بتعليمات سامية من جلالة الملك ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء    انطلاق عملية "رعاية 2024-2025" لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    مواجهات نارية.. نتائج قرعة ربع نهائي دوري الأمم الأوروبية    بعد الإكوادور، بنما تدق مسمارا آخر في نعش الأطروحة الانفصالية بأميركا اللاتينية    ولد الرشيد: رهان المساواة يستوجب اعتماد مقاربة متجددة ضامنة لالتقائية الأبعاد التنموية والحقوقية والسياسية    مجلس المنافسة يغرم شركة الأدوية الأمريكية "فياتريس"    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    المنتخب الليبي ينسحب من نهائيات "شان 2025"    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    تفكيك خلية إرهابية موالية لتنظيم "داعش" بالساحل في إطار العمليات الأمنية المشتركة بين الأجهزة المغربية والاسبانية (المكتب المركزي للأبحاث القضائية)    لأول مرة في تاريخه.. "البتكوين" يسجل رقماً قياسياً جديداً    زَمَالَة مرتقبة مع رونالدو..النصر السعودي يستهدف نجماً مغربياً    التنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب تدعو الزملاء الصحافيين المهنيين والمنتسبين للتوجه إلى ملعب "العربي الزاولي" لأداء واجبهم المهني    ارتفاع مؤشر التضخم في شهر أكتوبر    أداء سلبي في تداولات بورصة البيضاء        تفكيك شبكة تزوير وثائق السيارات بتطوان    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    أحزاب مغربية تدعو لتنفيذ قرار المحكمة الجنائية ضد "نتنياهو" و"غالانت" وتطالب بوقف التطبيع مع مجرمي الحرب    معضلة الديموقراطية الأمريكية ..    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    دفاع الناصري يثير تساؤلات بشأن مصداقية رواية "اسكوبار" عن حفل زفافه مع الفنانة لطيفة رأفت    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح        تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    زنيبر يبرز الجهود التي تبذلها الرئاسة المغربية لمجلس حقوق الإنسان لإصلاح النظام الأساسي للمجلس    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    وهبي: مهنة المحاماة تواجهها الكثير من التحديات    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !        تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء    أنفوغرافيك | صناعة محلية أو مستوردة.. المغرب جنة الأسعار الباهضة للأدوية    تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حوار مع عمرو موسى، المرشح للانتخابات الرئاسية القادمة:

نريد دستورا يتماشى مع احتياجات المجتمع، ويفصل بين السلطات
أكد عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية، في حوار أجرته معه جريدة «المصري اليوم» أنه اليوم بصدد ترتيب برنامجه الانتخابي ليتمكن، فى اللحظة المناسبة، من طرح اسمه للترشح للانتخابات الرئاسية. وعبر عن إشادته بثورة 25 يناير التي يراها «قد أحدثت بالفعل، وحتى الآن، تغييراً ضخماً في المفاهيم، وفى أسس الوعي السياسي المصري، بالإضافة إلى ما يتوقع أن تسهم به من تغيير في العالم العربي والشرق الأوسط على اتساعه في المستقبل القريب».
الحوار المنشور أول أمس، والذي نعيد نشره هنا، كان مناسبة للاطلاع على تصورات الدبلوماسي المصري لمجمل القضايا والتحديات المطروحة اليوم على الثورة المصرية ، وعلى مستقبل بلاده. وضمن هذه القضايا والتحديات: مآل الثورة ذاتها، حضور الإخوان المسلمين في الاستحقاقات القادمة، التعديلات الدستورية وجدوى النظام الرئاسي، وضعية البحث العلمي والبرنامج النووي المصري، ومقترحات النهوض بالوضع الاقتصادي والاجتماعي.
بداية، ما رأيك فى حالة الزخم التى خلفتها ثورة 25 يناير؟
ثورة 25 يناير هى ثورة بكل معنى الكلمة، فريدة فى نوعها، كبيرة فى تأثيرها الوطنى والإقليمى. البعض منا تنبأ بالفعل بأن العالم العربى بشبابه، بل بكل مكوناته يعيش حالة إحباط شديدة، وهذا كان واضحاً فى مصر بصفة خاصة، فالخلل الذى حدث للمجتمع المصرى كان من شأنه أن يؤدى إلى انفجار ومواجهة ما.
