يتذمر ركاب الحافلات من المتسولين، الذين يجدون في وسائل النقل العمومي مرتعا خصبا لاستجداء الركاب، بالإضافة إلى بعض الباعة الذين يعتبرونها أماكن مفضلة، لعرض بضاعتهم البخسةالحافلات أصبحت تعج بالمتسولين وباعة الحلويات (أرشيف) وتشتمل في الغالب على الحلويات التي لا يتجاوز ثمنها درهمين، أومناديل النظافة "كلينكس"، أو بعض العطور، والمراهيم، التي لا يعرف محتوياتها، ولا الأمراض التي من الممكن معالجتها، إلا هؤلاء الباعة أنفسهم. يساهم كل هؤلاء في اكتظاظ الحافلات، التي تعاني أصلا شدة الازدحام، سيما بعض الخطوط المتوجهة صوب مركز المدينة، أو المناطق الصناعية، التي يكون الإقبال عليها كثيفا. سائقو الحافلات بدورهم، يتضايقون من هذه العينة من الركاب، ويجدون صعوبة في منعهم من صعود الحافلات، رغم أن السائقين يعتبرون المسؤولين المباشرين على تدبير أمرها، وحتى على سلامة ركاب الحافلة. مصادر نقابية أفادت في تصريح ل"المغربية"، أن " ظاهرة انتشار المتسولين والباعة المتجولين وسط الحافلات، غير صحية، ووجودهم بداخلها، يزعج الركاب، كما يضايق الجابي "الروسوفور"، وسائق الحافلة، اللذين لا يستطيعان منعهم من الصعود، نظرا لأنهم ينسلون بين الركاب، كما يصعب تمييزهم أو التحقق من هوياتهم، وفي حالة مواجهتهم، يدخلون معهم في عراك، تنجم عنه في الغالب مشاكل لا تحصى". متسولون وحافلات تعج الحافلات بالمتسولين والباعة المتجولين، الذين لم يعد مظهرهم داخل وسائل النقل العمومي، التي تجوب الأزقة والشوارع يثير استغراب الركاب، إذ اعتادوا على مشاهدتهم، وألفوا وجودهم داخل حافلات يستقلونها للوصول إلى مقرات عملهم، رغم المضايقات، التي يسببها لهم المتسولون، الذين ينسلون بينهم، إذ يصعب تمييزهم. متسولون بمختلف الأجناس والأعمار، هذا ما أكده مصطفى مشهب، من الزبناء الأوفياء لحافلات النقل العمومي، الذي قال ل"المغربية" إنه " يصادف يوميا العديد من المتسولين، الذين اعتاد رؤية وجوههم، وشكلهم وحتى مظهرهم، كما اعتاد على سماع مواويلهم، التي يرددونها، كلما صعدوا الحافلة، وكأنهم فوق خشبة مسرح، يلعبون فيه أدوارا أتقنوا حبكها، وسط ركاب همهم الوحيد، الوصول لمقرات عملهم في الوقت المحدد، مضيفا أن "وجود المتسولين في الحافلات، يضايق الجابي"الروسوفور"، وسائقي الحافلات أيضا، حينما يمنعون هؤلاء من ركوب الحافلة، إذ يجدون أنفسهم مرغمين في الدخول في صراع، أو عراك مجاني، قد يصاب فيه أحدهم بجروح، جراء بطش متسول يرى في توقفه، منعه من الاسترزاق، وحتى ولو كان على حساب راحة ركاب، لا ذنب لمهم في صعود الحافلات، إذ أنهم يتعرضون هم أيضا للسب والشتم من طرف هؤلاء، حينما لا يتصدقون عليهم ببعض الدراهم، وكأنهم مجبرون على ذلك، إذ أن بعض المتسولين لا يترددون في رشق الحافلة بالحجارة وإصابة كل من فيها". باعة وركاب الباعة المتجولون يتخذون من الحافلات سوقا لترويج بضاعتهم، ويضايقون ركابها، بل يساهمون في الرفع من وتيرة الاكتظاظ والازدحام، ويساعد وجودهم الأيادي الخفيفة، التي تتقن لعبة نشل الجيوب والحقائب، وحتى الهواتف المحمولة من ركاب الحافلات الذين لا ينتبهون إلى أغراضهم إلا عند مغادرتهم للحافلة "، هذا ما أكده أحد المسؤولين النقابيين، قائلا إن " الحافلات أضحت تعج بالمتسولين، وبباعة الحلويات والكاسيت، والمراهيم، ومناديل الورق، الذين يزعجون راحة الركاب، وحتى السائق الذي يتشاجر مع هؤلاء، عندما ينهيهم أو يمنعهم من صعود الحافلة"، مصيفا أنه " يجب المحافظة على سلامة، وراحة الركاب داخل الحافلات، وأن يمنع ركوب المتسولين والباعة على حد سواء، للتخفيف من احتقان الحافلة، التي تصبح في الغالب تسير متمايلة من شدة الاكتظاظ". وهو الرأي نفسه الذي تتقاسمه معه فاطمة، من أوفياء حافلات النقل العمومي، التي أكدت ل"المغربية"، أن حركة التسول، تنشط بشكل لافت، داخل الحافلات التي تجوب الشوارع والطرقات، والتي تكون في غالب الأحيان مكتظة عن آخرها بالركاب، واللصوص المحترفين في سرقة المحفظات، والهواتف المحمولة من الجيوب، وحتى بالمتسولين الذين يزيدون الطينة بلة، إذ يصبح زبناء الحافلات بين نار الازدحام ورحمة أيادي اللصوص الخفيفة والسريعة، التي لا تترك أثرا إلا عند مغادرة ضحاياهم للحافلة، وتفقد جيوبهم"، مشددة على أن "ليس هناك قانون يطبق على هؤلاء المتسولين، للحد من عملية التسول داخل الحافلات، لأن تغيير المتسولين للحافلات، يزعج الركاب الذين تتضاعف معاناتهم، لدرجة أنهم أحيانا لا يستطيعون التحرك من أماكنهم، بل يجدون صعوبة عندما يهمون بالنزول". وحسب أحمد عروم "موظف"، قال ل"المغربية" إن "معاناته تتضاعف كلما صعد الحافلة التي تقله إلى عمله، والتي يصبح بداخلها كالمكبل من شدة الازدحام، لا يستطيع التحرك ولا الانتباه لما يجري ويدور حوله، وما يزيد في احتقانه، أن المتسولين يساهمون بدورهم، في الازدحام عند صعودهم الحافلة، وتتعالى أصواتهم، دون أن يمنعهم أحد، وأحيانا كثيرة، ينشب الخلاف بين المتسولين والركاب، أو بين متسول وزميل له، عند تسابقهما لصعود الحافلة، متمنيا لو جرى الحد من صعود المتسولين للحافلات، حتى تخف حدة انزعاج الركاب"، مضيفا أنه " أصبح يتجنب الجلوس بالقرب من نوافذ الحافلات، حتى لا يصاب بحجرة أحد المتسولين، وعند نزوله ينتقم بضرب نوافذ الحافلات والركاب، ويلوذ بالفرار، وأحيانا يمكن أن تجد داخل الحافلة حتى المختلين عقليا، الذين يمكن أن يثوروا في أي وقت على ركاب أبرياء".