غارات إسرائيلية تخلف 19 قتيلا في غزة    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت        بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    موتسيبي يتوقع نجاح "كان السيدات"    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب    صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة        الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    ما صفات المترجِم الناجح؟    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !        تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال بآسفي
نشر في الشرق المغربية يوم 07 - 08 - 2014

ان سعينا الحثيث لمعالجة ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال , دفعنا الى طرق أبواب مجموعة من المسئولين والخبراء بالإقليم , والذين تعددت اختصاصاتهم , قصد تجميع أكبر قدر من المعلومات, وجعلها في متناول القارئ الكريم , والوقوف على مجموعة من المقاربات انطلاقا من لقاءات ميدانية جمعتنا بثلة من الفاعلين , من جمعيات المجتمع المدني العاملة بميدان الطفولة (مركز رحمة للإنصات والإرشاد القانوني) و كذا أطباء مستشفى محمد الخامس الذين يتلقون حالات الاعتداء في ساعاتها الأولى (كالدكتور زهير النجديوي أخصائي في جراحة الأطفال) ثم كان لنا لقاء مع (الدكتور عبد الرحيم الوريدي, رئيس قسم الطب النفسي ) الذي سلط الضوء على تداعيات الاعتداء الجنسي على الصحة النفسية وسبل الدعم النفسي لحالات الاعتداءات الجنسية على الأطفال , كما سعينا الى مقاربة الظاهرة من داخل المؤسسة القضائية من خلال تعريجنا على خلية التكفل بالنساء والأطفال بمحكمة الاستئناف بأسفي برئاسة نائب الوكيل العام عبد الرحيم شاكير, ومن خلاله المنتدبة القضائية صباح الرحوي , وحملنا تساؤلات حول المساطر الاجرائية والعملية المتبعة في حالات الاعتداءات الجنسية على الأطفال , كما سعينا الى استقراء القوانين الوطنية والمواثيق والاتفاقات الدولية على السواء من خلال المحامي الأستاذ يوسف خالدي .
* تقديم :
أضحت ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال معضلة حقيقية ,حيث أصبحت تقلق مضجع مختلف مكونات المجتمع المغربي , ولم تسلم مدينة آسفي ونواحيها من هذه الظاهرة, حيث تم تسجيل مجموعة من الحالات التي تم فيها توجيه الاتهامات الى المعتدين , في حين لازالت بعض القضايا مطروحة أمام القضاء ليقول كلمته فيها . لم يكن آخرها, حالة "الكسال " الذي أوقفته عناصر الشرطة القضائية ، بحمام شعبي بحي السعادة بآسفي، على خلفية اتهامه باغتصاب طفل قاصر داخل الحمام, بعدما تقدم والد الضحية بشكاية إلى الوكيل العام للملك ، يفيد فيها أن ابنه أثناء تواجده بالحمام , تم استدراجه من طرف "كسال" , هتك عرضه، حيث تم الادلاء في هذا السياق بشهادة طبية، تؤكد أن هناك آثارا بمؤخرة الطفل الضحية, وبناء على هذه المعطيات، أحالت النيابة العامة لدى استئنافية آسفي، الشكاية على مصالح الشرطة القضائية بولاية الأمن بآسفي، التي باشرت تحرياتها بالاستماع إلى الطفل الضحية بحضور والده , وأيضا حالة الأستاذ الذي تم اتهامه بالتحرش من لدن تلميذاته بنواحي جمعة اسحيم, وتمت تبرئته بعد شهور وحالات أخرى أكثر مأوكساوية الطفل المقعد التي تم الاعتداء عليه جنسيا , وغيرها من حالات البيدوفيليا التي عاشها ويعيشها اقليم آسفي وضواحيه..
