نحن مجتمع متعدد في هويته ، نحن شعب تمتزج فيه الجذور الأمازيغية والأوروبية والمتوسطية والعربية والإفريقية حسب الترتيب التاريخي (حسب الظهور ، باللغة السينمائية !) ، شعب عرف الغزو الروماني والبيزنطي والوندالي والاحتلال البرتغالي والإسباني ثم الاستعمار الفرنسي والإسباني (أوروبا) ، كما عرف غزوا فينيقيا وقرطاجيا (المتوسط) وعرف غزوا واستيطانا عربيين ، ونزوحا ونزيفا إفريقيين عبر تجارة الرق والنخاسة والتجنيد (جيش البخارى مثلا) !! نحن شعب تعددت معتقداته بدءا بالديانة اليهودية التي كانت أول ديانة سماوية ترسخت جذورها في المغرب قبل الغزو الروماني البيزنطي والعربي ، وبعد نزوح الموريسكيين من الأندلس الذين كانت أعداد هامة منهم يهودا ، مرورا بالمجوسية والوثنية التي لا زالت آثارها بارزة في بعض الممارسات والطقوس ، وانتهاء بالإسلام الذي يعد ديانة غالبية المغاربة حاليا والذي انتشر وتعمم بعد الغزو العربي تدريجيا ، إضافة إلى أقلية مسيحية معلنة عبر التجنيس أو سرية خوفا من أحكام الردة ، دون أن نهمل أعدادا من اللادينيين (أتجنب الحديث عن الإلحاد لأنه مصطلح ذو دلالة قدحية ولأن عددا منهم يؤمنون بالله ولا يمارسون أو لا يؤمنون بالدين ، وهذا موضوع آخر !!) اقتناعا أو ممارسة !! نحن شعب تعددت ثقافاته وتشعبت وأغنت تراثه الثقافي والفني والاجتماعي واللغوي : تراث ولغة وتاريخ أمازيغي موغل في القدم ومستمر خالد ، ولغة وثقافة وتاريخ عربي يمتد عبر أكثر من 14 قرنا ولا أظنه منتهيا بحمولته الدينية : الإسلام ، ولغات وثقافات متوسطية أوروبية عصرية (فرنسية ، إسبانية ، إنجليزية) بحمولتها الاستعمارية لكن بأبعادها الكونية التنويرية أيضا : الديمقراطية ، حقوق الإنسان ، الحريات العامة .... ثقافة وفن إفريقيان (الزنوجة la négritude) ، وما الفن الكناوي إلا امتداد لمعاناة الإنسان الإفريقي التاريخة (كما هو حال الجاز في و.م.أ) !! أمام هذا التنوع ، وهذا التعدد ، وهذا الغنى (أو المفترض أن يكون غنى) كيف يمكن مقاربة الوضع المغربي ديمقراطيا وسياسيا ودينيا ؟ كيف يمكن تحديد طبيعة الدولة والنظام والهوية لتجنيب وطننا مخاطر المآسي والمزالق المحتملة إن لم نتمكن من إيجاد أجوبة ناجعة وفعالة وديمقراطية عن هذه الإشكالات ؟؟ هذا ما سأحاول إثارة النقاش حوله في الحلقات القادمة من هذا الركن . .