لم يكن موقف المرجعية الرافض لتسليح الكرد والسنة مفاجئا، لأنها اعتادت على مواقفها التي لا تخدم العراق وشعبه، وإنما تخدم مصالحها ومصالح إيران ، كما إن المرجعية التي أصدرت فتوى "الجهاد الكفائي" فتوى التقاتل والتقسيم والحقن الطائفي لتفتح الباب على مصراعيه لمليشيا الحشد الشعبي لممارسة أبشع الجرائم بحق العراقيين (ومنهم أهل السنة العزل) كما حدث في كربلاء وتكريت وقبلها في ديالي وغيرها، لا يتصور منها أن توافق على تسليح أهلنا في الشمال أو أهلنا في الرمادي أو الموصل وصلاح الدين وغيرها من مناطق بلدنا الحبيب لدفع خطر وإجرام التكفير القاتل المنتحل للتسنن أو التشيّع. من اجل كشف زيف وبطلان ذريعة شماعة السيادة التي سوقتها المرجعية ومن يسير في فلكها، لتبرير رفضها للتسليح نطرح بعض التساؤلات والمفارقات التي تعجُّ بها مواقفها وقراراتها فنقول: هل إن العراق ودولته يتمتعان بالسيادة حتى يصح القول والحديث عن: الحفاظ على السيادة، أو يمس بالسيادة، أو يضر بالسيادة، أو ينتهك السيادة؟!!!!.، فيتحجج المعترضون على التسليح بشماعة السيادة؟!. لماذا لم تفكر المرجعية وأحزابها وكتلها وشخوصها السياسية وملحقاتها بالسيادة حينما استعانت بالأمريكان من اجل إسقاط نظام صدام، وباركت وشرَّعت الاحتلال الأمريكي للعراق وما رشح عنه من انتهاكات صارخة وواضحة للسيادة، بل صار العراق فاقدا للسيادة مطلقا؟!، فهي وسياسيوها أباحت لنفسها ذلك، وترفض تسليح أهل السنة للدفاع عن أرواحهم وأعراضهم ووطنهم، بذريعة السيادة، هذا لو سلمنا بتمامية المقارنة بين الحالتين من حيث الظروف والحيثيات، فهل حلال عليها ذلك، وحرام على أهل السنة العزل المظلومين؟!. ثم أي سيادة يمكن تصورها والعراق واقع تحت النفوذ والتحكم بل الاحتلال الإيراني وقيادة قاسم سليماني؟!،وهذا كله من بركات حنكة ورؤية المرجعية التي كانت ولا تزال المطيع والمنفذ لإرادة الإمبراطورية الفارسية المزعومة وعاصمتها العراق كما صرحت إيران، وغيرها من التصريحات الوقحة التي تنسف السيادة من عروقها. هل بقي للسيادة لون وطعم ورائحة بعد أن فتحت المرجعية الباب على مصراعيه (بفتوى الجهاد الكفائي) لمليشيا الحشد الشعبي ومنحتها من القوة والحصانة والشرعية ما جعلها فوق الجميع، فوق القانون والدولة والسيادة والوطن وصارت تتحكم في صناعة القرار الأمني والعسكري والسياسي الداخلي والخارجي، بل تفرض رؤيتها بالقوة والتهديد. أين هي السيادة والموصل و"بيجي" وأجزاء كبيرة من صلاح الدين والأنبار وغيرها من المناطق العراقية واقعة تحت سيطرة "داعش"، وأين هي والنازح الأنباري يُمنَع من الدخول إلى عاصمته إلا بكفيل... وكفلاء، وأين هي السيادة وعشرات الآلاف من الإيرانيين دخلوا إلى العراق دون مستمسكات رسمية كما حدث في زيارة الأربعينية؟!!!. هل يصح أن يوصف العراق بتمتعه بالسيادة والشعب يقتل ويذبح ويروع ويهجر وينزح ويجوع والأعراض تنتهك والمقدسات تدنس والمساجد والكنائس والآثار والبيوت تنسف وتفجر وتهدم وتحرق...؟!!!!. ما قيمة السيادة (إن كانت موجودة) والعراق وشعبه على ما هو عليه من ضياع وخراب وهلاك. مفارقة عجيبة غريبة من المرجعية، فتسليح إيران للحشد الشعبي وميليشياته لا يمس سيادة العراق، وتسليح الكرد وأهل السنة العزل والذين امتنعت وماطلت وسوفت الحكومة تسليحهم، فوقعوا تحت نار وخطر وإجرام التكفير القاتل المنتحل للتسنن أو التشيّع ونار النزوح، يُعدُّ انتهاكا للسيادة!!!!. أمريكا المحرر والمنقذ والحليف والصديق والولي في نظر المرجعية وملحقاتها،الآن أصبحت تمس بالسيادة وتنتهك السيادة !!!!!!. هل تجهل المرجعية معنى التلازم والعلاقة التلازمية، والذي هو من القضايا البديهية التي يدركها العقل دون نظر وفكر، فضلا عن انه يدرس في المراحل الحوزوية الأولى؟!، وإلا فمن من أين جاءت بعلاقة التلازم بين السيادة وتسليح من يريد الدفاع عن نفسه وعياله وشرفه وأرضه وماله ووطنه؟!!!!!. يقول السيد الصرخي الحسني في سياق جوابه على استفتاء رفع له حول قضية التسليح، تحت عنوان «نعم نعم للتسليح .. لوحدة العراق»: ثالثا: المعترض ممن بيده السلطة والمؤثر فيها يكون متهما بجريمة الإبادة الجماعية لشعب اعزل مظلوم فالسلطة لا تسلحهم ولا تقبل ان يسلحهم احد فلا يبقى أمامه إلّا الموت فان بقوا في بيوتهم ماتوا بعمليات الثار والتصفية والقصف والاشتباكات ، وان نزحوا من ديارهم ماتوا على أيدي الغدر والخيانة ، ومن هنا أدعو كل شرفاء العراق والعالم من أهل الاختصاص أن ينتصروا للمظلومين العراقيين بتشكيل لجان قانونية وحقوقية لجمع الأدلة والبيانات وتقديمها للمحاكم الدولية والمنظمات الإنسانية والحقوقية من اجل إدانة ومحاكمة كل من تسبب في إيصال العراق والعراقيين إلى جحيم التقاتل والموت وسفك الدماء وتهجير وتجويع الشيوخ والنساء والأطفال وترويعهم.).