للإشارة فالظاهرة أصبحت تؤرق بال الآباء وأولياء الأمور والمهتمين بالطفولة , حيث برزت في السنوات الأخيرة بشكل فاضح , مما يجعلنا نطرح مجموعة من علامات الاستفهام حول تجلياتها , متسائلين عن أحقيتنا في ربط ذلك , بالانفجار الجنسي والخلاعة الجنسية ,والانحلال الأخلاقي و الانفتاح الاعلامي في زاوياه المظلمة ,أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تكسير لجدار الصمت ,الذي ظل جاثما على عقولنا لسنوات , كمجتمعات عربية اسلامية محافظة, وكمجتمع مغربي تقليدي بخصوصياته الثقافية , لينسدل عنا ذلك الستار الذي عصف بكل الطابوهات , التي شكلت عبارات "الحشومة والعيب" مرجعا لنا ,حيث دخلنا مرحلة انتقالية تتمثل في القطع مع مظاهر المسكوت عنه في نسيج المجتمع المغربي , بفعل انتشار وسائل الانصال الرقمي , والطفرة المعلوماتية ,التي ساهمت الى حد ما في التسريع بفضح هذه الأفعال الاجرامية المشينة .
ويمكن القول بأن ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال ليست وليدة اللحظة , و ليست محصورة في نطاق جغرافي محدد أو مجتمع بعينه , بل يمكن اعتبارها آفة قديمة ، لكنها عرفت انتشارا في السنوات الأخيرة بالمجتمعات التي توغل فيها متلازمة الثالوت الخطير, أي الفقر , الأمية الجهل , و ضعف الوازع الديني و الأخلاقي.
كما يتخذ الاستغلال الجنسي للأطفال بالمغرب عدة أشكال يبتدئ كمرحلة أولى بالتحرش ,و ينتقل إلى هتك العرض , سواء بعنف ,أو بدونه , و يمكن أن يتطور الاغتصاب الى جريمة قتل , لطمس معالم الجريمة الأولى ، وقد أكدت مجموعة من الدراسات أن الاعتداء الجنسي يتم على الأطفال من طرف المحيط الاجتماعي القريب للأطفال أو ممن يملكون سلطة مادية أو معنوية أو رمزية عليهم، ثم تتسع دائرة الاعتداء , لتتجه الى الوسط الاجتماعي البعيد , والذي انضافت اليه اليوم فئة السياح الأجانب الذين أصبحوا يبحثون عن ضحايا من الأطفال الأبرياء لممارسة نزواتهم المرضية .
ان سعينا اليوم لتسليط الضوء على جزء يسير من ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال ,من خلال رصد بعض من ملامحها بإقليم آسفي والمدن المجاورة , على اعتبار الأمر يشكل نموذجا مصغرا من المجتمع المغربي بحواضره وقراه .
فالى أي حد نجحنا كمجتع مغربي في تبني تدابير وقائية من الناحيتين الاجتماعية والقانونية , لحماية أطفالنا من وحوش آدمية تجول وتصول بين ظهرانينا , وتقتنص الفرصة للانقضاض على فلذات أكبادنا وهتك أعراضهم واغتصاب براءتهم في وضح النهار ؟
* ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال بين الاتفاقيات,المواثيق الدولية , والقوانين الوطنية .
* أ - منظمة الصحة العالمية تعتبر الاعتداء الجنسي على الأطفال احدى أشكال ممارسة العنف .
الأستاذ يوسف خالدي محامي بهيأة آسفي , لخص ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال من خلال تعريف الظاهرة والتطرق اليها في بعدها الدولي والوطني وذلك باستحضار مواد القانون الدولي وكذا القانون الجنائي المغربي مستطردا , اذا أردنا أن نستقي تعريفا لظاهرة الاعتداء الجنسي لابد من التعريج على تعريف منظمة الصحة العالمية للعنف، والتي تضمنه تقريرها العالمي حول العنف والصحة لسنة 2002، ويفيد بأنه "الاستعمال العمدي للسلطة أو القوة الجسدية أو التهديد باستعمالها من طرف إنسان ضد نفسه ,أو ضد شخص آخر أو مجموعة أو جماعة، مما يؤدي أو يحتمل أن يؤدي إلى إحداث جروح ,أو إلى إحداث أضرار نفسية أو عاهات أو عجز", ويتخذ العنف أشكالا متعددة مثل:
1 / اعتداءات جسدية : الضرب، الجرح، التعذيب، العقوبات البدنية 2 / اعتداءات نفسية : من شتم وتعنيف وسب وضغط معنوي. 3 / اعتداءات جنسية : كالتحرش الجنسي والاغتصاب واللمس وزنا المحارم .
