رفعت الجزائر من ميزانيتها للدفاع 2015 بنسبة 10 بالمئة مقارنة بالعام الماضي، لتبلغ 13,1 مليار دولار (11,8 مليار دولار في 2014) ما يجعل منها الأكبر في ميزانية الدولة بعيدا عن ميزانية التربية التي حددت ب9,2 مليار دولار.والأضخم منذ الاستقلال في 1962. وأصبحت الجزائر بذلك ومع عدد أفراد القوات المسلحة التابعين لوزارة الدفاع نحو 130 ألف رجل، من أهم القوات العسكرية في أفريقيا، و31 عالميا في لائحة الجيوش حسب الترتيب العالمي 2014 ل"غلوبال فايرباور" Global Firepower كما تدخل قائمة العشرين عالميا من ناحية أكبر ميزانيات الدفاع والأسلحة قبل جارتها المغرب التي عززت جيشها بعتاد حربي وعسكري متطور خلال الفترة الأخيرة. وسيناقش البرلمان الجزائري خلال أسابيع هذه الميزانية، التي من المنتظر أن يصادق عليها كما كان عليه الشأن في السنوات الماضية. عن هذه الميزانية الجديدة، أسبابها وتداعياتها يجيب عماد مسدوة، محلل سياسي مختص بأفريقيا. الجزائر ضمن الدول العشرين الأولى عالميا من حيث الميزانية المخصصة للدفاع في 2015، لماذا هذا الاهتمام بالتسليح في هذا الوقت بالذات، ومن أين جاء ذلك؟ تواجه الجزائر مناخا إقليميا غير مستقر أكثر فأكثر، بسبب تفاقم الوضع الأمني في المنطقة ككل ونمو الحركات الجهادية في ليبيا وتونس ومالي المجاورة، بالإضافة إلى انتشار السلاح بشكل واسع في منطقة الساحل. وكل هذه التطورات تدعو الجزائر للترقب والتأهب لأي خطر محدق. هل هنالك سباق نحو التسلح بين الجزائر وجيرانها في المنطقة وخاصة المغرب؟ لطالما كانت الجزائر والمغرب في سباق متواصل نحو التسلح، لكن ارتفاع وتضاعف نفقات البلدين في مجال الأسلحة والدفاع من الجانبين يعكس حالة عدم الاستقرار الأمنية، أكثر منه التنافس التقليدي الموجود بين البلدين، ذلك بالرغم من التشنج الدبلوماسي الأخير بينهما. حروب ضد الجهاديين والإسلاميين على حدود الجزائر من كل جهة، في ليبيا وتونس ومالي، هل تتحضر الجزائر لحرب جديدة ضد الإرهاب بعد تجربتها المريرة سنوات التسعينيات؟ وهل يأتي نوع العتاد الحربي الذي تشتريه في هذا المنوال (طائرات بدون طيار، آلات مراقبة على الحدود، طائرات مروحية...)؟ الجزائر تتحضر لكل التهديدات المحتملة لأمنها الوطني، من دون الدخول في عمليات عسكرية كبيرة أو المشاركة في ضربات نوعية. وتعتبر السلطات الجزائرية أن التهديد الأكثر جدية في الوقت الحالي يأتي من الجارة ليبيا، التي تتعامل مع التطورات الخطيرة على أراضيها بحذر شديد. فحتى مصطلح "الحرب على الإرهاب" المستعمل في أكبر العواصم الغربية لا تستعمله الجزائر بعد. فالجزائر اليوم تعزز نفسها بعتاد حربي وعسكري قوي، وتراقب ما يحدث بحذر شديد كمراقبة الحدود أو العمل الاستخباراتي و نشر أعداد كبيرة من الجنود على الحدود....هذا كله من دون أن تورط نفسها في عمل عسكري ضد أهداف جهادية.