في مؤلفه الجديد ، تناول الناقد الواعد عمر الحسني ظاهرة التناص في ديوان شاعر مغربي معروف بقدمه الراسخة في التعبير بالصورة الشعرية البديعة عبر التشكيل للوحات تبرز مهارته في تحسيد رقة مشاعره إزاء ما يجري أمامه وما هو مركون في ذاكرته ، إنه الشاعر محمد الخمار الكنوني ، وقد اختار الاشتغال على ديوانه المعنون ب " رماد هسبريس " وهو من الدواوين التي ضمنها الشاعر إيقاع نبضه و رقة عواطفه و رفعة إبداعيته المشكلة بحدق ورصانة الشاعر الموهوب العاشق لمظاهر الجمال و تصوير لحظات العسر واليسر بروعة الأسلوب ذاته. ولأن تجربته في الديوان تقدم مزيج لهمومه الوجدانية و والسياسة والاجتماعية والروحية ، فإن الكاتب حاول أن يلامس ذلك مركزا على التناص الذي يتبدى كثيرا في ثنايا قصائد الديوان. وقد جاء المؤلف موزعا وفق المحاور التالية : 1 مقدمة : عرض فيها الكاتب الدافع إلى اختياره لدراسة النص الغائب في تجربة الشاعر محمد الخمار الكنوني مُرجعا ذلك الى بعض سجاله وهو طالب مع اصدقائه ا وأستاذه حول قضايا تتعلق بدراسة النويهي لنفسية ابن الرومي . إلى جانب اهتمامه بالشعر المعاصر من حيث بناه وقضاياه الإبداعية والتركيبة ، مشيرا إلى بعض العراقيل التي تواجه الباحثين أمام دراسة الشعر المعاصر وفي مقدمتها العوز إلى المراجع والمصادر لحداثة وتعقد المفاهيم النقدية الخاصة به . 2 مدخل : وذكر فيه الشاعر أمورا تتعلق بالظروف التي ظهر فيها الشاعر محمد الخمار الكنوني متأثرا بشعراء وبمبادئ وأفكار السلفية للحركة الوطنية. وأشار الكاتب بعض السمات الأسلوبية التي تميز شعره الكنوني الذي ساهمت في نسج تجربته الشعرية تجارب ومشارب وجدت طريقها إلى منتجه الشعري الثري المتنوع الثيمات. وخصص بقية المدخل لدراسة عنوان الديوان دراسة نحوية وتركيبية متناولا لبعض ما يحيل عليه في الواقع والتاريخ ، معترفا بقصور تناوله أمام انفتاحه الدلالي والبلاغي " ذلك أنه ليس من السهل ولوج عتبة العنوان التي تتعدد وظائفها وتتشابك فيما بينتها ..." ص 25. 3 الفصل الأول : واستفاض الكاتب فيه وهو يدرس دراسة لغوية وبنيوية حقلين معجميين متعلقين بكل من " الماء " و "الرؤيا" وذلك عبر سياقات متنوعة تحيل على أهميته في عالم الشاعر والمحيطين به ، وفي تجربته كمبدع استعمل المعجمين استعمالا تركيبيا عبر من خلاله عن رؤيته ورؤياه ومشاعره إزاء الذات والعالم الذي يعيش فيه. 4 الفصل الثاني وخصصه للنص الغائب مستوياته وتجلياته من خلال النص الديني " القرآن الكريم " والنص الشعري " شعر الرواد " ، فالقرآن الكريم " شكل قسطا كبيرا من ثقافة الشاعر انطلاقا مما تلقاه في الكتاب وحضوره المجالس القرآنية التي كان يشرف عليها ابوه "، وهذا ما مكن الكاتب من الاشتغال على التناص عبر مادة دسمة مكنته من الوقوف على أهم ملامح ومعطيات هذا التواجد الملفت للنص الغائب في ديوان الشاعر . 5 خلاصات : ويخلص الكاتب الى امور كثيرة متداخلة ومتراكمة في ذات وذاكرة محمد الكنوني ، لتجعل منه المبدع الذي يستقي مادته من منبع ثقافي متنوع و في مقدمته النص الديني ، يليه شعر الرواد وغيرهم . ولغنى شعره بالتناص فإن الكاتب للم يرو ظمأه و لم يطفئ حرقة تساؤلاته وهو ينهي دراسته للديوان . إذ يرى " تشتت البنية الدلالية التي عزت الى توظيف فسيفساء من الاستعارات المفارقة والجمل الشعرية المتناقضة لغوية والمترادفة رمزيا وتركيبيا والتي استمدت بناءها اللغوي الدلالي في كثير من الاحيان من النص الديني " القرآن ". ولا يخفي الكاتب كون النص الغائب ظاهرة متفرعة ومتشابكة تحتاج إلى مجهودات ومجهودات للوقوف على مختلف تشكلاتها وتركيباتها بغية الاكتشاف لملامح توظيفه اللامتناهي في المتون الشعرية الحديثة والقديمة . الكتاب وفق التصميم الذي قدم وفقه ، ووفق منهجية التناول لمادته إضافة نوعية للحقل النقدي المغربي والعربي ، ويحمل مظهر اهتمام الكاتب النقدي لأعمال إبداعية ، كما يحمل ثمرة جهده محتكا بنصوص الديوان وبالحقل النقدي الذي أسعفه في البحث و التناول وتعميق الدراسة. نتمنى له كل التوفيق. + التناص في ديوان " رماد هسبريس " المفهوم والتجلي تأليف عمر الحسني الطبعة الأولى 2015م طباعة .bj print agadir