للحق طريق وحيد وفريد ،وللباطل طرق متنوعة ومتشعبة ،إلا أن الأول يبقى الأصل والفضل والثاني يضل هو الذل والفشل . تعودنا في كل مرة سماع نهيق دعاة الانحلال الأخلاقي والعبث الفكري بحلقة من حلقات مشروعهم التخريبي ( الإفطار العلني في رمضان ، شرعنة الإجهاض،دعوة الاعتراف بزواج المثليين ،الحرية الجنسية...) إلا أن هذه المرة استوقفتنا الهجمة المضادة والوحشية ضد الداعية الأستاذ عبد الله نهاري ،الأمر الذي حتم علينا انطلاقا من تشبثنا بثوابت أمتنا و بملكيتنا الشريفة وانتمائنا لوطننا الأمين أن نقوم حسب فكرنا المتواضع بقراءة شبه كاملة لمختلف منطلقات أوجه الصراع الحالي والتي تمثلت في مجموعة أزمات تمخضت عن هذا الصياح ( أخلاقة ،فكرية ، قانونية ، سياسية ) . 1- أزمة أخلاق : من البديهي في مشروع التخلف أنه ينبني على إطار تحرري فاقد للبوصلة الأخلاقية ،ويتجه نحوى احتواء أي شيء ضد الأخلاق والقيم، وإعادة بعته لجسد نبض المجتمع . فمسألة تصريح الصحفي لغزيوي حسب ما نشرته مجموعة من الجرائد الوطنية وذلك بإباحة العلاقة الجنسية خارج إطار الزواج لزوجته وأمه وابنته ،من الناحية الأخلاقية هو تصريح يشمئز منه المجتمع المغربي وخارج عن المألوف وعن ثوابت المملكة المغربية ومقدساتها ،وبذلك هو توجه وفكر شاد في المجتمع ،لكون الغيرة على الأهل والمجتمع والوطن تعتبر من الأخلاق. ومن يسمح بإباحة أمه وزوجته هل لن يسمح بإباحة وطنه ؟؟ لكن ما يجعلنا نقر بتوجهنا نحوى أزمة أخلاق هو طمس حقيقة رد الأستاذ عبد النهاري وقلب الأدوار حيث يصبح الجلاد ضحية والضحية جلادا . وهذا ما يجعلنا نطالب بفرض الخطوط الحمراء لتحصين ثوابت أمتنا ومقدساتها. 2- أزمة فكر : أي مشروع يهدف للهدم والانحطاط كيفما كان نوعه و أين ما كان موقعه وحدود جغرافيته ، لا يمكن بتاتا أن يحمل في مخططه حمولة فكرية راقية أو تطور معرفي وعلمي أو حتى نتيجة ايجابية وتنمية محلية تعود على المواطن والوطن بالتقدم والازدهار . وانطلاقا من الإحداث الدولية والإقليمية وحتى الوطنية نتيجة الربيع العربي وأثاره ،وتأثر المجتمعات العربية ،على الخصوص بفكر الثورة والقطع نهائيا مع الاستبداد والفساد ،نجد هذه الشردمة تواصل تعنتها بمحاولة تحقيق مشروعها المختل إن استطاعت ،والتسويق لفكرها الشاد في وسائل إعلامها . وإننا نندهش أننا لم نسمع مطلقا بطرح مثل هذه الأفكار البليدة البخسة في كل دول العالم الاسلامي إلا في مغربنا الأمين، ومن طرف ثلة فشلت حتى في جمع شتاتها في حزب سياسي ،وأخذت من بعض الجمعيات الحقوقية والهيئات النسائية غطاء ومتنفس لها . كنا ننتظر أن يتأثر هؤلاء بسقوط مرجعهم الأعلى في الانحلال والتفسخ ، خبيث تونس ،وسقوط نظرياتهم البليدة الهادفة إلى تونست المغرب ،لكن قلة الفكر المستقل وغلبة الإعلام التابع البليد جعل دعاة التخلف يواصلون نباحهم كلما أحسوا بانعزالهم و بضعف موقفهم الوطني وبقرب انقراضهم من الساحة المغربية .. إن وجود مثل هذه الأفكار التحررية المنحلة والترويج لها داخل بلد إسلامي يعتمد نظام ملكي شريف ومجتمع محافظ بطبعه ،وفي ظل الوضعية الحالية للدولة والمجتمع يؤدي بنا إلى الاعتراف بأزمة فكر داخل هذا الوطن. 