ولمقاربة الظاهرة من الناحية القانونية أورد مجموعة من القوانين والاتفاقات الدولية الخاصة المتعلقة بحقوق الطفل , والتي تجمع على محاربة الاستغلال الجنسي للأطفال , وتمنعه من خلال ترسانة من القوانين المستوحاة من القانون الدولي والاتفاقيات الدولية , وتوازيها في نفس الحين , فصول من القانون الجنائي المغربي, و قانون المسطرة الجنائية.
ومن ضمن هذه القوانين , إتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة بقرارها 44/25 المؤرخ في20 نونبر1989 والتي بدء النفاذ بها بتاريخ 2 شتنبر 1990 بموجب المادة 49. وللمزيد استقى بعضا من مواد القانون الدولي التي تقنن الظاهرة :
المادة 19:
1 -- تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والإجتماعية والتعليمية الملائمة , لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية أو الإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال أو إساءة المعاملة أو الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية، وهو في رعاية الوالد (الوالدين) أو الوصي القانوني الأوصياء القانونيين عليه، أو أي شخص آخر يتعهد الطفل برعايته.
2 -- ينبغي أن تشمل هذه التدابير الوقائية، حسب الإقتضاء، إجراءات فعّالة لوضع برامج إجتماعية لتوفير الدعم اللازم للطفل ولأولئك الذين يتعهدون الطفل برعايتهم، وكذلك للأشكال الأخرى من الوقاية، ولتحديد حالات إساءة معاملة الطفل المذكورة حتى الآن والإبلاغ عنها والإحالة بشأنها والتحقيق فيها ومعالجتها ومتابعتها وكذلك تدخل القضاء حسب الإقتضاء.
المادة 34:
تتعهد الدول الأطراف بحماية الطفل من جميع أشكال الإستغلال الجنسي والإنتهاك الجنسي. ولهذه الأغراض تتخذ الدول الأطراف، بوجه خاص، جميع التدابير الملائمة الوطنية والثنائية والمتعددة الأطراف لمنع:
(أ) - حمل أو إكراه الطفل على تعاطي أي نشاط جنسي غير مشروع.
(ب)- الإستخدام الإستغلالي للأطفال في الدعارة أو غيرها من الممارسات الجنسية غير المشروعة.
(ج) - الإستخدام الإستغلالي للأطفال في العروض والمواد الداعرة.
* الفصول القانونية التي تعالج ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال وفق القانون الجنائي المغربي.
الى أي حد استطاعت الدولة المغربية سن قوانين حمائية لتطويق الظاهرة , التي مافتئت تتنامى خلال السنوات الأخيرة وما مدى مواءمتها للقوانين والاتفاقات الدولية ؟
بالنسبة للقانون الجنائي المغربي ينص الفصل 484 على تراوح العقوبة من 2 إلى 5 سنوات سجنا، لكل شخص قام بمحاولة اغتصاب لطفل أقل من 18 سنة في عمره، من دون استعمال عنف. أما إذا استعمل العنف فإن العقوبة تكون من 10 إلى 20 سنة.
أما الفصل 486 فينص على عقوبة حبسية من 10 إلى 20 سنة لأي شخص قام باغتصاب طفل دون 18 سنة. هذه العقوبة قد تصل إلى 30 سنة، إذا أدى هذا الاعتداء إلى عاهة مستديمة.
