لعدم جدية مسؤولي وزارة التربية الوطنية في تنفيذ الاتفاقية المبرمة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية لإدراج اللغة الأمازيغية في المنظومة التربوية منذ سنة 2003 ، بالابتدائي أولا بمعدل 300 مدرسة في أفق تعميمها أفقيا وعموديا خلال الموسم الدراسي 2010/2011 لتشمل جميع المؤسسات العمومية والخاصة، و الشروع بعد ذلك في إدراجها بالثانوي الإعدادي والتأهيلي، ابتداء من سنة 2005 إلى 2010 لتعمم بجميع المؤسسات الثانوية، لكن هذا الاتفاق بقي حبرا على ورق ولا توجد آليات للمراقبة والمتابعة ، بل بقيت تابعة لأهواء المسؤولين بالمصالح الخارجية للوزارة، بما أنها أصدرت عدة مذكرات فيما يخص إدراج اللغة الأمازيغية بالمدرسة المغربية، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر المذكرة رقم 130 المنظمة لتدريس الأمازيغية وتكوين أساتذتها، وكانت منطلقات تدريسها جاءت بناء على ما أقرته الوزارة من اختيارات وتوجهات أثناء مراجعة المناهج التربوية لاسيما فيما يتعلق بترسيخ الهوية الحضارية المغربية بمختلف مكوناتها وأبعادها ، الشيء الذي حمل النصيب الأكبر للأكاديمية والنيابات في فشل تدريس الأمازيغية مما دفع بها إلى إصدار مذكرات لاختيار مدرسي التخصص دون تنفيذها كما ينبغي على أرض الواقع، همت فقط بعض المدارس هنا وهناك، لإغناء التقارير المرفوعة إلى من يهمه الأمر بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، فأضحى تدبير الأمر في بعض الأكاديميات التي يضرب بها المثل، كجهة سوس ماسة درعة في تراجع مستمر، وفي هذا السياق، قامت القناة التلفزية الثامنة الناطقة بالأمازيغية يوم الجمعة 23 دجنبر 2011 ببث برنامج حول واقع تدريس اللغة الأمازيغية بالمغرب انطلاقا من هذه الجهة، وما زاد الطين بلة، تدخل السيد مدير الأكاديمية بتصريحاته الرنانة بأن كل شيء على ما يرام، وأن تدريس الأمازيغية مميز،ويسير وفق توجيهات الوزارة، أفقيا وعموديا بالقطاع العام والخاص، دون أن يبذل أي مجهود لتفقد الواقع المزري الذي يتخبط فيه تدريس اللغة الأمازيغية داخل المؤسسات التابعة لأكاديميته، ولتوضيح هذا التناقض نأخذ على سبيل المثال نيابة تنغير الفتية في هذا الشأن منذ أن كانت هذه البلدة تابعة لنيابة ورزازت إلى يومنا هذا. وبالعودة إلى الوراء ثلاث سنوات، نجد أن نيابة ورزازات كانت أكثر سخاء في تدبير أمر التخصص حيث تم تعيين ثلاثة أساتيذ بأربعة مؤسسات بالمجال الحضري، وتكلفوا جميعا بتدريس المستويين الأول والثاني، وكانت المبادرة آنذاك تبشر بالخير في أفق التعميم لتشمل جميع المستويات وكل المدارس التي تتوفر على ثماني مستويات على الأقل. إلا أن التقسيم الإداري الجديد حال دون إتمام هذا المشروع وإجهاضه في سنته الثانية. وبعد ذلك تغير كل شيء، خاصة لما أصبح تدبير الأمر بيد النيابة الفتية، وأصبحت اللغة الأمازيغية آخر شيء يفكر فيه، ولم يتم إلا إعادة تعيين أستاذين فقط ، بدلا من ثلاثة سابقا، بمدرستين فقط . أما السنة الحالية، فتقلص العدد إلى أستاذ بمدرسة واحدة فقط، يدرس اللغة الأمازيغية تارة ويعوض أستاذا غائبا تارة أخرى، وهل بهذا المنطق ستستقبل اللغة الأمازيغية الدستور الجديد الذي جعل منها لغة رسمية للبلاد والعباد؟ وقامت النيابة بتنغير بعد ذلك بإصدار المذكرة رقم 18 بتاريخ 24 أكتوبر2011 لانتقاء أساتيذ التخصص بالمجال الحضري والشبه الحضري في إطار الارتقاء باللغة الأمازيغية وتفعيل المذكرات الوزارية، لتدريس المستويات: الثالث والرابع والخامس والسادس، إلا أن تفعيل مضمون هذه المذكرة لم يرى النور بعد بسبب شرط وجود الفائض من المدرسين، كما جاء في المذكرة. وتبقى بذلك هذه المذكرة كمثيلتها حبرا على ورق. أما القطاع الخاص الفتي بمركز تنغير، فمنهم من لم يبذل أي جهد في إدراجها في البرامج الدراسية قط، رغم وجود مبدأ التخصص واليد العاملة في هذا المجال. ولازالت اللغة الأمازيغية تنتظر من ينصفها !