المتتبع لحلقة يوم الاثنين الماضي من برنامج " الحكم الآخر" ، والذي يعده الاعلامي يسري المراكشي وتبثه قناة الرياضية، سيلاحظ فيما يتعلق بمباراة الحسنية / اولمبيك خريبكة ، اعتماد انتقائية غير موضوعية لرصد حالات تحكيمية، وامام استغراب من تتبعوا اللقاء ، يبدو طمس حالة لمس مدافع خريبكة للكرة بيده داخل مربع العمليات خلال الشوط الاول ، امرا غير مبرر، ولم تكن لدى المسؤول عن جرد الحالات المثيرة شجاعة اثارتها . الملاحظة الثانية، طريقة الانفعال المبالغ فيه للسيد بلفتوح امام حالات معينة، خاصة التي تتعلق بطرد مديح وتصريحاته، فقد ارغى الرجل وأزبد وخفنا في لحظة ما ان يخرج من الشاشة لخنق من يعارضه في ملاحظاته، علما أن تصريح مديح ليس بحالة تحكيمية، وليس من الاخلاقيات الزج به في الحلقة ككل، لان التصريحات لاتدخل في اللعبة، وهي مواقف هنالك من لهم صلاحية البث فيها ، وليسوا من قدماء التحكيم على اية حال .. السيد بلفتوح وفي غمرة انفعاله المبالغ فيه، والغريب ، قال بالحرف " الاخطاء وجدت منذ 1836 وستظل موجودة ، والرياضي هو من يتعايش معها " ، وهو كلام غريب جدا أن يصدر من حكم سابق ، علما بان كرة القدم في بدايات انتظامها على شكل أندية واتحادات لم تكن تسن لاضربات الجزاء ولا الانذار او الطرد، وليعد السيد بلفتوح الى ادبيات تاريخ كرة القدم ليصحح معلوماته الخاطئة والتي يمررها عبر الاعلام للناشئة بالخصوص ، والسنة التي اشار إليها تحريف لسنة 1863 التي عرفت ميلاد تكتل اندية لندن ونواحيها في جمعية اعتبرت تاريخيا أول ناد منظم تأسس على مستوى لعبة كرة القدم ، وطبعا العقوبة الانضباطية التي تدخل ضمن الاخطاء التي أشار السيد المحلل الى وجودها سنة 1836 ( وهو تاريخ أشرنا الى كونه تحريفا)، منها مالن يظهر سوى سنة 1970 خلال مونديال المكسيك ، كما هو شأن الورقة الحمراء ... لانريد الدخول في متاهة سرد مايثبت ان التمسك بجملة " وقعت، تقع، وستقع" لاعلاقة له بالتحليل، فذلك نوع من افتقاد الشجاعة للاعلان عن هزالة مردودية حكام كثيرين، صحيح يتقبل الانسان منها مايبدو غير متعمد، لكن ، حين تتكرر الاخطاء، فمعنى ذلك وجود متاعب ، معالجتها تتم بإجراءات عملية وليس بنفخ الاوداج والجبين للدفاع عن المهازل ، عملا بالمقولة الجاهلية " انصر اخاك ظالما أو مظلوما " ... تحية للمحلل حين يكون شجاعا في اتخاذ مواقف غير انفعالية ، ويحلل الحالات لا الاشخاص، وطبعا إن كانت حالات مباريات الحسنية تثير الرجل ، فليترفع ويرحم المشاهدين من الخوض فيها ، فبصراحة فقدت آراء السيد بلفتوح المصداقية، ولعل طريقة تحليله لتصريح مديح كافية ، ولم تكن له الشجاعة يوما للرد على تصريحات اقوى ، فنحن في الاول والاخير نتقبل التحليل الموضوعي ولو كان ضد الحسنية ، ولسنا في حاجة الى من يتدخل ، وبدون صفة مسؤولة، في تصريحات لا المكتب المسير ولا الطاقم التقني للحسنية، ومجددا نؤكد، بما ان الحسنية تثير انفعال الرجل، فليترفع عن الكلام حول اية حالة تهمها في المستقبل، فمن يعلم ؟ اليوم اعتبر تصريح مديح " حالة تحكيمية" ، وغدا قد يدخل " لون قمصان اللاعبين" بدورها ، وهنا بقدرما نثمن البرنامج في العمق، بقدرما نتاسف لأمثال هؤلاء المحللين المثيرين لعجب يفوق الحالات التحكيمية ... صحيح أن هامش الخطإ الانساني لايتماشى ومفهوم الكثرة، وبالتالي، فلو تم تشريح البطولة الاحترافية من خلال دوراتها التي أجريت الى الآن، وتم جرد عدد المباريات التي كان فيها التحكيم مؤثرا بشكل سلبي، لحصلنا على ترتيب آخر، وهنا نحن امام اختيارين: إما ان يدافع الرؤساء عن زملائهم، والمدربون عن زملائهم، والحكام عن اخوانهم الحكام،حقا أو باطلا، وإما أن نتصدى لمحاربة الانزلاقات ، وهو الاختيار الذي يبدو السيد المحلل فاقدا للشجاعة في اختياره، مادام قد ذكر بصيغ الفعل الثلاث ( وقعت، تقع وستقع )، وكأنه يحكم على رياضة كرة القدم بالجمود والثبات ، بدل التحرر من الشوائب التي جعلتنا نلعب بطولات فاسدة ، يصنع تهور الحكام فيها اضعاف مايصنعه التسيير والمدربون، خاصة خلال هذا الموسم .. ختاما ، نتمنى ان ينفتح البرنامج على حكام قدماء من مختلف الجهات المغربية، ومحاولة تجنب النمطية في الاسماء ، وهذا ليس طعنا في السادة المحللين ، بقدرما هو اقتراح للاستفادة من خبرات عديدة لها من التجربة مايؤهلها للدلو بدلوها في البرنامج ... بقلم : محمد بلوش