لا أظن أن السيد رئيس الوزراء سينجح فى الحصول على نتائج حاسمة وملموسة من خلال لجنة تقصى الحقائق التى أمر بتشكيلها لبحث أوضاع المنظمات والجمعيات الممولة من الخارج، والتى سبق وحذرت منها بشخصى الضعيف مراراً وتكراراً ومن تغلغلها الكبير خاصة فى الريف المصرى، وقلت أنها تنقسم الى جمعيات حقوقية عادية تكمن خطورتها فى الشأن المعلوماتى فقط، وأخرى تنتمى الى الأحزاب السياسية، وهى الأخطر خاصة بعد 25 يناير الذى منح الفرصة لمثل تلك الأحزاب بالوصول الى الحكم بطريق أو بأخرى. ربما ينجح رئيس الوزراء فى فحص ملف الإعلام الممول عربياً أو أجنبياً ! ولكنه بالتأكيد ليس فى حاجة لتشكيل لجنة تقصى حقائق عن المنظمات الأخرى لأنها تعمل بترخيص رسمى من الدولة وتخضع لإشراف وزارة التضامن الإجتماعى، بل والأدهى أنها تضم فى هيئات مستشاريها والمدافعين عنها وجوهاً مجتمعية سياسية وثقافية مرموقة بعضهم وزراء فى حكومة دكتور شرف نفسه !!!! فمثلا، فى 11 سبتمبر 2007 نشرت صحيفة "الوطنى اليوم" حواراً مع الأستاذ منير فخرى عبد النور سكرتير عام حزب الوفد الجديد وقتها ووزير السياحة فى حكومة د. شرف حالياً، قال فيه بالحرف: (جمعيات حقوق اﻹنسان ليست بيوتا للدعارة حتى نخشى من ضم أعضائها للحزب، ونحن نسعى بالفعل لضم مثل هذه الفئات لحزب الوفد لانها فئات عاملة وناجحة ومتدربة على العمل التطوعى ونحن نسعى لضم أعضاء من الغد ومن الوطنى وكذلك ضم 75 مليون مصرى ..... وأن من هذه الجمعيات ذات التمويل اﻷمريكى لايوجد إلا عضو هيئة عليا واحد معنى ومهتم بقضايا الديمقراطية وحقوق اﻹنسان ولديه جمعية فى هذا اﻹطار وهذه الجمعية مسجلة فى وزارة التضامن الاجتماعى وفى قانون الجميعات لايمكن ﻷى جمعية أن تحصل على مليم واحد إلا بإذن من وزارة التضامن الاجتماعى أى أن الحكومة المصرية هى التى تراقب مصادر التمويل من ناحية وأوجه الانفاق من ناحية أخرى فأى إشارة إلى غير ذلك هى محاولة للمزايدة، ثم ألا تحصل وزارات الحكومة المصرية على مساعدات مباشرة تدفع من خلالها مرتبات الموظفين والمستشارين خارج الكادر الحكومى ؟) ذلك منطق القيادى الحزبى الوزير فى الحكومة الحالية التى سيشكل رئيسها لجنة تقصى حقائق ! غافلاً عن أن ما يجوز للنظام، أى نظام، قد لا يجوز بالضرورة للأفراد !!! حوار آخر لأحد كبار أصحاب تلك الجمعيات مع جريدة روزاليوسف من قبل قال فيه أن كل رموز حزبه الكبير بلا استثناء تشارك فى تلك الجمعيات وانها تتلقى الدعم لا من أمريكا وحدها ولكن من دول الاتحاد الأوروبى أيضا !! وانه يدفع، بأسعار 2008، على "الرأس" مبلغ ثلاثمائة جنيه لمراقبة يوم التصويت وأربعمائة جنيه فى الحملة الانتخابية ومثلها فى التسجيل بينما يتقاضى منسق عام المحافظة ثلاثة آلاف جنيه، وأنها قواعد عامة ومعروفة ! إلا أنه لم يذكر الى أى جهة تقدم تلك التقارير فى المقابل ولماذا !!! ذلك خلاف المعسكرات والرحلات الفخمة ! أيضاً لم تخل أروقة مجلس الشعب 2005 من توجيه أسئلة عن موقف الدولة بهذا الخصوص تبناها النائب الوفدى، وإن فصلوه، الأستاذ محمد عبد العليم داود كان مصيرها الفشل !!