نظم صالون مازغان للثقافة والفن وبدعم من الجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية بالجديدة ندوة تحت عنوان :"الترجمة، قضايا وإشكالات" بمشاركة الأساتذة حسن أحمامة وشكير نصر الدين وإبراهيم أولحيان يوم السبت 13 دجنبر الجاري بالمكتبة الوسائطية التاشفيني بحديقة الحسن الثاني بمدينة الجديدة. وقد عرفت هذه الندوة العلمية حضور الأستاذ محمد مستقيم رئيس صالون مازغان للثقافة والفن ومدير المكتبة الوسائطية التاشفيني وكذا أعضاء الصالون، بالإضافة إلى ثلة من المثقفين والأساتذة من مدينة الجديدة وجمهور ورواد المكتبة الوسائطية التاشفيني. هذا، وقد جاء في مداخلة الأستاذ نورالدين صدوق أن الترجمة ضرورة فكرية للانفتاح على الثقافات والحضارات المختلفة، وأن فعل التثاقف الذي هو فعل الترجمة بامتياز يعد من الأركان الأساسية للتطور المعرفي والثقافي واللغوي للفكر الإنساني. وأبرز نورالدين صدوق أن غياب المؤسسات المحتضنة للترجمة الأدبية والعلمية في المغرب لم يحل دون الإنتاج الهام والمجهودات الفردية الجبارة في مجال الترجمة، والتي تضاهي الأعمال الفكرية المترجمة داخل مؤسسات الترجمة القليلة. كما أكد على أن خصوصيات المترجم تتمثل في الكفاءة والمقدرة. في هذا الإطار، يضيف نورالدين صدوق، ينظم صالون مازغان للثقافة والفن هذه الندوة العلمية حول الترجمة وقضاياها الكبرى. كما جاء في مداخلة الأستاذ شكير نصرالدين تحت عنوان :"الترجمة في الوطن العربي"، أن الترجمة بداية قد ازدهرت في العصر العباسي من خلال "بيت الحكمة"، حيث تم ترجمة الفكر الإنساني إلى اللغة والثقافة العربية، خاصة الفكر اليوناني؛ وأن حفريات معرفية لهذا الإنتاج الفكري الغني بإمكانها أن تغني فعل الترجمة في الوطن العربي. كما تتميز الترجمة في الوطن العربي، يضيف شكير نصرالدين، بغزارة ترجمة الأعمال الثقافية والمعرفية الأجنبية إلى اللغة والثقافة العربية، وبندرة ترجمة الإنتاج الثقافي العربي إلى اللغات والثقافات الأجنبية؛ وبالتالي ضرورة التفكير في إنتاج الترجمة كمشروع ثقافي يساهم في تطور وتقدم الشعوب والأمم (نموذج اليابان)، وكذا كخيار استراتيجي في أفق نمو وازدهار الساحة الثقافية في الوطن العربي. ومن بين معيقات الترجمة في الوطن العربي، يرى شكير نصرالدين أن غياب الميزانيات الضرورية للوزارات المعنية وكذا المؤسسات العلمية الخاصة لإنتاج الترجمة يحولان دون نمو وتطور إنتاج الترجمة في الوطن العربي، وأن إسهامات بعض دور النشر العربية في مجال الترجمة تبقى إسهامات ضعيفة كما وكيفا، ولا ترقى إلى المستوى المطلوب. كما يتطلب النظر في إنتاج الترجمة كجزء من كل، حيث أن أزمة الساحة الثقافية في الوطن العربي تنعكس سلبا على الإنتاجات الفكرية المترجمة. ويخلص شكير نصرالدين إلى ضرورة توفر شروط الدقة والشمولية في الأعمال الثقافية والمعرفية المترجمة قصد الوفاء للأمانة العلمية والأمانة الأخلاقية، وكذا ضرورة التنويه بإنتاج الترجمة كفعل ثقافي ومعرفي يساهم في تطور المعرفة الفلسفية والأدبية؛ وذلك في إطار جدلية التأثير والتأثر بين الثقافات في مجال الترجمة. وقد جاء في مداخلة الأستاذ حسن أحمامة تحت عنوان:"واقع الترجمة وأفاقها"، أن الترجمة في الساحة الثقافية المغربية تعد إنتاجا ثقافيا مزدهرا، وذلك ناتج عن تميز المترجم المغربي في الساحة الثقافية العربية. كما أن الترجمة الأدبية ظلت هامشية، نتيجة الجهود الفردية وكذا غياب مؤسسات الترجمة المحتضنة لهذا الجنس المعرفي. كما أن إحداث جائزة الترجمة، يضيف حسن أحمامة، بوزارة الثقافة يعد بادرة طيبة، لكن ضرورة خلق هيئات ومؤسسات جامعية للترجمة قصد النهوض بقطاع الثقافة في المغرب. ويخلص حسن أحمامة إلى أن الترجمة تساهم في نشر المعارف والمهارات، وأن عملية التثاقف كحركة فكرية تحررية تقف أمام الانغلاق والدوغمائية الثقافية والفكرية. ويختتم الأستاذ ابراهيم أولحيان ندوة الترجمة بمداخلة تحت عنوان :"الترجمة وتخصيب الهوية الثقافية"، حيث أبرز أن فعل الترجمة هو فعل إبداعي بامتياز، وأن الترجمة خيار حضاري يدل على عمق إيديولوجي. كما أن الترجمة في بعدها التثاقفي هي مرآة للذات وللآخر، حيث تجعل الثقافة في مواجهة اليقينيات والمسلمات. وأن الترجمة، يضيف ابراهيم أولحيان، تتيح إمكانية معرفة الثقافات الأخرى، وبالتالي إغناء الفكر الكوني الذي يحفظ الخصوصيات الثقافية ويثريها، في مقابل العولمة التي تريد تذويب الخصوصيات الثقافية في فكر شمولي وكلي. وفي معرض حديثه عن الترجمة والاختلاف، يرى ابراهيم أولحيان أن فعل الترجمة يطرح بالضرورة علاقة الذات بالآخر داخل الثقافات وكذا داخل الثقافة الواحدة، وأن هذه العلاقة تتشذر في اتجاهين أساسين مختلفين؛ الاتجاه المحافظ الذي يدعو إلى ضرورة ترويض النص الأجنبي وإخضاعه للثقافة واللغة العربية، والاتجاه التجديدي الذي ينفتح على الثقافة الأجنبية بنوع من المغالاة في مجال اللغة وكذا تجديد اللغة وتفجيرها من الخارج. ويخلص الأستاذ ابراهيم أولحيان إلى ضرورة المترجم في عملية الترجمة ترويض اللغة العربية في تعاملها مع الثقافات الأخرى؛ وعدم الاقتصار على ترجمة المعارف والأفكار والمهارات، ولكن أيضا تثوير اللغة العربية من الداخل.