في حين الفصل487 يضاعف العقوبة الحبسية إذا كان مرتكب هذا الفعل من أصول هذا الطفل أو الذين تكون لهم وصاية عليه كيف ما كانت هذه الوصاية( التعلم في القسم، التبني، الإقامة فى مأوى أو دار للتلاميذ أو مخيمات...)
أما الفصل 497 فينص على عقوبة حبسية من 2 إلى 10 سنوات لكل شخص دعا أو عمل على تسهيل أو استعمال أطفال من أجل استخدامهم في الدعارة بصورة مؤقتة أو دائمة.
أما ما يتعلق بالمسطرة الجنائية فينص الفصل 510 على ما يلي : في حالة تعرض طفل لاستغلال جنسي , يأمر قاضي الأحداث بإيداعه لدى شخص ذو ثقة أو مؤسسة أو هيأة خاصة أو عامة للإنقاذ إلى أن تنطق المحكمة بحكمها لصالحه.
كما أن أهم المقتضيات التي جاءت بها المسطرة الجنائية الجديدة، هو إمكانية احتفاظ الطفل بحقوقه كاملة في ملاحقة أي شخص ارتكب جريمة في حقه إلى أن يبلغ سن الرشد.كما تعتبر إجراءات حماية الأطفال في وضعية صعبة من الأشياء الجديدة في المسطرة الجنائية الجديدة .
مما سبق يتبين مدى العناية التي أولاها المشرع الجنائي المغربي لحماية الأطفال , من كل ما يمكن أن يتهددهم، سواء في كنف أسرهم أو خارجها، بكيفية تنسجم مع ما جاء به الدستور الجديد من فلسفة تروم النهوض بأوضاع فئة الصغار و الشباب.
كريمة قاسمي رئيسة مركز رحمة
* مركز رحمة للإنصات والإرشاد القانوني والوساطة الأسرية بآسفي
تزويج القاصرات احدى تجليات الاغتصاب الذي يتم باسم القانون :
المتابعة والدعم النفسي للضحايا من طرف المركز يعتبر أهم أولوياتنا .
يعتبر مركز رحمة للإنصات والإرشاد القانوني والوساطة الأسرية احدى جمعيات المجتمع المدني العاملة بمدينة آسفي بحقل الطفولة والمرأة من خلال رئيسته الناشطة الجمعوية كريمة قاسمي , حيث كانت لنا زيارة للمركز من خلال الاتصال المباشر بالساهرات عليه, حيث نقلنا مجموعة من التساؤلات التي تهم الظاهرة , وغايتنا رصد الحالات التي ترد على الجمعية , والآليات التي تشتغل بها فيما يخص الظاهرة .
* فكانت الاجابة من خلال الخطوات العملية التي يقوم بها المركز , فبمجرد ورود الحالة يتم تقديم الاستشارة القانونية واستيفاء الملف للشروط ، حيث يحال الملف مباشرة على بعض المحامين أو المحاميات الملتزمين بعقد شراكة مع الجمعية , وذلك بناءا على الالتزامات التي تتمثل في احالة الملفات أو بمراسلة مكتوبة بعد أن يكون الملف جاهزا ويتضمن الوثائق اللازمة للوضعية في حالة الاستعجال , كما يمكن الاتصال هاتفيا أو عن طريق المراسلة, كما يكون التتبع في جميع مراحل التقاضي بما في ذلك أداء الأتعاب ومصاريف التقاضي , وكذلك أداء مصاريف الملف من رسوم قضائية, والتنقل اذا كان الملف خارج مدينة اسفي .
وأثناء تساؤلنا عن عدد الحالات التي استقبلها المركز جاء الجواب على الشكل التالي :
* إن ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال تتنامى بشكل كبير، وتتراوح أعمار الضحايا ما بين 5 و 14 سنة ( أطفال وفتيات ) في أغلب الأحيان. وحسب تقرير للحالات التي استقبلها المركز تبعا لأنواع العنف الممارس فهنالك :
* هتك عرض قاصر حسب الإحصائيات يصل الى ./ 49 في المائة .