حقيقة لم يتصور أحد أن تحدث ثورة بهذا الشكل الهائل وغير المسبوق وغير التقليدى، غير أنها ثورة بمعايير القرن الحادى والعشرين للتخلص من مخلفات القرن العشرين.
هذه الثورة أحدثت بالفعل، وحتى الآن، تغييراً ضخماً فى المفاهيم، وفى أسس الوعى السياسى المصرى، بالإضافة إلى ما يتوقع أن تسهم به من تغيير فى العالم العربى والشرق الأوسط على اتساعه فى المستقبل القريب.
هذه الثورة أطلقت ما يسمى «نظرية الدومينو»، وهنا لا يشترط أن تكون وسائل ونتائج التغيير واحدة، ولكنها فى النهاية ستؤدى إلى تغيير فى طريقة إدارة وحكم الدول العربية ومسارها السياسى، وهنا يجب أن نشيد بثورة تونس التى شكلت الشرارة التى فتحت طاقات كبيرة، وأطلقت زخما، قدر من جانبنا جميعا فى الوطن العربى، لكن تبقى الثورة المصرية ذات تأثيرات عميقة على المجتمع العربى ككل. صحيح أن ثورة 25 يناير المصرية ليس لها رأس محدد، ولكن بالتأكيد لها قاعدة عريضة وهذا إلى حد كبير أهم من الرأس.
هناك تخوف شديد من اختطاف ثورة يناير من قبل قوى سياسية أو تيارات دينية، فهل تشعر بأن هذا الخوف فى محله؟
أعتقد أن مصر بعد 25 يناير لن تكون هى مصر قبل 25 يناير مرة أخرى، وبالتالى مهما كانت المخاوف لدى البعض من احتمال اختطاف الثورة والعودة إلى المربع الأول أو الانحراف بها إلى مربعات أخرى، فإن القاعدة الواضحة هى أنه لا عودة إلى النظام السابق أو إلى الشكل السابق لحكم مصر، وأنه إذا أحسنا إدارة الأمور، وأكدنا الحركة نحو الديمقراطية والشفافية والحكم الدستورى والإصلاح الشامل فهذه الثورة سوف تكتسح فى طريقها كل المحاولات السلبية.
إذن تستبعد محاولات الاختطاف؟
لا.. لا أستبعد محاولات الاختطاف - هذه هى السياسة – ولكن لا أخشى منها لأن الشعب هو الذى ثار وليس مجموعة منه، إنما الشعب كله خرج للمطالبة بالحرية والتغيير. الآن الفرصة أصبحت سانحة لتنطلق مصر الفتية مرة أخرى بعدما كانت مصر «العجوزة الكسولة والخاملة»، وهذا لن يختطف.
قيل إن الإخوان المسلمين هم أكثر المستفيدين من ثورة 25 يناير والبداية كانت بتشكيل حزب سياسى؟
من حق جميع القوى السياسية أن تكون لها أحزاب تنطق باسمها، وأن تطرح أفكارها والحلول التى تقترحها لمشاكل مصر حتى تكون موضع نقاش قومى. ومن حق الشعب أن يعلم ماذا تريد هذه المجموعة أو تلك وأن يقارن بين البرامج المطروحة ويقدر مدى فائدتها والإمكانيات الحقيقية التى تعتمد عليها، فالهدف الآن هو إطلاق مصر الحديثة، مصر الديمقراطية، والديمقراطية تعنى أن يكون لكل مواطن ولكل تيار فى مصر الفرصة لأن يعبر عن نفسه، وأن يكون الخط السياسى الذى تقره مصر نابعاً من نقاش وطنى ومؤسساً على توافق رأى تنتجه آليات الديمقراطية.
