كنا ولازلنا من المتبنين لفكرة ضرورة عودة الحسنية الى الاستقبال بملعب الانبعاث بدل مركب ادرار، وكان ذلك الرأي مستندا على ضعف اعداد الجماهير التي تحضر الى المركب من مباراة الى اخرى، مما يؤثر بشكل ملحوظ على شعبية الفريق ونتائجه ، سيما وان الحسنية لم تكن لتحقق بطولتيها في مطلع الالفية الثالثة لولا المساندة الكبيرة للجمهور آنذاك، بحيث لم يسبق في تاريخ الفريق ان تجاوزت مداخيل التذاكر سقف المائة مليون سنتيم إلا في تلك الفترة. المسؤولون عن الحسنية، واعتمادا على القوانين الجامعية المنظمة، يعتبرون أمر تغيير الملعب مستحيلا في ظل عدم وجود قوة قاهرة ، وهو بند قانوني معروف ، لايجب ربطه وتأويله دوما بالعوامل الطبيعية وحدها ، بقدرما نعتقد ان مسوغات تلك القوة ملحوظة وموثقة ، منها تخوف فئات من المواطنين ( قبل ان ننعتهم بالجمهور في صفة تالية) من اعمال السرقة والتهديد بالسلاح الابيض مباشرة خارج اسوار المركب بعد نهاية المباريات، خاصة في المواجهات المبرمجة ليلا، فمحاضر الأمن ربما توفر امثلة عدة من الشكايات بهذا الخصوص ، الراجعة اصلا الى عدم تأهيل المحيط العام للملعب بعد، فإن لم تكن تهديدات حياة المواطن ظرفا قاهرا ، فما الوسم الذي يمكننا نعتها به ؟. الم يسبق في تاريخ المغرب الرياضي الحديث جدا أن حرم مركب محمد الخامس من استقبال ديربي البيضاء من قبل السلطات تخوفا من احداث محتملة بين جمهوري الفريقين؟ فلم لا يعتبر الفريقان اصلا منهزمين لكونهم لم يستندا في القوة القاهرة على الطبيعة وحدها ؟ فلو قارنا بين ما يتخوف منه جمهور الحسنية وما تم تأويله كتخوف من قبل سلطات البيضاء في تلك الحالة لوجدناه متشابها ، مما يعني ان مانراه قوة قاهرة في البيضاء يفقد تلك السمة بمجرد الانتقال الى الجنوب ، وكأنه مفهوم قانوني مرتبط كما هو ملاحظ بالتأويل القابل للتغير من مكان الى مكان . وفي نفس السياق ، نعتقد ان عزوف الجمهور عن مؤازرة فريقه له تأثير مباشر ايضا على خزينة ومالية الحسنية، الهزيلة أصلا، وقطعا اي مستشهر يعاين وضعية من هذا النوع لن يغامر ابدا باحتضان الفريق، ليس لغياب الأداء او ما له علاقة بالمردودية الرياضية، ولكن للتوابل التي يهتم بها اي مستشهر من الناحية التسويقية لمنتوجه كقناة استشهارية ، العامل الذي خلق لنا في البطولة عدم تكافؤ الفرص ، بين اندية تنال السخاء الحاتمي ولو من مؤسسات الدولة، وأخرى زج بها في جحيم معاناة ، يجعل اقصى ما يمكن ان تخططه كهدف عام هو ضمان البقاء ، وفي هذه الخانة الثانية نصنف الحسنية . ترى، ماجدوى مباريات الحسنية بأدرار أمام جمهور ثلثه اعلاميون رياضيون، والبقية محدودة جدا، رغم تجاوز المقاعد لسقف الاربعين ألف ؟ هل مثل تلك الوضعية تساعد على تأهيل البطولة الاحترافية حقا في المغرب؟ هل تضمن جودة منتوج ينقل تلفزيونيا ؟ أسئلة كثيرة قد تكرر في ملاعب تعيش وضعية مشابهة ، يعوزها في العمق انفتاح الجامعة على الموضوع، فبعيدا عن الاهتمام الجامعي المكثف بالبنيات التحتية والطب الرياضي والمدربين و..و.. حان الوقت ان تهتم الجامعة قليلا بعناصر الفرجة الرياضية التي يشكل الجمهور دعامتها ، عبر التفكير في آليات حقيقية لاستعادة الملاعب المغربية لدفئها ، ففي الأصل كل مجهودات الجامعة ستذهب ادراج الرياح ان ظلت المدرجات فارغة، مما عانت منه المنتخبات الوطنية في السنوات الأخيرة ، فباستثناء المنتخب الاول ، خاض لاعبو المنتخب المحلي ومنتخبات الفئات العمرية الأدنى جل المواجهات الرسمية أمام جمهور قليل جدا ، وطبعا لانطلب من اللاعبين حماسا زائدا وفق تلك الصورة، مادامت الجامعة لا تهتم الا بالمنتخب الأول صراحة. ما نتمنى اعتماده كخاتمة، ان الحسنية مطالبة وباستعجال بالعودة الى الاستقبال بالانبعاث، مع الانتقال الى ادرار فقط في المباريات التي تستقبل خلالها فرقا معروفة بمساندة جماهيرها خارجيا، كالوداد، الرجاء، اتحاد طنجة والجيش الملكي ، منتظرين مرحلة التأهيل الفعال والحقيقي لمحيط مركب ادرار مستقبلا، وتوفر شروط حضور جماهيري مكثف .