" فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم ، و أما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا ، يضل به كثيرا و يهدي به كثيرا و ما يضل به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه و يقطعون ما أمر الله به أن يوصل و يفسدون في الأرض أولائك هم الخاسرون " الآية سورة البقرة انطلاقا من الآية الكريمة ، يتبين أن الدعوة إلى دين الحق ، وضع الكافرون العصا في عجلتها منذ بدء الخليقة على وجه البسيطة و عانى من أجلها مبعوثوا العناية الإلهية حتى رسولنا الكريم ، و ما انفك الطغاة و المفسدون يعترضون الدعوة إلى الوعد الحق بكل ما أوتوا من قوة حتى اللحظة ، ها هو السيسي فرعون زمانه يأبى إلا أن يغرق شعب بلاد الكنانة في نهر دماء متدفق لا لشيء سوى أن هذا الشعب الأعزل يقول ربي الله .. منتفضا ضد حكم العسكر الذي أجهض الشرعية و الديمقراطية ، بدعم من إسرائيل و أمريكا للحفاظ على السلطة بقمع ثورة الشعب و إرغامها على التراجع بسفك الدماء بدون موجب حق .. ها هو العالم يتفرج على مهازل العرب الذين يستقوي حكامهم استعانة بالخارج ، يتلذذ بقتل الأبرياء الذين يتوقون للحرية و الكرامة .. ها هو السيسي يستعلي في الأرض و يعيث فيها فسادا و يجهض ثورة 25 يناير التي حررت المصريين من طاغية جثم على صدورهم لنحو 40 عاما ، و رفعت رأسهم أمام الأمم .. لكن الغرب و إسرائيل لما لم يستطيعا حماية الخانعين له ، صمما العزم على دعم عسكر مصر على الانقلاب على الشرعية قبل أن يتمكن حكام الديمقراطية بمصر الإمساك بزمام القيادة و إخراج المصريين من جحيم الطواريء الديكتاتورية و لو اقتضى الأمر بالنسبة للعسكر و إسرائيل سفك الدماء كما يجري بشوارع مصر تدفق أنهار من الدماء ، مجازر نازية و فاشية و تتارية في حق الشعب المصري المسلم ، لكن هؤلاء لا يخافون في الله لومة لائم إنهم صامدون صمود تاريخي و جلد لم يسبق له مثيل لم تفلح معها الدعايات الكاذبة و الحرب النفسية و الدموية البئيسة و حتى الانقطاعات المتتالية للكهرباء لم تفلح من وقف الأمواج البشرية المحتجة بميداني رابعة و النهضة .. و يرى ديمقراطيو العالم كيف تقلب الأمور رأسا على عقب أن من يمارس الإرهاب و قتل الإخوان المسلمين المسالمين يبريء نفسه و يلصق صفة الإرهاب بالذين وقفوا سلميا طيلة شهر رمضان احتجاجا على إعادة الشرعية موهمين العالم بأن هؤلاء المسلمين هم الإرهابيين و جعلهم فزاعة وسط هذا العالم بأن الإسلام هو دين الإرهاب محاولة من الإنقلابيين استجداء الغرب و بترودولار الخليج ماديا و معنويا و أوروبا و الأممالمتحدة يقفون موقف المتفرج على مآسي الشعب المصري دون أدنى تدخل ، لأن الإسلام هو الضحية و لم يكن هذا وليد اللحظة ، بل سبق و أن عرف الأمر ذاته بمسلمي البوسنة و الهرسك في المجازر التي ارتكبها راتكو ملاديتش بسربرينتشا و سراييفو و مآسي مسلمي ميانمار ليست عن المصريين ببعيد .. إن السيسي و أتباعه أعادوا الاستبداد و الظلام و الديكتاتورية إلى العالم العربي .. إن العسكر و الديمقراطية لا يلتقيان لأن عقلية العسكر لا تنسجم و ثقافة التعددية و الحوار و التفاهم ، لأن الكلمة المجلجلة سلاح الديمقراطية ، أما السلاح فهو لغة العسكر و هو ما سار عليه السيسي في انتهاج منطق القوة ، و زين له نتانياهو الذي اشتراه بالمال لقتل إخوانه المصريين الاستبداد كما كان يزين قارون و هامان لفرعون استباحة أعراض بني إسرائيل ..إن سقوط الإسلامين بمصر سيضعف التجربة الإسلامية و اعاد الأوضاع ما قبل ثورات الربيع العربي ، إن إسرائيل لم يهدأ لها بال إلا بزرع هذه البلبلة و عدم الاستقرار و تمزيق وحدة الصف العربي و زرع الفوضى في أوصال العالم العربي .. و في السياق ذاته فإن العار كل العار على الحملة الشرسة لقنوات الإعلام المصرية المأجورة و التي نعتت الإخوان المسلمين المصريين بأقدح الأوصاف بالإرهابيين و استغرب العالم صمت الغرب الذي طالما اجعى ترويجه الديمقراطية و حماية حقوق الإنسان ، ليظهر و بجلاء أن الغرب يستخدم تلك الشعارات البراقة من أجل تحقيق مصالحها ، و أنقذت حليفها مبارك بتمكينه من الحرية لأنها لم تستطع فعل ذلك أيام تأجج الثورة و قد لا نستغرب إذا الغرب أعاد الغرب مبارك إلى الحكم أو تنصيب أحد أبنائه رئيسا و يرى مهتمون بأن الثورة الحقيقية لم يتم إجهاضها و العسكر لن يفلحوا و أساليب القتل و الإبادة لم تصل إلى أهدافها و الله من وراء من أرادوا تقويض الثورة محيط و هو يستدرجهم من حيث لا يعلمون ليزدادوا في غيهم ، ثم يوم يقبضهم فإنه لن يفلتهم ، صدق عمر بن الخطاب حينما قال "إذا ابتغينا الغزة في غير الإسلام فإن الله يذلنا.." كما هو واقع بنا اليوم ، و قد أكذ مهتمون بأن المشروع الإسلامي لن يسقط إلا بسقوط العقيدة الإسلامية و زوالها و هو ما لم يحدث أبدا و مستحيل ، لن ينجح أي مشروع مبني على العداء للعقيدة و الهوية المجتمعان اجتماعا وجوديا ، و لن يجد العالم أمنه و استقراره إلا بتمكين الإسلاميين من الحكم و لهؤلاء تجارب مريرة عبر التاريخ و لعل الإسلام هو القادر على إحداث التغيير الثوري المأمول و المواتي لهذا العصر الذي يتطور بسرعة مذهلة و فائقة .. و قد أدرك مفكري الغرب و كذا قادته هذه الحقيقة ،لكن للأسف لمنجدها متغلغلة بعد في عقول معظم مفكرينا و قادتنا المتحجرة ، إلا أنه يبدو أنها ماثلة بقوة في عقول الشباب الأحرار لهذه الأمة المجيدة..