إن الأمازيغية باعتبارها موروث ثقافي غني ومسيرة قرون من الإغتناء الحضاري والإنساني، تختلف كل الإختلاف حين نتحدث عن اللغة أو وسائل التواصل بين الأمازيغ فيما بينهم، والحق يقال أنها قطعت أشواطا من التسييس والتهميش على يد رواد القمع والمزايدات السياسية الذين أقبروا إرادة حاملي مشعل الأمازيغية كمكون للهوية الأمازيغية التي تمثلها أغلبية المغاربة من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب لا كفلكلور شفاهي يضمحل بتلاشي الجيل الأول والثاني ليخلفهم جيل يمزج بين –العمارية- في الأعراس إلى جانب –الشعبي- ضاربين بملحمة أحيدوس و تامديازت عرض الحائط. إن ما يميز اللغة الأمازيغية كقوة إلى جانب الثقافة كمكونين مكملين هما تلاحمهما في الزمان والمكان، إذ لا يمكن الحديث عن الأول في غياب الثاني، وأي إجحاف في حق الأصل الأمازيغي النقي هو إجحاف في حق الإنسانية ككل، وتغييب المشاركة الوازنة للأمازيغية لقرون في المشهد السياسي والثقافي المغربيين ليس إلا وليد إرادة سياسية لمحاولة تشكيل الصرح المستقبلي للمشهد السياسي المغربي الذي لم نرى منه إلا ما رآه من بنوا أهرامات مصر وماتوا سحقا تحت أحجار التكبر والنرجسية، لتبنى حضارة فرعونية على حساب أيتام وأرامل استسلموا لإرادة عليا أقصت دورهم كأفراد وكمكون مجتمعي يعول عليه في بناء مقومات المدينة المتحضرة كرد للجميل،ولا يختلف الأمر كثيرا هنا ففي حين دافع الأمازيغي عن حرمة قبيلته ومحيطه إلى جانب قرينه العربي في المدينة ضد الإحتلال وضد الخضوع للقوة التي تبحث لها عن أسواق جديدة لتصريف فائضها وعن موارد جديدة ومصادر للإغتناء على حساب الإرادة الشعبية، ظهر متطفلون لم يحملوا السلاح، بل حاولوا اللعب على أوراق كل من العدوين المستعمر كممثل للحضارة والتقدم وأسرة المقاومة كذريعة لإخفاء نواياها السوداء، وفي حين حملت -عيشة وتودة وهرا حماد وعسوا باسلام وموحا أحموا الزياني- بوشفر وحجارة ثقيلة من جبال دادس وصاغرو وأيت عطا للدفاع عن عذرية الجنوب والجنوب الشرقي تكالب الفاشيون والبرجماتيون ليعدوا مخططا صهيونيا بامتياز مكنهم فيما بعد من السيطرة على كل دواليب الحكم والمراكز الحساسة في البلاد ليقود جيلهم مسلسل القيادة والريادة لتواصل عيشة وتودة مسيرة إخوانهن ممن بنوا أهرامات النخبة في بلاد النيل.. إن المشهد السياسي المغربي الحالي للأسف وبكل صراحة لا يمثل سوى استمرارا لسياسة الواجهة التي تنهجها النعامة التي تخفي رأسها في الرمال ظنا منها أن سائر جسدها أما عينيها، في اختباء متواصل أمام إرادة شعبية مقتنعة كل الإقتناع أن اللعبة السياسية والصرح المؤسساتي لم يصبح سوى قبلة لنشر الدعاية والاغتناء من ثروات البلاد التي لم يجدوا محاسبا ولا راضخا الشيء الذي جعل أشخاصا رفضوا سيطرة النخبة يدفعون جلودهم ثمنا لتمردهم وتهكمهم أمام نعم هم من عملوا وعرقوا من أجلها في حين كان ذووا الإمتيازات يتخبطون في بذخ صارخ لم يجدوا أي سبب يجعلهم ينظرون للمصلحة العليا للبلاد، ليولد جيل من الخوف والترهيب أشرب الخوف قبل أن يفطم ويسقى الترهيب قبل أن يدخل إلى براءة الطفولة، بين الجدار الأسود والبئر الظلم العميق الذي أحسن المخزن تمثيله في وجودنا وحتى في غيابنا .. إن مسألة تطهير الأمازيغية ليست مسألة يوم وليلة بل هي مسألة إرادة شعبية حرة تجمع على كلمة واحدة وتنطق بها في نفس اللحظة لأن لا تظهر فئة مخربة وطفيلية كما حدث لأجدادي، وما يزيد من ملامتي هو كيف أصبحت بلاد الأمازيغ قبلة للتحريض على الإنحلال والتسيف والمعاملات غير المواطنة، كأوكار الدعارة التي أصبح وجودها بالنسبة لنا كحاجتنا للماء والهواء وأنا أتساءل عن مصير أسراب الزوار لهذه البقع المباركة كيف سيتعاملون مع مستقبل ترحيل الخليلات اللواتي ألفوا زياراتهن وتقديم الهدايا وتبادل التحايا ناهيك عن ما يحدث من اختلالات على مستوى التنظيم المقنن لإمبراطورية الفساد-قلعة امكونة- التي أصبحت تسير عن طريق أيدي خفية تحاول أن تجعل من الوضعية مكسب لهم وكل القلعاويين من إخواني يعلمون ماذا أقصد، فأنا من هذه البقاع المباركة التي أسميها شخصيا بلاد الثالوث –معتقل سري- في جبل يطل على مشارف قلعة امكونة قبالة وادي امكون، قضى فيه ممثلي اليسار أكحل أيام حياتهم من جراء التفنن في التعذيب الشيطاني الذي جعل من ورقة اليسار أنداك ورقة خاسرة، وفندق رائع على جرف جبل يطل على وادي امكون يجعل الزائر يحس بالتناغم بين طبيعة ساحرة ومجتمع نظيف وساذج أما المكون الثالث فهو أزقة قلعة امكونة التي تحدثت عنها مسبقا، هذه الأزقة التي أوت فتيات من كل الفئات العمرية ومن كل بقاع المعمور بلهجات وأجسام بل وبوجوه مختلفة. إذن فالزقاق والفندق والمعتقل السري أو السجن هم مكونات ألفها سكان مدينتي الحبيبة قلعة امكونة فلم أجد لها أي مغزى سوى أنها سنة أيادي خفية أرادت أن تنتقم وأن تجعل من الأمازيغ لا الأمازيغية ممزقي الشخصية وهاربين من اللعبة السياسية لصالح رواد الخطاب والمشهد السياسيين أمام تراجع دور المؤسسة على حساب قانون الشارع