img src="php/miniature.php?pic=../img/1288_2.jpg&h_max=280&w_max=336" alt=" من يقف ضد إنشاء سد "تنزميت" باحصيا اقليم تنغير؟" align="middle" / لقد بات أغلب سكان منطقة احصيا قيادة النيف باقليم تنغير يدركون جيدا ان إنشاء سد على فج تنزميت بوادي صاغرو الكبير سيحل الكثير من المشاكل والمتاعب الفلاحية والاجتماعية والاقتصادية بالمنطقة ، بل وسيغير وجه المنطقة برمتها إن كتب لهذا المشروع- الذي طال انتظاره- ان يخرج من براثن العدم الى حيز الوجود.لكن ما قصة عدم إنشاء هذا السد الذي يرى فيه الكثير من ساكنة المنطقة مصلحة منطقتهم والمخرج الوحيد مما يرزحون تحته من نير ويلات الجفاف والتهميش والنسيان وزحف الرمال؟. لا يختلف إتنان على أن الأساس الذي قامت عليه واحات احصيا منذ القدم هو الماء..ويمكن تصنيف مجتمع هذه المنطقة ضمن ما يدعى في عرف علماء علم السكان ضمن المجتمعات البرمائية التي استوطنت منذ القدم ضفاف نهر صاغرو وانشأت عليها حضارة واحية متميزة لازالت القصور والقصبات التي تم بناؤها على امتداد الواحة شاهدة على تلك الحقبة التاريخية تخلد أمجاد تلك الحضارة الواحية الغابرة.إن الأساس الذي بنيت عليه البنية الإجتماعية لمنطقة احصيا هو الفلاحة، لكن مع تواتر سنوات الجفاف والقحط وانقطاع أمياه الأنهار التي تجود بها روافد جبال صاغرو بدأت تلك البنية الأساس في التفكك، وراح الإنسان الحصيوي يبحث عن مخارج وبدائل اخرى والتي لم يجد منها الا الهجرة إما الى المدن الداخلية، أو الى شمال للبلاد، أو الى ما وراء البحار..ورغم كل هذه الهجرات التي مست أغلب العائلات، فالإنسان الحصيوي ظل مرتبطا بمنطقته رغم جحودها..فالطيوركما يقال مهما هاجرت الى كل اصقاع الدنيا البعيدة لابد يوما ان تعود الى عش الأجداد.فأغلب الناس الذين جالوا اغلب مدن البلاد وحتى الخارج ظلوا يفكرون في حل لتنمية منطقتهم زمن الجمعيات والمجتمع المدني و رفع شعارات التنمية المحلية المستدامة ..لاتخلو بلدة من بلدات احصيا مما يسمى بالخطارات التي هي المصدر الرئيسي الاساسي للفلاحة ولإستقرار الساكنةلعقود وعقود طويلة من الزمن .لكن مع استفحال الجفاف وضعف الفرشة المائية الباطنية ،وظهور تقنيات التنقيب الحديثة لضخ المياه الجوفية من عمق الأرض باكثرمن 100متر قضى على نظام الخطارات التي لا يتجاوز عمق آبارها في احسن الأحوال 9أمتار. نبذة تاريخية عن المشكلة لكي نفهم مشكلة هذا السد المنتظر والذي هو موضوع خلاف كبيربين سكان بلدة اعشيش وباقي بلدات احصيا ،لابد ان نذكر اولا ان موقع بلدة اعشيش يوجد بمحاداة المنطقة التي تضم الفج المزمع انشاء السد المفترض فيه.بما ان لكل مشكلة تاريخها ومراحل قطعتها قبل ان تصبح مشكلة تطرح نفسها بحدة على الناس ،فإننا لايمكن فهم مشكلة هذا السد إلا بالعودة الى الجدور الأولى للمشكلةلتنوير الرأي العام حول هذا الموضوع.وكما يعلم جل ساكنة المنطقة أن أغلب ساكنة اعشيش يتحدرون من بلدة الحزبان الغارقة في القدم وبلدات اخرى متفرقة باحصيا.فبعد ان استشعر بعض الناس قديما في بلدة الحزبان وقرى اخرى قلة مياه وادي صاغرو، هاجر أحدهم الى جانب منطقة تنزميت ليفلح الأرض فيها وبنى ملجأ من سعف النخيل والقش يأويه أيام العمل، ومن هذا الملجأ الذي يسمى بالأمازيغية "أعشيش" جاء إسم هذه البلدة منذ ذلك الحين الى اليوم. وهي بلدة من أحدث بلدات احصيا. بعد نجاح الرجل الأول الذي قصد هذه المنطقة لموقعها الفلاحي والاستراتيجي الجيد، تبعه آخرون ،وبدأ الإستقرار، وتطورت البلدة بشكل سريع بسبب تحسن وانتعاش الفلاحة التي توفرت لهاالظروف الملائمةو المياه الكافية التي كان مصدرها فج تزكيفوت ذات الطابع الجبلي الذي يضم طبقات تحمل في طياتها ينابيع جوفية مائية خاصة في سفوحها..لقد استطاعت بلدة اعشيش ان تصمد امام فترات الجفاف الدورية والهيكلية بسبب ما تجود به ينابيع تصب في خطارة تم حفرها وتجهيزها على قعروداي صاغرو عبر الفج السالف ذكره..