نظرا لتدمير الأحزاب السياسية المصرية طوال فترة النظام السابق، وسقوط الحزب الوطنى مؤخرا، بدا للبعض أن أى انتخابات برلمانية قادمة ستأتى بالإخوان، لأنهم الفصيل الوحيد الذى له وجود فى الشارع الآن؟
أعتقد أن الحركة السياسية المصرية يجب أن تبدأ بانتخاب رئيس الجمهورية أولا وليس بالانتخابات البرلمانية، فالمجلس الأعلى للقوات المسلحة قام حتى الآن بخطوات جيدة مثل تعديل الدستور، وتهدئة الأحوال، والتغيير الواضح فى كبار المسؤولين. وربما يكون التغيير الأهم هو المتعلق بالدستور، والمقصود بالتعديلات الدستورية أن تمكن للمعركة البرلمانية والرئاسية أن تبدأ، وأرى أنه بعد انتهاء الفترة الانتقالية التى يديرها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، تأتى الانتخابات الرئاسية على أساس الدستور الحالى بعد إدخال التعديلات اللازمة عليه، ويدير الرئيس العمل لصياغة دستور جديد بدءاً بدعوة مجموعة واسعة التمثيل من خبراء القانون الدستورى وممثلين عن شرائح المجتمع المصرى وممثلين لأبناء المهن المختلفة من المهندسين، الأطباء، والزراعيين، وأيضا العمال وغيرهم، وممثلى المرأة والشباب، بمعنى تمثيل المجتمع ككل فى وضع مشروع الدستور، ثم يدعو الرئيس بعد ذلك إلى جمعية تأسيسية منتخبة مكونة من 200 أو 250 عضوا لهم مواصفات معينة للنظر فى مشروع الدستور واعتماده، وإذا ما تم اعتماده يدعو الرئيس إلى انتخابات برلمانية فورا على هذا الأساس ووقتها ستكون انتخابات منطلقة ومؤسسة على أساس الدستور الجديد.
ويجب أن نراعى فى صياغة الدستور أننا فى القرن الحادى والعشرين، وأننا نريد دستورا يتماشى مع احتياجات المجتمع فى هذا العصر الذى نعيشه، ويفصل بين السلطات، ويحدد سلطات الرئيس ومجلس الوزراء والبرلمان، ويحدد فترات الرئاسة بفترتين، أرى أن تكون كل فترة خمس سنوات، بمعنى أن يتولى الرئيس إدارة البلاد لعقد من الزمان، وذلك حتى يمكن تقييم مدى التقدم والإنجاز عقداً وراء عقد. وفى هذا يهمنى أن أشير إلى أن الدستور ليس مجرد بنود أو مواد، كما أنه ليس مسألة صياغة فحسب، وإنما هو فى الأساس روح وتوجه يشكل إطار فكر المجتمع ويحدد أهدافه ويضبط حركته.
وهل يمكن أن تصبح رئيساً لمصر لعقد من الزمان؟
الرئيس القادم لمصر، أيا كان من هو، يجب فى رأيى أن يكون رئيسا لفترة واحدة فقط، سواء اتفقنا على أن تكون خمس أو أربع أو ست سنوات، يقود فيها عملية الإصلاح والتعديل، ويضع البلد على طريق الاستقرار وإرساء الأمور، ثم نبدأ من 2015 فصاعداً بتحديد فترة الرئاسة بمدتين.
ما الخطورة الأساسية التى تلتمسها من إجراء الانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية؟
لا توجد خطورة حقيقية، فالآراء مختلفة ولكنها ليست بالضرورة متصادمة، ورأيى هو إعطاء وقت كافٍ للأحزاب لأنها غير جاهزة، والديمقراطية والبرلمانات بصفة خاصة تتطلب أحزاباً جاهزة بدرجات متقاربة تتيح لها منافسة حقيقية، أى أن تتاح لهم الفرصة ليعملوا ويستقطبوا أصواتاً ومؤيدين ومرشحين للحصول على مقاعد فى البرلمان، إذا أعطوا المساحة الزمنية المعقولة والكافية للإعداد والاستعداد والفرصة سانحة لذلك الآن بعكس الماضى، وسيساعد على ذلك، من وجهة نظرى، وجود رئيس للبلاد، ووجود دستور دائم تستند إليه الحركة الانتخابية والبرامج التى سوف تقدم.
