شهد مقر المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط طيلة يوم السبت 10 مارس، حدثا مهما وتاريخيا، جمع ما يفوق 400 مواطنا كانت وزارة الاتصال قبلت حضورهم ودعتهم للمشاركة في يوم دراسي حول الصحافة الالكترونية، بصفتهم أصحاب ومديري وممثلي مواقع إلكترونية. شعار اليوم الدراسي المنظم من قبل الوزارة الوصية وبشراكة مع فيدرالية ناشري الصحف بالمغرب، والنقابة الوطنية للصحافة المغربية، وبمساعدة من بعض الخبراء وأستاذة المعهد العالي للإعلام، كان هو البحث عن سبل لتقنين قطاع الصحافة الالكترونية. في الشق الاجتماعي والإنساني، شكل اللقاء مناسبة وطنية التقى خلالها الناشطون في عالم “النت”، وتبادلوا التحايا والنظرات، وأرقام الهواتف وبطاقات الزيارة، خاصة أن كل مناطق المغرب كانت ممثلة بأكثر من موقع إلكتروني. وفي الشق العملي تشكلت ورشات لتبادل الآراء حول الإطار القانوني والتنظيمي لهذا القطاع المثير، وحول أخلاقيات المهنة من خلاله.. سيكون من باب المزايدة المجانية القول إن فكرة تنظيم هذا اللقاء كان فكرة خاطئة، أو متسرعة، فعلى العكس من ذلك يمكن الاعتراف أن وزير الاتصال مصطفى الخلفي تمكن، بشراكة مع فيدرالية الناشرين، الممثلة برئيسها نور الدين مفتاح، والنقابة الوطنية للصحافة الوطنية، من خلال رئيسها يونس مجاهد، لم يتردد في فتح باب هذه المغامرة ملتزما بالجدول الزمني الذي كان وعد به، حين شرع في تحريك هذا الكائن المترامي الأطراف، وغير المحدد المعالم، قبل حوالي شهر. ليس من العدل في شيء الرفض الأوتوماتيكي لآراء وتطلعات وطموحات كل ضيوف وزير الاتصال، مصطفى الخلفي، فمجرد حضورهم بكثافة دليل على اهتمامهم، ورغبتهم من الخروج للظهور في الواجهة وتحت الشمس. السؤال العريض والمحير: ما هي المعايير الحقيقية التي ستُعتمد لحجز مكان تحت شمس التقنين والتنظيم وتأهيل الصحافة الالكترونية ليتوفر فيها الحد الأدنى من المقاولة الإعلامية؟ - هل يكفي تأسيس شركة، والكشف عن عدد مستخدميها ومدى استفادتهم من الحد الأدنى من الحقوق، كما ينص على ذلك قانون الشغل؟ - هل يبقى طموح الحصول على الدعم هو المحرك الأساسي؟ - هل العملية في كليتها تخدم الصحافة ومهنييها؟ - ألا يكفي ما يعانيه الصحافيون في الصحافة المكتوبة؟ - أليست الصحافة الالكترونية شقيقة للصحافة المكتوبة، ولا فرق بينهما سوى في الوسيلة المستعملة للكتابة؟ هي أسئلة لو تمت الإجابة عنها بالشكل المطلوب، ستُفضي هذه الإجابة لاشك إلى حقيقة أن ما يجب الحذر منه هو القفز على هوية وقيمة “الصحافي الكلاسيكي”، الصحافي الذي درس الصحافة وتعلمها في الميدان، وبدأ متدربا، ثم مهنيا، فتدرج وتنقل بين منابر إعلامية، وراكم تجربة في المهنة. لا يمكن قبول القضاء على الأعراف والقوانين بدعوى الحرية في التواصل والحق فيه، وممارسة هذا التواصل بأي وسيلة، وبأي شروط كانت، ومن أي شخص كان. مهنة الصحافة معاناة، وأشواط من المفروض قطعها للحفاظ على هوية الصحافي الكلاسيكي، عوض الانصياع وراء دعاة تقوية الكائن الافتراضي الرقمي مهما كانت قيمته المهنية. هبة سوس : عن موقع أكورا بريس