* محاولة هتك عرض قاصر : وصل إلى ./ 28 في المائة من حالات الضحايا الوافدة على المركز
زواج القاصرات احدى أوجه الاغتصاب الذي يقع تحت طائلة القانون .
* ***وفي تساؤلنا حول ظاهرة زواج القاصرات وهل يمكن اعتبار هؤلاء الفتيات القاصرات ضحايا للاغتصاب , الذي يتم ضدا عن رغبتهن واغتصاب لطفولتهن , قبل عذريتهن , وهل تزويج القاصر يعتبر شكل من أشكال الاغتصاب الرسمي الذي يقع باسم القانون ؟ وما الاحصائيات المتوفرة لدى المركز حول زواج القاصرات , والعوائق التي تصادفونها من الناحية القانونية,الاجتماعية ؟
في ذات الصدد أكدت رئيسة الجمعية السيدة كريمة قاسمي على ضرورة إعداد دراسات وأبحاث أكاديمية لظاهرة تزويج القاصرات، والوقوف على الآثار النفسية والصحية التي تنتج عنها، والتي تؤدي في آخر المطاف إلى خلخلة توازن المجتمع.وهو الشيء الذي أكدنا عليه ضمن الندوة الأخيرة التي نظمتها الجمعية حول موضوع " أمومة في عمر الطفولة.. مواجهة حمل القاصرات " ، بشراكة مع جمعية النخيل للمرأة والطفل بمراكش وبدعم من صندوق الأمم المتحدة للإسكان، واعتبرنا من خلالها ظاهرة تزويج القاصر معضلة تؤرق بال كافة المهتمين, لما لها من تداعيات نفسية واجتماعية وصحية وقانونية، ونحن لازلنا نشهد قاصرات تغتصب طفولتهن وبراءتهن يوما بعد يوم , مما يشكل نزيفا اجتماعيا يجب تظافر الجهود لمعالجته والوقوف على الأسباب الحقيقية له .حيث تابعنا عن قرب في المركز العديد من حالات تزويج القاصرات بمدينة آسفي وضواحيها ، ووقفنا على احصاءات رسمية تم تسجيلها بالمحكمة الابتدائية بآسفي، خلال سنة 2013، حيث تشير الأرقام الى أن المحكمة توصلت ب 5677 طلبا لزواج القاصرات تم رفض 86 طلبا، وقبول 498 طلب.
أما المعيقات والإشكاليات التي نواجهها , فهناك نقص كبير فيما يتعلق بالدراسات السوسيولوجية والأونتربولوجية حول ظاهرة الاغتصاب، وهو ما يؤدي إلى غياب آلية لمتابعة الموضوع بشكل علمي و دقيق. و يعود ذلك إلى أن أسباب كثيرة تتداخل فيما بينها , وهي التي تفسر تزايد الاعتداءات الجنسية على الأطفال والنساء معا , على اعتبار أنهما فئتان اجتماعيتان لهما خصوصيتهما من الناحيتين السيكولوجية والفيزيولوجية على الأقل ، كما أن غياب التأطير اللازم سواء داخل الأسرة أو المدرسة أو المؤسسة الإعلامية المغربية، هو ما يؤدى إلى تغير كبير في منظومة القيم داخل المجتمع المغربي , مما يكرس تراجع ثقافة احترام الغير , والذي غالبا ما يؤدي الى الانزياح عن السلوك الاجتماعي المتزن والذي تفسره اليوم هذه الاعتداءات على الفئات الهشة كالأطفال والنساء .