نحتاج إلى حسم موقفك الآن: هل ستخوض انتخابات الرئاسة أم لا؟
أنا مستعد لترشيح نفسى للانتخابات، فهذا أراه واجباً ومسؤولية، ولما لا والمنصب شاغر، والمطالبات كثيرة من عدد كبير من الشباب وفئات المجتمع المختلفة، وأنا الآن أرتب برنامجى لأتمكن فى اللحظة المناسبة من طرح اسمى للترشح للانتخابات الرئاسية، فالباب مفتوح فى العهد الجديد للجميع للمشاركة، والعهد الجديد يبدأ بالتمكين وفتح الباب للمنافسة الحقيقية. تمكين كل من يصلح حتى يكون التنافس إيجابياً ودون تدخل أو تفضيل، وهذا هو التغيير الذى سعت الثورة لتحقيقه.
وما الملامح العامة لبرنامجك الانتخابى؟
يجب ألا يتوقع أحد أن يكون لدىّ برنامج انتخابى شامل فى هذه المرحلة، ولكننى أرى أن النظام المصرى فى المرحلة الراهنة يجب أن يكون نظاما رئاسيا وليس برلمانيا، ويجب أن يكون هناك نص يسمح بإعادة النظر فى شكل النظام الديمقراطى الذى يحكم مصر فى إطار عشر سنوات مثلاً من بدء إطلاق الدستور الجديد وإمكانية الانتقال إلى النظام البرلمانى.
الأفضل فى اللحظة الراهنة من وجهة نظرى هو النظام الرئاسى، مع تحديد سلطات الرئيس بطريقة واضحة وديمقراطية، خصوصا أن هذه المرحلة ستكون مرحلة ذات خصوصية لأن مهمة الرئيس خلالها ستكون إعادة وضع البلاد على الطريق الصحيح والعمل على استقرارها.
فى الوقت نفسه فالرئيس يجب أن تكون له رؤية استراتيجية واضحة لمصر المستقبل يطرحها فى برنامجه الانتخابى على بنى وطنه وتبحثها مؤسساته، تنبثق عنها خطط للتنفيذ، والنقطة الأساسية هنا أن يقود الرئيس تغييراً حقيقياً بإعلان أن هذه المرحلة هى مرحلة أهل الخبرة وليس أهل الثقة، فأهل الثقة وأعضاء الشلل كانوا أحد أسباب ما آلت إليه الأوضاع فى مصر من تدهور.
أنا إذن مع وضع دستور جديد للبلاد بالآلية التى اقترحتها أو ما يوازيها، على أن تضع المجموعة الوطنية التى ستكتب مشروع الدستور فى اعتبارها أنه كان لدينا دساتير مهمة ومتميزة مثل دستور 1923 ودستور 1954 ومشروعات دساتير أخرى لم تر النور، لمجرد أنها كانت مقيدة لسلطات رئيس الجمهورية، وكلها يمكن أن تشكل مرجعيات ذات قيمة.
وهل سيتضمن برنامجك الانتخابى «المخرج الأساسى» من الأزمات التى تضغط على الشارع المصرى مثل البطالة والعدالة الاجتماعية والأجور. بمعنى آخر: هل بدأت فى تكوين رؤية عامة فيما يخص هذه المشكلات؟
أعد الأوراق الخاصة فى هذا الشأن واهتمامى بها ليس من اليوم ولا بعد ثورة يناير، ولكنى كنت أواليها باستمرار وأتابع النقاش بشأنها مع عدد من خبراء الاقتصاد والاجتماع والعلوم المختلفة من المصريين، حيث كنت على يقين أن سبب التراجع المصرى هو الخلل الذى أصاب المجتمع فى تنميته البشرية كما فى مفهوم الاقتصاد الذى يحكم توجهنا التنموى بما فيها الخدماتى وفى مرافق الحياه المختلفة من العمل إلى مرفق التعليم إلى الرعاية الصحية إلى كل الخدمات.
هذا ما نحن بحاجة إلى التوجه إليه بالإصلاح، وأنا أراهن على قدرة المصريين على اختصار الوقت ما دامت هناك جدية، وأن الإصلاح يتم طبقاً لمفهوم وخطة وبواسطة الخبراء والعلماء، وقد تأكد لى ذلك بعد أن اختلطت بالكثير من الناس أثناء الثورة، وقابلت وأقابل وفوداً من الشباب من القاهرة والإسكندرية والمحافظات المختلفة.
