خفافيش التشهير في ملاعب الصحافة    جمهورية غانا الدولة 46... والبقية تأتي بعد حين    عبد الله البقالي يكتب حديث اليوم..    هل يمكن مع البام أن نمضي إلى الأمام؟    "التقدم والاشتراكية" يدعو إلى نقاش عمومي حول مدونة الأسرة بعيدا عن التضليل والتحوير    السكوري: الحكومة مستعدة للقيام بتعديلات جوهرية في قانون الإضراب    شركة "ريان إير" تطلق خطا جويا جديدا يربط بين مدريد والداخلة    إنتاج الحوامض بحوض ملوية يتجاوز 192 ألف طن في 2024-2025    أسعار النفط تواصل خسائرها وسط ارتفاع مخزونات الوقود الأمريكية    طوفان الأقصى: أوهام الصهيونية    "كارفور" تُغلق أبوابها في عُمان نتيجة حملة مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل    الكوكب يتجاوز رجاء بني ملال وينتزع الصدارة والمولودية ينتفض برباعية في شباك خنيفرة    أتليتيكو يستغل غياب البارصا والريال    لامين يامال يفضل نيمار على ميسي    إصابة جديدة تبعد الدولي المغربي أشرف داري عن الملاعب    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    533 عاماً على سقوط غرناطة آخر معاقل الإسلام فى الأندلس    حول الآخر في زمن المغرب ..    تايلور سويفت تتصدر مبيعات بريطانية قياسية للموسيقى    المغرب إلى نصف النهائي في"دوري الملوك"    تعيين مهدي بنعطية مديرًا رياضيًا لأولمبيك مارسيليا    الكأس الممتازة الاسبانية: برشلونة يتأهل للنهائي بعد فوزه على بلباو (2-0)    كأس الرابطة الانجليزية: توتنهام يفوز في ذهاب نصف النهاية على ليفربول (1-0)    الذهب يتراجع بعد أن وصل لأعلى مستوياته في نحو أربعة أسابيع    حصيلة حرائق لوس أنجليس ترتفع إلى خمسة قتلى    كيوسك الأربعاء | هيئات سيارات الأجرة تدعو لمناظرة وطنية للحسم في جدل تطبيقات النقل    المنصوري تشرف على توقيع اتفاقيات لتأهيل مدن عمالة المضيق الفنيدق    وفد عن مجلس الشيوخ الفرنسي ينوه بالزخم التنموي بالداخلة لؤلؤة الصحراء المغربية    بعد إلغاء اجتماع لجنة العدل والتشريع لمجلس النواب الذي كان مخصصا لمناقشة إصلاح مدونة الأسرة    مشروع قانون الإضراب.. السكوري: الحكومة مستعدة للقيام ب "تعديلات جوهرية" استجابة لمطالب الشغيلة    الريف يتوشح بالأبيض.. تساقطات ثلجية مهمة تعلو مرتفعات الحسيمة    طنجة: ثلاث سنوات حبسا لطبيب وشريكه يتاجران في أدوية باهظة الثمن للمرضى    ترامب يقف أمام نعش الراحل كارتر    جيش إسرائيل يفتك بأسرة في غزة    الشرطة بطنجة تُطيح ب'الشرطي المزيف' المتورط في سلسلة سرقات واعتداءات    قريباً شرطة النظافة بشوارع العاصمة الإقتصادية    هجوم على قصر نجامينا يخلّف قتلى    لقاء يجمع مسؤولين لاتخاذ تدابير لمنع انتشار "بوحمرون" في مدارس الحسيمة    ناسا تعدل خططها لجلب عينات صخرية من المريخ    "الضحى" و"مجموعة CMGP" يهيمنان على تداولات البورصة    السجن المحلي لطنجة يتصدر وطنيا.. رصد 23 حالة إصابة بداء "بوحمرون"    "الباسبور" المغربي يمكن المغاربة من دخول 73 دولة بدون "فيزا"    الإعفاءات الجزئية لفائدة المقاولات المدينة: فتح استثنائي لقباضات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يومي السبت والأحد    ترامب ينشر خريطة جديدة للولايات المتحدة تضم كند    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    عامل إقليم السمارة يشيد بأهمية النسخة الثامنة لمهرجان الكوميديا الحسانية    مولاي إبراهيم الشريف: مهرجان مسرح الطفل بالسمارة يعزز بناء جيل مثقف    بنسعيد: الدعم الاستثنائي للصحافة بلغ 325 مليون درهم خلال سنة 2024    منظة الصحة العالمية توضح بشأن مخاطر انتشار الفيروسات التنفسية    نجم موسيقى الستينيات "بيتر يارو" يرحل عن 86 عاما    "الصدفة" تكشف عن صنف من الورق العتيق شديد الندرة    أوجار يدعو الوزراء إلى النزول للشارع ويتحدث عن نخبة اقتصادية "بورجوازية" ترتكب جريمة في حق الوطن    مواجهة تفشي بوحمرون يجمع مسؤولي الصحة والتعليم بالحسيمة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    دراسة: الحليب لا يفرز البلغم عند الإصابة بنزلات البرد    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    الأوقاف تعلن عن فتح تسجيل الحجاج إلكترونيا لموسم 1447 هجرية    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام -3-    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسرحية الانقلاب العسكري