3- أزمة القانون : إن محاولة متابعة الداعية عبد الله نهاري على اثر ذكره لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال : ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة : مدمن الخمر والعاق والديوث الذي يقر في أهله الخبث ، متبوعا بقولة لعمر ابن الخطاب (( اقتولوا من لا غيرة له )) موضحا أن الديوث هو الذي لا يغار على محارمه اذا اختلطن بالرجال وذلك ردا على تصريح الصحفي لغزيوي بإباحته للحرية الجنسية خارج إطار الزواج وان كانت أمه أو أخته أو ابنته حسب ما نشر في وسائل الإعلام الوطنية، ما هي إلى محاولة لكتم أصوات المجتمع وقلب الأدوار ،حيث أن تحريك المتابعة ضد الداعية جاءت نتيجة البهرجة الإعلامية التي شنتها خاصة القناة الثانية وجريدة الأحداث المغربية مستغلة بيانات بعض الجمعيات الفاشلة التي لم تعرف لحد الساعة المعنى الأسمى لحقوق الإنسان وكيفية احترامه والدفاع عن ارث ومكتسبات الأمة في هذا المجال ،وتصريحات بعض الشخصيات المحسوبة على الإعلام والتي طبعت عقليتها بعقلية تبع ولم تتفحص الموضوع جيدا . فعبارة (( اقتلوا من لا غيرة له )) هي عبارة عامة مطلقة ينصب فعل القتل أو النهي فيها على أولي الأمر وليس أي شخص عادي ،أي الدولة ، هذا من جهة ومن جهة ثانية تعتبر العبارة هنا استشهادا وليس عبارة خاصة صرح بها الداعية ،فورودها في السياق الكلام مبني على التبيان والتوضيح وليس على الإتيان والدعوة إلى القتل . ثم ان كلام الداعية كان عبارة عن رد لما صرح به الصحفي بذكر الحديث والمقولة ،ولم تكون فتوى في المسالة ،كون الإفتاء له مؤسسته الرسمية المتمثلة في المجلس العلمي الأعلى ،ثم أن الفتوى هي تبيين الحكم الشرعي عن دليل لمن سأل عنه . على العكس من ذلك حيث يمكن متابعة الصحفي بتهمة زعزعت عقيدة مسلم . انطلاقا من هذه المسألة يتبين لنا أننا نعيش أزمة تفعيل القانون لردع هؤلاء على دعواتهم المتكررة ،إذ يجب تفعيل فصول قانوننا الجنائي فلو طبق ذلك لما تجرأ أي تافه أن يطالب بحذف فصول تمثل الركيزة الأساسية للأمة وثوابتها في القانون الجنائي ودعواتهم التي تمس القيم وتحرج المجتمع المغربي المسلم بمختلف طبقاته وفئاته . 4- أزمة سياسة : إن مسألة (( نهاري ولغزيوي )) هي إشكالية سياسية مسيسة بامتياز ،تهدف إلى إحراج الحكومة وبالتالي تشويه صورة الإسلاميين في الحكم . وإننا نقول للجميع: إن قمة البلادة والغباء أن نحصر امة في حكومة ،وأن نختزل دين إسلامي كامل وشامل في حزب معين إسلامي وحيد ،وأن نقزم مجتمع محافظ في شردمة منحلة . ومخطئ وغبي من يتصور أن الهجمة على الداعية نهاري هو ضرب حزب العدالة والتنمية الحاكم ،فالداعية نهاري ليس إلا مواطن مغربي يؤدي دوره ومهمته وحزب العدالة والتنمية ما هو إلا حزب سياسي قبل بالعملية السياسية داخل المؤسسات مثل جميع الأحزاب ،وتبنى المرجعية الإسلامية على غرار بعض الأحزاب الإسلامية الأخرى ( الأمة ،البديل ،النهضة والفضيلة )،واستطاع على اثر الربيع العربي اكتساح التسيير الحكومي من خلال أمل شعب في غذ أفضل في إطار الدستور الحداثي الجديد . فالمشروع المختل و الهجمة العشوائية البلهاء لا تنحصر في داعية أو صحفي أو حكومة أو حزب لكونها تتجه إلى استهداف المشروع المجتمعي الحداثي وسيؤدي ذلك لا محال إلى عواقب وخيمة تمس لبنات النظام وأسس الدولة المغربية واستقرارها . فالدعوات المتكررة للانحلال والتفسخ الأخلاقي والاتجاه تدريجيا عبر إلغاء كل القوانين التي تحافظ على كيان المجتمع واستقراره والابتعاد كليا عن ما هو إسلامي ،هو تشويه للمرجعية الأساسية للملكية الشريفة بالمغرب . فإننا نحترم الرأي واختلاف الرأي لكن باحترامه التام لمقدساتنا وثوابت أمتنا .