ورغم أن التعليم فى مدارسنا وجامعاتنا لا ينتج السلعة المطلوبة لسوق العمل ولا حتى المعرفة الجيدة، ورغم ما كان لدى من انطباع بأننا نواجه نتائج سيئة بسبب التعليم وسوء إدارته، فإننى عندما تحدثت مع الشباب وجدت أنهم ذوو عزم وعزيمة ووعى، وعلى وعى شديد.
ولأنهم لم يتلقوا التعليم الكافى واصلوا تلقى التعليم الإضافى الذى يحتاجون إليه، فيذهبون لتعلم الإنجليزية والصينية والكمبيوتر وتثقيف أنفسهم بعيدا عن التعليم النظامى، بالإضافة إلى وعيهم بحقيقة المشكلات التى تمر بها مصر، وقد استفدت كثيرا من هذه اللقاءات وتأكدت من قدرة هذا الشباب على إحداث التغيير. شبابنا فى وضع أفضل كثيراً مما كنا نظن، ولديه قدرات وعزائم تستحق التشجيع والتحية. ونحن نستطيع بمثل هذه الدرجة من الوعى أن نسير إلى الأمام، مستندين إلى أجيالنا القائمة من أهل الخبرة والعلم، وإلى روح الثورة التى سرت فى نفوسنا وضمائرنا.
ولدىّ إيمان بأن المطلوب تحقيقه مثلاً فى عشر سنوات يمكن إنجازه فى خمس سنوات بالإدارة الجريئة والخبيرة والحاسمة فيما يتعلق بأوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية.
ومتى ستنتهى من وضع برنامجك الانتخابى على الورق ليعرض على الناس؟
البرنامج قيد البلورة، وكان محلاً للتفكير العميق والنقاش النشط مع مجموعة من المفكرين كمرحلة أولى وسوف أطرحه على مجموعات أوسع فى المستقبل القريب.
لنتحدث عن كيفية الخروج من المأزق الاقتصادى؟
تحدثنا فى بداية التسعينيات عن الإصلاح الاقتصادى فى إطار النظام الدولى الذى بزغ بعد انتهاء الحرب البادرة وإتمام سيطرة النظام الرأسمالى، وسيادة اقتصاديات السوق والخصخصة وغيرها، وذلك بالإضافة إلى تزايد دور صندوق النقد والبنك الدولى، وكانت النظريات لدينا تابعة وليست مؤسسة على رؤية مصرية واضحة لما يجب اتباعه وما يجب استبعاده باعتبارنا بلداً نامياً ولا يمكن أن يكون رأسمالياً بالمعنى الكامل فكان ما كان من انفصام النظرة الاقتصادية وعدم تمكن السياسة الاقتصادية من تحقيق التنمية ووصول نتائجها إلى مختلف شرائح المجتمع.
هذا فشل فى السياسة الاقتصادية لا شك فيه ويجب تجنبه تماماً فى سياستنا القادمة، ثم إنه فى السنوات العشر الأولى من القرن الجديد - أى فى القترة من 2000 إلى 2010 - ظهر رجال الأعمال بقوة غير مسبوقة، فتحول الاقتصاد تماما بعيداً عن التنمية الشاملة إلى تحقيق الثراء السريع لفئة قليلة ممن سموا أنفسهم رجال أعمال، وقد رأينا نتيجة ذلك فى سوء التوزيع الذى نلمسه الآن ما بين الثراء الفاحش للقلة والفقر المدقع للكثرة.
وما السياسة الاقتصادية التى يجب اعتمادها فى المرحلة المقبلة؟
الحل لدى أن يكون باعتماد سياسة الاقتصاد الحر والعدالة الاجتماعية فى الوقت نفسه، ليكونا بمثابة القدمين للجسد الواحد. ولدى رؤية للتفاصيل لسنا فى معرض مناقشتها الآن، ولكن السياسة العامة للاقتصاد يجب أن تستند إلى رؤية وخطة وليس إلى مجرد حركة لا تفيد ودعاية لا تسمن من جوع، أو أن تكون معدلات نمو مرتفعة يتم الافتخار بها دون أن يلمس الناس فى الشارع والنجوع والكفور والقرى أثر هذه المعدلات عليهم، فهناك نسبة كبيرة من مواطنى المجتمع لا يصل إليهم معدل النمو، وبالتالى هناك خلل فى الاقتصاد وسياساته والتحليل الاقتصادى المرافق له يعانى أيضا من سطحية وخلل، يجب أن يسير الاقتصاد المصرى على هاتين العجلتين: السوق الحرة والعدالة الاجتماعية سويا.