نشر في أخبار الجنوب يوم 28 - 07 - 2013

ظهرت منذ الساعات الأولى التي تلت الانقلاب العسكري بمصر، الخلفيات التي ارتكز عليها مدبرو الانقلاب، والذين جعلوا من المشهد السياسي المصري مسرحا للعلب الكومبارس وأزلام النظام السابق لسيناريو المعد لهم، لجر البلاد إلى الصراع والانشقاق والتراشق الإعلامي بين المعارضين لحكم الإخوان وبين المناصرين له من أطياف الحركات الإسلامية ومن طبقات واسعة من الشعب المصري، وخلق حركة في أوج المعمعة السياسية تحت أعين الجيش ومباركته، و جبهة للإنقاذ لتوحيد شتات الحزب الوطني ورجالات سياسة وإعلام من زمن النظام السابق والمستفيدين من عودته، للدفع بالبلاد إلى البلقنة والتوتر وخلط الأوراق، لتفسح المجال واسعا إلى القوات المسلحة للتدخل وفرض أجندتها كحكم بين طرفي النزاع، وتسقط الشرعية الديمقراطية التي جاءت بالإخوان المسلمين إلى الحكم، والتي اعترف بنزاهة انتخاباتها الكل، لتنكشف المؤامرة والخلفيات التي كانت تؤطر معارضي مرسي والأيادي الخفية المحركة لهم، ليظهر بما لا يدع مجال لشك أن خلفيات الانقلاب تختلف عن سابقيه، من حيث توقيته وأهدافه.
فانقلاب 30 يوليوز2013 _الذي جاء بعد حملة لجمع توقيعات ضد الرئيس محمد مرسي من طرف حركة تمرد المصرية ومسيرات صرفت عليها أموال البترول ومتابعة إعلامية منقطعة النظير من طرف كل الفضائيات المصرية واستخدام الجيش للطائرات للتصوير، كان الهدف منه والمخطط له أن يضفي الشرعية لتدخل الجيش لتنفيذ مخططه بعد ما يوهم الشعب المصري بأن البلاد تصير إلى الانقسام والتشرذم لتنفيذ برنامجه وإعادة حكم العسكر إلى البلاد وإرجاع بقايا الحزب الوطني إلى الحكم_ والذي يظهر جليا من أوله انه ضد الإخوان المسلمين خاصة والدين الإسلامي عامة، ويتجلى ذلك من حجم الفضائيات الدينية المغلقة من طرف الجيش من دون سند قانوني بعد دقائق معدودة من خطاب عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع وصانع الانقلاب العسكري ، وحجم الاعتقالات التي عرفها رجالات وكوادر الحركات الإسلامية المصرية والدعاة وحجم المغلطات في حق الإسلاميين من طرف الإعلام، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى العمل على قطع الطريق على جماعة الإخوان المسلمون و حزب الحرية والعدالة الذي ينتمى اليه رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي، خوفا من بسط سيطرته على دواليب السلطة في مصر، مما سيقوي الجماعة داخليا ويعود على تنظيم الجماعة في الدول العربية، وهذا ما يتخوف منه دول عربية و غربية وجعلها تساهم في الانقلاب العسكري.
ويظهر جليا هذا التخوف، من حجم الدعم الذي لُقِيَه الانقلاب على الشرعية الدستورية والذي تفاعل مع التدخل العسكري في الشؤون السياسية بعد ساعات قليلة ، بمباركة الانقلاب العسكري من دول بترودولار، و التسابق إلى تقديم مساعدات بملايير الدولارات إلى مصر، من أجل إنجاح الانقلاب ومساعدة الانقلابين في بث الطمأنينة في صفوف الشعب المصري وإكمال مشاهد المسرحية البالية.
الدعم الخليجي المباشر والعلني للانقلاب العسكري سياسيا وماديا، وتعدد المواقف في الإدارة الأمريكية حيال الشأن المصري، يبين حجم الخوف من وصول الإسلاميين إلى الحكم، سيما إن تعلق الأمر بدولة كمصر، محور الدول العربية والإسلامية، وإستراتيجية الموقع الذي تحتله جغرافيا وسياسيا، بجوارها فلسطين جرح الأمة الإسلامية.
ولعل مما زاد كره الغرب والدول التابعة إليه في المنطقة والناقمة عن حكم الإخوان في مصر، هو مشروع النهضة التي يحمله الدكتور محمد مرسي والأهداف التي يشتغل عليها، والذي ما فتئ يذكر بها في خطاباته، على أن برنامجه يتلخص بالأساس إلى تحقيق العيش الكريم للمصريين وهذا لن يتأتى إلا بتحقيق مصر للاكتفاء الذاتي من القمح والمواد الغدائية والطاقية التي يحتاجها الشعب، وتقوية القطاع الصناعي والتكنولوجي، وإعادة الإنتاج الحربي إلى العمل، لامتلاك مصر السلاح والعتاد الخاص بها وتخفف في نفس الوقت من ثقل الميزانيات التي تصرف على شراء السلاح من الدول الغربية، يجعلها حرة ولا ترضخ للإملاءات والضغوط التي تفرض من المتحكمين في سوق السلاح.