كما لدينا اشكالات أخرى ذات طابع قانوني وفقهي , يستلزم من جميع المتدخلين والفاعلين , الانكباب على الظاهرة بشكل جدي من خلال عقد مناظرات وطنية , كما يمكن أن نلخص بعضا من العوائق التي نواجهها , في مسألة عدم تحديد المشرع للسن الأدنى لزواج القاصر, الذي لا يمكن النزول عنه , اضافة الى عدم ضبط حدود السلطة التقديرية لدى القاضي المكلف بالزواج , وكذلك عدم تعليل قرارات الإذن بزواج القاصر تعليلا كافيا , كما يتم تغييب الآثار الصحية والنفسية والاجتماعية عند منح الإذن بزواج القاصر.كما نسعى للتنصيص على إلزامية الاستعانة بالخبرة الطبية والبحث الاجتماعي في الإذن بزواج القاصر.
* أطباء مستشفى محمد الخامس بآسفي يسلطون الضوء على ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال انطلاقا من تخصصات مختلفة
* الدكتور زهير نجديوي أخصائي جراحة الأطفال و الدكتور عبد الرحيم الوريدي رئيس قسم الطب النفسي.
الدكتور زهير نجد يوي اختصاصي في جراحة الأطفال
* قسم جراحة الأطفال : الدكتور زهير نجديوي بمستشفى محمد الخامس بآسفي .
في معرض حديثه عن الحالات التي يتم استقبالها بمستشفى محمد الخامس بالنسبة للأطفال ضحايا الاعتداء الجنسي , الدكتور نجديوي أكد أنه بمجرد علمه بورود حالة الاغتصاب بقسم الطوارئ تعطاها الأولوية الخاصة , ويتم التعامل معها بعجالة , وأكد أن الحالات تختلف باختلاف درجة الاعتداء , حالات يمكن أن تصل أحيانا من مجرد جروح و رضوض الى كسور , حيث يتم أخذ عينة من السائل المنوي الذي لا يزال بمكان الاعتداء أو أي مؤشر دال على هوية المعتدي ويصعب أخذ هذه العينات الحاسمة كلما تأخر التدخل الطبي, والذي يمكن أن يشكل دليلا علميا بشكل قاطع لفعل الاعتداء . وتمكث الحالة على الأقل من 24 الى 48 ساعة بقسم جراحة الأطفال , ويتم اعداد تقرير طبي , يفصل الحالة الصحية للمعتدى عليه , ويتم اخبار الضابطة القضائية وقتها , والتي تتفاعل مع هذه الحالات من خلال التدخل الفوري , والذي يصل أحيانا الى حد الإيقاف الآني للمتهم كما هو بالنسبة لبعض الحالات التي سجلناها بالمستشفى , كما يتم الاتصال بالمساعدة الاجتماعية, ثم احالة الطفل الى الطب النفسي , لتلقي الدعم النفسي اللازم من خلال تدخل الدكتور عبد الرحيم الوريدي رئيس قسم الطب النفسي بالمستشفى .
الدكتور زهير نجديوي أكد أن معظم الحالات التي وردت عليه من الأحياء الواقعة جنوب آسفي ,ومن أماكن لعب الأطفال والليل بالأماكن التي تقل بها حركية المارة, منها طريق المعمل الشريف للفوسفاط , ومن بعض المقاهي التي أطلق عليها اسم "البيار" , كما ترد علينا أحيانا حالات من خارج مدينة آسفي , أما بالنسبة لهوية المعتدين فتختلف من الأقرباء الى الغرباء .
* تداعيات الاغتصاب على الصحة النفسية , بشهادة رئيس قسم الطب النفسي بمستشفى محمد الخامس بأسفي الدكتور عبد الرحيم الوريدي .
الدكتور عبد الرحيم الوريدي رئيس قسم الطب النفسي.
