قصدت محطة القامرة بالرباط باكرا رغبة في كسب بعض الوقت ،فامتطيت أول حافلة ستنطلق على الساعة 6.30 صباحا في فوضى عارمة لمن يطلق عليهم (الكورتية )،وأول مسلسل العذاب وإثارة الأعصاب،هو شعورك بأنك في الحافلة لست إنسانا وإنما شيئا فقط،حيث ما يشبه عصابة مشكلة من (الكورتية) قد استولوا على المقاعد الأمامية يساومون عليها من يرغب الجلوس بها بمعرفة السائق ومساعديه الذين تمادوا في انتظار امتلاء الحافلة وعدم الانطلاق في تحد للقوانين،ولم تتحرك الحافلة إلا بعد أن احتج احد الركاب وسانده الآخرون ،وكان رد فعل احد الكورتية اسمر اللون متوسط القامة يحمل ندبة جرح فوق جبينه الأيمن وأخرى بالذقن الأيمن هو التهديد (ندخل فيك شي جنوية) وزاد بذلك بممارسة عنف لفظي في حق المحتجين.كما آن السائق لم يرقه الاحتجاج وبدا يطلب بطريقة غير لبقة من الركاب السكوت ،وبعد وصول الحافلة إلى محطة أولاد زيان بالدار البيضاء بدأ مسلسل ثان في حرق الأعصاب ،حيث توقفت لمدة 55 دقيقة ،تناوب على الصعود إلى الحافلات كل أشكال الباعة والمتسولين،فهذا يبيع مشتقات الحليب وهذا قارورات الماء وآخر يعرض أنواعا مختلفة من الحلوى وطبيب بدون رخصة يشرح ميزات مستحضراته الطبية التي تعالج كل الأمراض ،كل هذا يتم في غياب أية مراقبة أو حماية للركاب مما قد يتعرضون له من ابتزاز هذه الأشكال من الباعة،أما المتسولون فهذا معاق إعاقة (تقطع القلب) وفي الحقيقة هي مصطنعة ،وآخر يصنف أسماعك بكل أنواع التهديد والوعيد الديني لوعاظ التجارة الدينية،فهذا يصف عذاب الموت والقبر وكأنه مراسل إذاعة انتدب لنقل وقائع المحتضر ومصير الجثة في القبر،أما آن الله غفور رحيم فلا يعرف عنه شيئا،كل ذلك يتبعه بيع تلك الأشرطة التي لايعرف أصحابها سوى الخطاب المدر للدراهم. ولم تتحرك الحافلة مرة أخرى إلا بعد آن بدأت احتجاجات الركاب أما السائق والكورتية فهم غير عابئين سوى باصطياد الضحايا،ولما انطلقت الحافلة تنفس الركاب الصعداء ،ظنا منهم إن الحافلة ستسير عبر الطريق السيار كما هو مكتوب على التذكرة،لكن القائمين على الحافلة لهم حساباتهم الخاصة،فما هي إلا مسافة قصيرة حتى توقفت الحافلة،لتحمل 07 ركاب زيادة عن المقاعد القانونية ومرت الحافلة بعدة نقط مراقبة للشرطة والدرك ولم تتم معاينة المخالفة،ولم يستشر السائق الركاب فانحرف خارج الطريق السيار ليدخل إلى الطريق الوطنية عبر صخور الرحامنة،لتبدأ الحلقة الثالثة من مسلسل العذاب،بتحول الحافلة إلى (طوبيس) لنقل وإنزال ركاب المسافات القصيرة، إلى حين الوصول لمحطة مراكش التي تعج بكورتية يحملون تذاكر نقل جميع الجهات ينصبون بها على الركاب دون أن يجدوا رادعا ،محدثين فوضى في سير المحطة ومحيطها،ومرة أخرى ركبت أول حافلة صادفتها،ليتكرر العذاب إلا انه اخف من الأول.واكتشفت في الأخير من حالة الحافلتين أنها من النوع الذي تعتريه نواقص عدة من حيث النظافة والتجهيزات والتي يستعين بها مالكو رخص النقل لتغطية الطلب الزائد خلال هذه الأيام بمناسبة عيد الأضحى. و راودتني عدة أسئلة منها:هل تخلت السلطات عن دورها آم هي عاجزة عن مراقبة الوضع وردع المخالفين آم متواطئة ؟ما دور إدارة المحطات فيما يجري بها؟ما فائدة مدونة السير والأموال الطائلة التي صرفت عليها؟ إلى متى يظل المواطنون عرضة لمصادرة حقهم في سفر مريح ومقنن؟ محمد الزعماري