بعد أربعة أشهر ونصف من النضال، وهي مدة ليست بالهينة، لابد من وقفة تأملية من أجل نقد ذاتي بناء، لتحديد ما تحقق من المكتسبات على أرض الواقع معنويا على الأقل، وكيف يمكن المحافظة عليها، في وقت لا يسمح فيه بالتراجعات. وحسب ما جاء به مقال "مسار القضية الايميضرية: من الاعتصام إلى الاعتقال إلى أين؟"، ومقالات أخرى هنا وهناك في المواقع الالكترونية- كبداية للنقد الذاتي البناء، لتقييم الوضع الراهن للاعتصام قصد تحديد مواطن القوة والعمل على صيانتها، وتحديد مواطن الضعف للانطلاق منها لتجاوزها- يمكن جرد بعضا من هذه المكتسبات، وهي على الشكل التالي: • تم الحد من التأثير المباشر لأعداء القضية، سواء كانوا من أفراد القبيلة أو خارجها، وكلهم من بلطجية الشركة، يستفيدون من الوضع سابقا ولا يريدون التغيير نهائيا، أضف إلى ذلك بعضا من الأفراد المنتخبين داخل المجلس الجماعي الذين لا يهمهم إلا المال والمصالح الشخصية، وهم ضد التيار ولا يرغبون في التغيير هم كذلك. • تضامن جميع الساكنة الإميضرية فيما بينهم، والاصطفاف وراء حركة على درب 96 ، وهو المصدر الشرعي الوحيد لتفاوض الحركة مع الشركة، مع العلم أن الحوار أصلا قد يكون مع اللجنة السلالية والمجلس الجماعي حسب القانون المعمول به لولا هذا الكم الهائل من الشيوخ والنساء والشباب والشابات، وتجدر الإشارة إلى أن أي اتفاق مهما حصل وأينما كان مصدره لن يفعل إلا بعد المصادقة عليه في دورة لمجلس الجماعة عادية كانت أو استثنائية، وهي نقطة مهمة يجب الاهتمام بها، وإعطاءها ما يناسبها من الوقت والتأمل لأسباب عدة آتية في فقرة تالية. • الإصرار على الوحدة حتى تحقيق المطالب المشروعة كلها، مع الاستفادة منها بكل كرامة و حرية، ويتضح هذا الإسرار في نقطتين مهمتين أولها مقاطعة المؤسسات التعليمية إلى درجة أن السنة البيضاء تلوح في الأفق، وثانيها مقاطعة التصويت في الانتخابات البرلمانية، وذلك للتأكيد على مواصلة النضال؛ إلا أن هذين القرارين لم يؤثرا في أصحاب القرار للتعجيل في اتخاذ القرار المناسبة، لأن تأثيرها لم يكن مباشرا لكسر تعنت الشركة، عكس قرار عدم تجديد اتفاقية التزود بالمياه الجوفية وقرار عدم تجديد استغلال المقالع اللذان هم العمود الفقري للرفع من الإنتاجية، ويستحسن الاكتفاء بكل هذه القرارات، بما أن تنفيذها ناجح تماما ولصالح الحركة الاحتجاجية و لاستمرار الاعتصام بشكل سليم وسلمي. وكل هذه المؤشرات تذل على نجاح مرحلة المكتسبات المعنوية بكل المقاييس، ولابد من الدخول في مرحلة المكتسبات المادية والملموسة، التي تتجلى في تحقيق كل الحقوق المشروعة التي تطالب بها ساكنة إميضر، وهذا لن يتحقق إلا بتضافر جهود جميع الساكنة انطلاقا من الإجراءات التالية: • الحفاظ على تماسك واتحاد الساكنة لضمان أكبر قدر ممكن من القوة التفاوضية مع الشركة، • التسجيل باللوائح الانتخابية الحالية لاختيار ممثلين أكفاء بالمجلس الجماعي، • التصويت بكثرة عليهم لضمان نجاحهم. • تجاوز كل الاختلافات والاعتبارات المرجعية و الأيديولوجية، أثناء انتخاب المرشحين الأكفاء بغض النضر عن الانتماء الحزبي. • تجنب مقاطعة الانتخابات المحلية، والتريث في اتخاذ مثل هذا القرار، لأنه قد لا يكون في صالح المعتصم. ولتوضيح كل هذه الأمور بالتفصيل، لابد من التطرق إلى بعض السيناريوهات الممكنة: أولها: المقاطعة الشاملة للانتخابات المحلية في هذه الحالة لن يصوت أحد، والمقاطعة ستكون مائة بالمائة، وبالتالي تحقيق حد أقصى من التضامن والاتحاد، ولا مجال للتنازلات حتى تحقيق المطالب المشروعة، إلا أن الجماعة القروية لن تتوقف عن تقديم الخدمات العمومية التي يقدمها هذا المرفق للساكنة كنسخ من عقد الازدياد ومصارف التسيير مثلا، لهذا ستسير من طرف متصرف أو متصرف مساعد، في غياب تام لممثلي الساكنة، وقد يكون هذا المتصرف قائد القيادة التي تنتمي إليها الجماعة، إلى أن تعاد الانتخابات من جديد، وللمسير الجديد كل صلاحيات رئيس الجماعة كاملة، وستعود الجماعة إلى فترة ما قبل 1976 وما تحمله من مميزات، إلا أن هذه الحالة ستبقى مجرد احتمال للاعتبار فقط، لأن هناك بلطجية ستصوت لا محال، كما وقع في انتخابات 25 نونبر، حيث بلغت نسبة المشاركة بجماعة إميضر حوالي 16 بالمائة. ثانيها: التصويت في الانتخابات المحلية دون اهتمام لجنة المعتصم بها. وتنقسم هذه الحالة إلى قسمين حسب نسبة المشاركة في التصويت وهي كالتالي: 1- نسبة المشاركة أقل من 50 بالمائة تعبر هذه النسبة على فقدان المجلس المنتخب مسبقا شرعيته التفاوضية باسم الساكنة، على أن النسبة المتبقية ستتحسب لصالح لجنة الاعتصام، وقد تكون النتائج والمكاسب المادية في أحسن الظروف متوسطة بالمقارنة مع كلفة ومدة الاعتصام. 2- نسبة المشاركة أكثر من 50 بالمائة قد تكون النتيجة في هذه الحالة متواضعة إلى سلبية، بسبب فقدان الحركة لقوتها التفاوضية، لأنه لا يعقل أن يعتصم الفرد ويصوت في الوقت نفسه لأعداء القضية المباشرين، وهذا احتمال كذلك جد مستبعد وهو للاعتبار فقط. ثالثها: الترشح والتصويت في الانتخابات المحلية لصالح من يرضى عليهم المعتصمون. وهي الحالة المثالية، الذي ستجتمع فيه كل القوى، وستنكشف كل الخبايا التي تم دفنها داخل أصوار الجماعة العالية، بفضل الديمقراطية وشرعية الصناديق، والولوج الصحيح للمعلومة والوثائق الرسمية، ستتسلح الساكنة بأفضل سلاح لإتمام ما بدأه رفاقهم على درب 96، والانتصار على أعداء القضية نهائيا، وستفتح كل الأبواب خاصة باب القضاء لتفعيل المتابعات القضائية الضرورية عن طريق المجلس الجماعي.