رؤية محمد مرسي لتحقيق الاكتفاء الذاتي في المواد الأساسية المهمة للبلاد والسلاح والإنتاج الحربي وتطوير الاقتصاد ودخول سوق الإنتاج التكنولوجي، تجعل مصر تمتلك مصدر استقلالها وتخرج من طوق التبعية للدول الغربية، وتصبح مصر حرة في قراراتها ولا تفرض عليها إملاءات وضغوط الغرب والمؤسسات المالية.
ومن القضايا كذلك التي جعلت القوى الغربية و دول بترو دولار التسريع بإسقاط حكم محمد مرسي، والدفع بالقوات المسلحة المصرية وفلول النطام السابق النائمة في مختلف القطاعات الحكومية والهيئات السياسية، للضغط عليه من خلال افتعال أزمات سياسية و مجتمعية معيشية لإسقاط هذه التجربة، وإيهام الشارع المصري والدولي بفشل مرسي في تدبير شؤون البلاد لغياب برنامج سياسي واضح لقيادة مصر في ظل الظرفية التي تمر منها البلاد، هي سياسة محمد مرسي تجاه القضية الفلسطينية، جرح الأمة الذي لم يندمل.
قضية فلسطين التي تعتبر خطا أحمر في الأجندة الأمريكية، وملف حساس تلتقي خيوطه مع مصالح الكيان الصهيوني، فتاريخيا لم يقدم رؤساء مصر أي شيء لفلسطين بدون مباركته من طرف الكيان الغاصب والولايات المتحدة الأمريكية، وهي القاعدة التي عمرت لعقود في الدبلوماسية المصرية وتعاملها مع ملف فلسطين، والتي جعلها محمد مرسي في سنة واحدة من حكمه متجاوزة، شهد له بها القاصي و الداني على أن قطاع غزة عرف انتعاشا بعد سنوات طوال من الحصار الصهيوني الغاصب جوا وبرا وبحرا، وإغلاق مصر سنوات حسني مبارك لجميع المنافذ البرية وغلق الأنفاق، ومنع دخول قوافل المساعدات الطبية والغذائية.
ففترة مرسي وان كانت قليلة إلا أنها ساهمت في قطع الحصار الصهيوني على غزة وإعادة فتح المعابر التي تعتبر شريان حياة قطاع غزة، والسماح بدخول المساعدات والقوافل العربية لفلسطين، وإعادة اشتغال الأنفاق، وكانت حقبة مرسي كرئيس جمهورية مصر حافلة بزيارة شخصيات عربية وإسلامية إلى قطاع غزة للوقوف على حجم المعانات و تقديم المساعدات للفلسطينيين بشكل مباشر و أيضا كانت فترة مهمة سمحت لكوادر و قيادات حماس في التنقل والتواصل مع الدول بشكل كبير لم تعرفه فلسطين سابقا، وكذا فرصة ثمينة تجلت في زيارة خالد مشعل لغزة، بعد عقود طويلة من الغربة.
و يبقى الخطر الكبير الذي يتخوف منه دول بترو دولار بزعامة السعودية و الإمارات والأردن، الخوف من زيادة توسع الإخوان المسلمون على طول الدول العربية وتصدير النموذج الإخواني مما يهدد الملوك والأمراء الجاثمين على رقاب الأمة والمحتكرين لخيرات بلدانهم، و لعل تصريح ضاحي خلفان كان ملخصا لموقف الدول الخليجية من الإخوان المسلمون، الذين يرون فيها خطر كبير على دولهم أكثر من الكيان الصهيوني، تصريح يؤكد حجم العداء و الكراهية للإخوان المسلمون، والذي يفسر مباركة الانقلاب العسكري ومساعدة الانقلابيين، والتنسيق الاستخباراتي بين الأردن والإمارات والفريق الانقلابي، من أجل إقبار هذه التجربة في مهدها، و ليس من اجل المساعدة لدولة مصر، أو في عيون السيسي، فنجاح تجربة الإخوان المسلمين في مصر، أكيد سيكون له انعكاساته لامحالة على كل الدول العربية ، وعلى الحركات الإسلامية وتنظيم الإخوان المسلمين العالمي في ليبيا وسوريا والأردن وفلسطين و باقي الدول، و سيفتح أبواب كانت موصدة عليهم من قبل، وتصبح مصر قبلة الحركات الإسلامية وراعية لأنشطتهم ومؤتمراتهم، وهذا ما يتخوف منه الغرب و أدنابه في الدول العربية.
فشل مسرحية الانقلاب العسكري ذات التمويل الخليجي والسيناريو الغربي-الصليبي بكومبارس مصري أمثال السيسي والبرادعي وعمرو موسى وكراكيز تمرد، جعلت من الشعب المصري أكثر يقينا وإصرارا على مواصلة المشوار الديمقراطي الشرعي خلف الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي رغم كل المجازر والوعيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.