داود بوكيس من مواليد أيت أوفي قبيلة أيت سدرات الجبل السفلى، امتهن الغربة باكرا، فمنذ أواخر الثمانينات التحق كباقي رفاقه من المنطقة إلى الدارالبيضاء بحثا عن لقمة العيش وذلك نظرا أن المنطقة لا تجود لساكنتها إلا بفيضانات واد بُويْقُلَّى، الذي ينبع من منطقة أيت عتو أموسى، قبيلة أيت حديدو، قيادة امسمرير، إضافة إلى أن الرقعة الجغرافية كانت ولا تزال تصنف ضمن مغرب الدرجة الثانية وذلك بانعدام أو قُلْ رداءة بنيتها التحتية وغياب المرافق الاجتماعية، اللهم إذا استثنيا النشاط السياحي الجبلي والذي أصبح حكرا على مقاولة الأسفار لا تستفيد فيه الساكنة إلا من الأوحال والقاذورات باستثناء أشخاص ممتهنين حرفة السمسرة في كل شيء وقادرين على فعل أي شيء في سبيل الاقتناء اللامشروع، بتواطئ مكشوف مع نواب أراضي الجموع وتحت صمت رهيب وفي بعض الأحيان تنسيق مكشوف مع السلطات المحلية الذين لا يزالون وللأسف الشديد يحملون سمات وبذور سنوات الجمر والرصاص. قلت أن داود هذا الصحفي المجهول أفنى عمره بالدارالبيضاء منذ أواخر الثمانينات إلى حدود متم التسعينات مسافرا متجولا من أستوديو للتصوير إلى آخر ومن مصور حفلة عائلية إلى مصور الحفلات الرسمية بالدارالبيضاء ليلتحق كمصور لجريدة الصحراء المغربية، مدة كاملة بالدارالبيضاء وداود وفق شهادته كان عبارة عن سلعة تباع وتشترى في السوق السوداء وفق قانون العرض والطلب والمردودية لثروة غير مشروعة. أخيرا شاءت الأقدار أن نلتقي بداود بقلعة مكونة نادلا كعادته ومبادئه ومسافرا متجولا من مقهى إلى أخرى ضحية للطرد التعسفي وبالتزامات عائلية (أب لولد وجنين في البطن) ليستقر أخيرا كحارس منزل عتيق بميرنة قلعة مكونة مقابل الاعتناء بحديقة صاحب المنزل. أثناء أخذ ورد ونقاش مرير استفاض ساعات وساعات اقتنع داود أخيرا بالرجوع إلى عمله الأصلي كصحفي مصور وذلك لاسترجاع أمجاد الدارالبيضاء (صحفي مصور لجريدة الصحراء المغربية) وكذلك لأجل رد الاعتبار إليه كإنسان عاش سنين متعددة تحت وطأة الإقصاء والتهميش والتسلط. فلأجل انتشال داود من وضعية القهر والفقر هاته ورد الاعتبار إليه كطاقة شابة محلية خلاقة تريد مزيدا من العطاء نناشد كل المنابر الإعلامية إلى أخذ بيد هذا الصحفي المصور المجهول الهوية.