تمنكت "هسبريس" من حل لغز "من تكون أول ملكة جمال لمهرجان الورود بقلعة مكونة الذي نظم عام 1962"، ووصلت بعد بحث مضني إلى بيت هاته "الملكة" وهي: السيدة "تودة أزمري"، 62 عاما، التي تنحدر من قرية تغرماتين على ضفاف وادي أمكون، والذي يعني "الجنين النائم ببطن أمه"، وهو أصل التسمية الحالية للمنطقة، وسط جبال الأطلس بإقليم تنغير. فرحت للا تودة أو ما تودة كما يناديها أبناء المدينة، باستقبالها لأول منبر إعلامي ببيت صغير تكتريه بمبلغ 600 درهم، تسكنه رفقة أبنائها الأربعة، بعد طلاق للشقاق من أبيهم "الأستاذ" قبل سنتين، بعد أزيد 20 سنة من الزواج. وتتقاضى مبلغ 800 درهم، عن حضانة الأبناء يرسلها الطليق الذي غادر وظيفته كمدرس في إطار المغادرة الطوعية، والذي لازال يزور أبناءه باستمرار في بيت مّا تودة ... وازداد فرح أول ملكة جمال للورود طالها نسيان مسؤولي المدينة، لما أخبرتها ابنتها "دوهو" بأن موقع "هسبريس" سيُسمع صوتها للعالم بأسره، مما جعلها تفتح قلبها إلى درجة البوح بأسرار لم يسبق لها أن أخبرت بها أبناءها. تقول مّا تودة أنها تزوجت للمرة الثانية، بعد حصولها على اللقب لأزيد من ثماني مرات، متتالية .. ولا زالت تتذكر أن السياسي عبد الرحمان الكوهن كان على رأس اللجنة التي اختارتها لأول مرة منذ بداية الستينات، في أول دورة لموسم الورود بعد الاستقلال، كما تتذكر أسماء وازنة في عالم السياسة والفن ممن جمعتها بهم مناسبات وطنية ودولية بالمغرب وخارجه. وتتذكر "الملكة" تودة أسماء لعدة مدن بالقارات الخمس للعالم، زارتها ممثلة المغرب كمكلة جمال الورود، وفي مناسبات أخرى رفقة فرقة "رقصة النحلة" أٌقدم مجموعة فلكلورية بمنطقة مكون، كانت للا تودة أول من قبلت الالتحاق بها من نساء المنطقة للمشاركة في الاحتفالات الرسمية في المناسبات الوطنية. وتحدث عن ذكرياتها في مدن طوكيو وباريس ومدريد وبرشلونة ومونتريال والقاهرة، وسبق لها أن شاركت في موسم الورود بالشقيقة تونس. وتتكلف مّا تودة سنويا بتزيين واختيار ملابس المرشحات للقب ملكة جمال الورود ببيتها القريب من مكان الاحتفال، "بدون مقابل طبعا" تقول للاّ تودة، وهذا لم يغنيها من المنع من ولوج فضاء الاحتفال، وحضور المراسيم الرسمية للمهرجان في عدة مناسبات، لأن الجيل الجديد من المنظمين لا يعرفون أن "ما تودة" لا زالت تحتفظ بالرقم القياسي لوصيفة ملكة جمال الورود بعد تحقيقها للقب لأزيد من 8 مرات متتالية، ولولا قبولها للزواج لحققت أكثر من ذلك.. تزوجت للا تودة من أستاذ ينحدر من ضواحي ورزازات جاء لحضور الحفل فسقط في حب أول سيدة جمال القلعة آنذاك، حيث احتفل بالزواج في أقل من أسبوع بعد تتويج الأخير بوصيفة ملكة جمال الورود، في بيت أهلها في نفس اليوم الذي جاء رفقة والديه لخطبتها، مع العلم أنها مطلقة بعد تجربة فاشلة قبل حوالي عشر سنوات، جاءت بعد تتويجه لأزيد من سبع مرّات... وتتذكر ملكة جمال قلعة امكونة، أنها حظيت بشرف دخول القصر الملكي والعيش إلى جانب الأسرة الملكية، لفترات متفرقة وفي مناسبات مختلفة، و انت تقدم الورود الدمشقية لأكبر زعماء دول العالم كلما حلوا ضيوفا على الملك الراحل الحسن الثاني، الذي ما فتئت تكرر وصفها لطيبوبته وكرمه وبساطته وانفتاحه... حصل طلاق للا تودة مع زوجها المدرس بتاريخ 10/10/10، ومن ذلك الحين وهي تعيش في ظروف مادية جد صعبة، ووجدنا على المائدة ببيتها مطبوعين لطلب المنحة الجامعية لابنتيها "دوهو وفاطمة الزهراء" المقبلتين على اجتياز امتحانات الباكالوريا، وتخشى ألا تستفيدا من المنحة، فيحكم عليهما بعدم الالتحاق بالجامعة... وحمّلت مّا تودة، الموقع، مسؤولية إبلاغ المسؤولين عن تدمرها من النسيان الذي طالها والإقصاء من رخص النقل، بعدما علمت بحصول أعضاء إحدى المجموعات الفلكلورية الحديثة العهد بالمنطقة على مأذونيات النقل العمومي، في الوقت الذي ضلت فيه أول مؤسسة لأعرق فرقة مكونية مثلت المغرب في عدة محافل دولية لعقود مضت، تتمزق بين سندان الفقر والنسيان... وفي جوابها عن ماذا كسبت من مسارها الفني، قالت إنها تمكنت من بناء بيت طيني لإخوتها وأمها بدوار "تغرماتين" مسقط رأسها. ولم تنسى أن رؤساء الفرقة الفلكلورية واللجن التي كانت ترافقها في رحلاتها كانت تسلبها مجموع الهدايا والمبالغ المالية التي كانت تحصل عليها من لدن شخصيات سياسية وفنية في كل بقاع المعمور.. وتحتفظ للاّ تودة بصور فوتوغرافية وبطائق بريدية تحمل ذكريات شبابها، إلى جانب جرائد باللغة الفرنسية والانجليزية، تعود تواريخها إلى نهاية سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، ولا زالت تتذكر أسماء منابر إعلامية اهتمت بمسارها الفني خارج أرض الوطن.