، تحدث فيها عن حوالى 12 جمعية ممولة تعمل داخل حزب الوفد الجديد وحده ! فكانت النتيجة فصل داود فى أول إجتماع يرأسه الدكتور السيد البدوى بعد توليه رئاسة الحزب ! ذلك الاجتماع الذى قرر فيه سيادته منع أعضاء تلك الجمعيات من العمل داخل الحزب، وهو ما لم يحدث ! فقد ذهب داود وبقيت الجمعيات تدير الحزب من وراء الستار، ويشغل أصحابها مناصبهم القيادية فى جميع تشكيلاته الرسمية لدرجة أنهم الآن يمثلون نسبة تفوق الثلث فى الهيئة العليا المشكلة منذ أيام كما يقول المراقبون ! الأخطر من ذلك، برنامج الزائر الدولى الأمريكى، وهو برنامج مشبوه هدفه إستقطاب شباب الأحزاب السياسية العربية عموماً للسفر الى أمريكا والتطبيع مع الشباب الاسرائيلى وإعدادهم لتولى مناصب قيادية فى نظمهم إذا تمكن أحد تلك الأحزاب من الوصول الى الحكم بطريق أو بأخرى ضماناً للدوران فى الفلك الأمريكى، وهو برنامج تشارك فيه أغلب الأحزاب المصرية ! بل إن لجنة إنتقاء المرشحين للسفر كانت تأخذ فى إختيارها بتوصية بعض رؤساء تلك الأحزاب وترشيحاتهم ! والمفاجأة أن بعض القيادات الحزبية الفاعلة كانت هى نفسها الممثلة عن الجانب الأمريكى فى لجنة الإختيار كما حدث مؤخراً مع حزب الوفد الجديد تحديداً ودون تفاصيل !!! ما سبق ربما يفسر بعضاً من إعتراضى الشخصى على التحالف الذى تقوده جماعة الإخوان حالياً مع أحزاب "مدينة البط" الذى تحدثت عنه سابقاً تحت عنوان "حلف الإخوان". فرغم أننى لا أنتمى الى الجماعة، إلا أن يقينى الشخصى أنها صاحبة رسالة محددة لا خلاف عليها لدى شخصى الضعيف إلا من حيث اسلوب التطبيق السياسى وفرعياته لا المبدأ فى حد ذاته، ويقينى كذلك أن شبابها بخيرٍ لم يخترق من تلك الجمعيات أو المراكز الممولة ولا أراه سيفعل بفضل الله، ولا أظن أن مركزها "سواسية" الحقوقى يجرى عليه ما يجرى على الباقين، وأرجو ألا أكون مخطئاً فى حسن ظنى ! لذلك، وأياً كانت مبررات ذلك التحالف وسلامة مقاصده، فلا جدال أنه سيحمل بعض المنتمين لتلك الأحزاب المخترقة الى صدارة العمل السياسى على أكتاف الإخوان وتحت مسئوليتهم أمام الله تعالى ثم أمام الوطن، بل وفى ظل عزوف الجماعة المعلن عن محاولة الانفراد بالوضع السياسى، ورغبتها المفهومة فى الهيمنة عليه لتنفيذ برنامجها كما شرحت من قبل، وداخل منظومة المقابل وإطار شروط التحالف غير المعلنة، فسيُتَفق مستقبلاً، لا ريب، على منح منصب رئيس الوزراء القادم أو نائبه مثلاً لشخصية ضعيفة سهلة القياد والإنقياد من حزب كبير يدار من تلك الجمعيات الممولة، إضافة الى توزيع بعض الحقائب الوزارية على بقية الأحزاب المخترقة الأخرى، وهو ما أظنه لا يحتاج للمزيد من شرح العواقب والأضرار سواء على مصداقية الجماعة ومستقبلها ورسالتها، أو على البلاد فى المقام الأهم والأعلى ! أتمنى أن تراجع الجماعة موقفها من ذلك التحالف الطفيلى مهما كانت مبرراته وأسبابه، وأياً كانت الضغوط عليها أوالمطالب منها والمقابل، وأكرر أياً كانت الضغوط عليها أو المطالب منها والمقابل !! تاركة القرار لصندوق الإنتخابات وحده ليأتى بمن يريده الشعب ويرضاه، بدلاً من أن تتحول الجماعة غداً الى بيئة مثالية تُمَكِّن وتسمح بنمو فيروسات داءٍ لا براء منه، إن لم يصبها حتى الآن فسيصيبها غداً، فأن أتعامل مع ذى رغبه للإصلاح فى النهاية حتى لو اختلفت معه حول طريقته واسلوبه، خيرٌ لى وأفضل من أن أصبح وطناً مستباحاً فقد قراره، وحديقة خلفية لقوى الكوكب المتربصة، والعراق ليس منا ببعيد، ألسنا فى رباطٍ إلى يوم القيامة ؟ ضمير مستتر: يقول تعالى: { فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ } غافر44 علاء الدين حمدى