وبالمقابل لهذا الإزدهار لأعشيش، نجد البلدات الأخرى تعاني الأمرين مع طول سنوات القحط، وعدم انتظام التساقطات المطرية، وقلة سقوطها في الغالب.وكثيرا ما يستنجد فقراء سكان تلك البلدات في ذروة سنوات القحط بأهل بلدة اعشيش فيما يخص الحصول على بعض الخضروات والفواكه والتمر..وقد نتجت تلك المراحل من القحط أشعارا يتغنى بها ايت اعشيش للإستهزاء بأبناء تلك البلدات الذين يستنجدون بهم في سنوات القحط طلبا للمعونة..وفي كل مرة يشتد فيها الجفاف الا وتنتشر بين الناس إشاعات كثيرة حول قرب إنشاء سد تنزميت.وقد راج في إحدى السنوات ان هناك من شاهدفي موسم التمور بأرفود خريطة مشروع هذا السد مع سد اشباروالتابع لجماعة النيف في خرائط المشاريع التي يتم عرضها على سبورات المشاريع المزمع انجازها على تراب دائرة ارفود والتي تعلق كل سنة لعموم الزوار بمناسبة موسم التمور.وحسب نفس الإشاعة، أن سكان اعشيش أنذاك هم الذين قدموا اعتراضهم للجهات الوصية لطي ملف المشروع نهائيالأنه موضع نزاع وخلاف وما اكثر المشاريع التي توقفت بسبب النزاعات والاختلافات بين الناس في المنطقة..وصار الحديث عن السد من الطبوهات التي لاينبغي الخوض فيها ولو بالمزاح نظرا لحساسيته المفرطة لدى فئات متطرفة من أهالي اعشيش تفاديا لإثارة الفتنة بين سكان البلدةوسكان البلدات الأخرى..إلا أنه في الآونة الأخير بدأنا نسمع من جديد أصواتا شبابية ولأول مرة حتى من داخل بلدة أعشيش نفسها، تنادي بطرح هذا المشكل على طاولة المفاوضات ومناقشته بجدية لإيجاد مخرج ملائم يرضي كافة الأطراف المتصارعة لإخراج المنطقة من عنق الزجاجة التي ظلت عالقة فيها منذ عقود من الزمن.. والسؤال المطروح هنا: لماذا رفضت غالبية ساكنة اعشيش إقامة هذا السد الذي ينتظره عامة الناس بمنطقة احصيا؟ الجواب: يرفضون بسبب الحجة البسيطة التالية : -أن إقامة السد المزعوم في فج تنزميت يعني بناءه على أرضية آبار خطارتهم، والذي يعني طمس وقتل مصدر عيشهم واستقرارهم منذ تأسيس البلدة. أما بالنسبة للحل المقترح الذي قدمه سكان احصيا الذين يطالبون ببناء السد لتجاوز هذه المشكلة الأزمةهو: أن يقبل سكان اعشيش بناء السد بعد قياس صبيب خطارتهم في ذروة قوتها، ﴿وهذا ما سبق ان قام به بعض الناس المهتمين بالموضوع ﴾، ويلتزم الناس في البلدات الأخرى بتزويد حقول ومزارع بلدة اعشيش أولا بقنوات تصرف لهم صبيب مائي على قدر صبيب ساقيتهم كما تم قياسه في عز أيام عطائهاوبشكل دائم . بعد هذا الحل المقترح والذي يبدو لأغلب الناس حلا واقعيا وجديا وصريحا لإنقاذ المنطقة، انقسم سكان اعشيش الى فريقين: -فريق مؤيد متفهم ومتفائل لأنهم يتفهمون دور وأهمية ذلك السد المزعوم ومدى حاجة سكان البلدات الأخرى التي تعاني من ويلات الجفاف الجهنمي الهيكلي الذي لايرحم الإنسان والحيوان والنباتات في المنطقة.. -فريق ثان عنيد ومتشائم يرفض إقامة السد بدعوى التشكيك في ذلك الحل المقترح مع طرح مخاوف أخرى من بينها، من سيضمن لهم أن تكون حقنة السد المزعوم كافية لتغطية حاجات تكفي لتزويد مزارعهم بحجم الصبيب المتفق عليه طوال السنة أو طوال سنوات غير ماطرة في زمن تتسم فيه الدورة المناخية بالتقلبات وعدم التباث.وبالتالي، يرى هذا الفريق في قبول إنشاء سد تنزميت نوعا من المغامرة غير محمودة العواقب التي تشبه الإنتحار.. وبين قبول الفريق الأول وتخوف ورفض الفريق الثاني، وبين نعم للسد ولا للسد، باتت أغلبية ساكنة جنوب احصيا الذين يعتصرهم ألم الجفاف يحترقون مع حقولهم الشاسعة وهم ينتظرون حلا لإنقاذ واحتهم للخروج من هذه الحلقة المفرغة التي يدورون فيها مثل ثور الطاحونة..ومما لاشك فيه أن دعم منطقة احصيا بسد من السدود سينعش بلدات كثيرة وسيجعل منها منطقة فلاحية تفرض نفسها بالمنطقة لشساعة وغنى أراضيها خاصة سهل بلدة الحزبان العريض والكبير..وبدون إنشاء هذا السد ستظل الهجرة الموسمية أو الهجرة الدائمة هي المصير الذي ينتظر مصير الأجيال الصاعدة من ساكنة هذه المنطقة..فهل من حل لإنقاذ هذه الواحة و أبنائها من الضياع؟، ومتى سيتفهم الرافضون باعشيش هذه الوضعية المأساوية؟