تأخرنا كثيرا عن الركب العلمى وبات البحث العلمى مجرد كلمة نرددها دون أن نلمسها فى الواقع، الآن وفى هذه اللحظة الفاصلة من تاريخنا ألا يجدر بنا وضع البحث العلمى فى قائمة الأولويات؟
موضوع البحث العلمى لم يتراجع فقط بل كان غير موجود أصلا، والسبب أننا لم نقدر أبدا معنى البحث العلمى فخصصت له ميزانية لا تكفى حتى رواتب الباحثين، ولم يتم فهم معنى تواجد الدكتور زويل فى مصر ولا كيفية الاستفادة منه، وكانت فرصة عظيمة عندما عرض مساعدته لبلده واستعداده لإنشاء جامعة علمية تكنولوجية، دون أن يستجيب أحد، ولم يكن يصح أبدا أن يجنب الدكتور أحمد زويل أو يتم تجاهله. كذلك مشروع الدكتور فاروق الباز «ممر التنمية» الذى يعد أعظم المشروعات التى طرحت فى السنوات الماضية، وهى الفكرة التى بدأ طرحها منذ الثمانينيات وأعدنا نقاشها فى بداية التسعينيات جديا، وأذكر مناقشات تمت بيننا فى شأنها فى ذلك الوقت مع الدكتور الباز فى مصر وفى واشنطن، ومع ذلك لم تدرس بشكل جدى لتنفيذها رغم كونه مشروعاً ضخماً يحقق التنمية والتعمير ويحقق نقلة هائلة، ومثل هذه المشروعات قائمة على أسس علمية وليست دعائية. للأسف نحن أهملنا العلم والمراكز البحثية طوال السنوات الماضية.
وماذا عن البرنامج النووى المصرى؟
كنت أخشى من أن ينجح بعض رجال الأعمال فى إلغاء البرنامج النووى السلمى المصرى لأسباب لا داعى لذكرها، وكنت شديد الإصرار والتصميم بأنه مهما كان موقعى كنت سأعترض علنا كمواطن مصرى على تعويق البرنامج، ولكن الله سلم وتمت الموافقة على أن تكون الضبعة مقراً للمحطة النووية، وأرجو أن تمثل نقلة نوعية فى هذا المشوار النووى السلمى.
وهل يمكننا مجابهة أى ضغوط أجنبية؟
طبعا، خاصة ونحن نتحدث عن مشروع نووى سلمى وفقا لشروط وكالة الطاقة الذرية. أنا أعرف بوجود الضغوط بالنظر إلى المصالح العالمية المتناقضة، ولكننى لا أفهم الخضوع الأوتوماتيكى لها، والأمر يتوقف على موقفنا وسياستنا، فإذا كان موقفنا قوياً وكنا مصرين على إتمام المشروع يمكننا تنفيذه لأنه من حقنا طبقا لمعاهدة عدم الانتشار، وطالما نحن ملتزمون بالالتزامات الخاصة بالاستخدام السلمى، المهم أن تكون هناك ثقة فى الموقف المصرى الواعى. وبالمناسبة، نحن لن نبدأ من الصفر، فلدينا عدد من المفاعلات ليس فقط مفاعل أنشاص ولكن أيضا لدينا مفاعلاً أرجنتينياً تم الحصول عليه فى التسعينيات.. المهم الآن هو توفير الإمكانيات والميزانيات وإعادة إطلاق الطاقات، وإظهار تأييد ودعم العلماء والعلم فى المرحلة المقبلة.
ولابد من النظر فى إنشاء مجلس أعلى للبحث العلمى فى مصر ترصد له الميزانيات وتكرس له الفروع المتخصصة فى الجامعات المصرية، ويتواصل مع الجامعات المهمة فى العالم، وأن نتوجه فى ذلك شرقا أيضا وليس غربا فقط. وجامعات اليابان والصين وكوريا والهند وغيرها كلها جاهزة وبتكاليف أقل كثيرا من مثيلاتها فى قارات أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.