بعد تلقينا لحالة الطفل أو الطفلة ضحية الاعتداء يتم تقديم الدعم النفسي الآني لها, أما امكانية الاحتفاظ بها بجناح الطب النفسي فلا يمكن, ببساطة لأننا لا نتوفر على جناح خاص بالأطفال الذين يعانون من مضاعفات نفسية , لكن الدعم يتم من خلال تسطير جلسات منفصلة بشكل دوري , وذلك راجع لقلة الموارد البشرية واللوجيستية , وكمثال على ذلك , فآسفي التي تفوق ساكنتها 800 ألف نسمة لا تتوفر سوى على طبيب مختص في الطب النفسي , مما يكرس عدم التكافؤ حتى داخل الجهة الواحدة , مثال ذلك جهة (عبدة دكالة ) بها 4 أطباء بالجديدة مقابل طبيب 1 بآسفي , علما أن الأطباء الممارسين داخل المملكة , لا يتجاوز عددهم 310 طبيبا , ترتكز نسبة مهمة منهم بمحور البيضاء الرباط .
وفي هذا الصدد أكد الدكتور عبد الرحيم الوريدي رئيس قسم الطب النفسي بمستشفى محمد الخامس بآسفي مما لايدع حدا للشك , بكون الجرح النفسي التي يحدثه فعل الاغتصاب , يبقى غائرا وقد يصاحب شخصية المعتدى عليه , طيلة فترات حياته في حال لم يتلق الدعم النفسي اللازم...
كما اعتبر الدكتور عبد الرحيم الوريدي الحالات التي ترد عليه بمستشفى محمد الخامس بآسفي, قليلة مقارنة بحالات الأمراض النفسية الأخرى, التي تتم معاينتها وتقديم الدعم النفسي لها بشكل يومي , وأردف , غالبا نتلقى حالات تسعى لتعزيز ملفها القانوني بشهادة طبية, وتكون مصاحبة بجمعيات المجتمع المدني , فئات عمرية مختلفة غالبيتها ترد من العالم القروي ,ويتم الاعتداء عليها من طرف بالغين أو مراهقين.
الآثار النفسية للاغتصاب و الاعتداءات الجنسية على الأطفال.
الاعتداءات الجنسية تكون لها تداعيات نفسية ومضاعفات خطيرة تصاحب المعتدى عليه, وتخلف جرحا نفسيا غائرا , تجعل الشخص يعيش القلق وحالات الاكتئاب ,واهتزاز في الشخصية ,مما يؤدي الى انعدام الثقة بالنفس وكلها حالات لها مضاعفات سلبية على الصحة النفسية .
المعتدى عليه يعيش حالة من القلق , يتعداه حيث ينعكس على المحيط الأسري القريب , ويصبح الشخص أكثر عدوانية اتجاه الآباء والأبناء والزوجة أو الزوج , وغيرها من مظاهر العنف الأسري, ذلك العنف الذي يسري في اللاشعور , كما يمكن أن نفسر به حالات العنف الغير المفهومة وخاصة العنف الذي يرتفع الى درجة الجرائم الغير المترابطة منطقيا , التي تغيب فيها الدوافع الحقيقية لارتكاب الفعل الإجرامي والتي غالبا ما يحتفظ الجاني بتبريرها لنفسه , وقد ترجع أحيانا لاغتصاب سابق تعرض له , مما يفضي الى رد فعل يكون بالقصاص أو بدرجة أقل , أي تلك الرغبة الجامحة في التهجم والانقضاض على المعتدي , حيث أكد عديدون ممن تعرضوا لحالات الاغتصاب , على الرغبة في مهاجمة المعتدي بمجرد رؤيته, ويبلغ الضحية درجة من الهيجان قد تدفع به لارتكاب جريمة في حال لم يضبط فيها أعصابه.
كما أكد الدكتور والأخصائي في الطب النفسي الدكتور الوريدي من زاوية أخرى , على أنه في بعض الحالات , المعتدى عليه نفسه قد يصبح مشروع معتد, في حال لم يتلق الدعم النفسي الضروري, لأن برمجة المعتدى عليه النفسية , تؤهله للاعتداء أكثر من غيره , وقد ثبث في حقل الطب النفسي أن الأطفال الذين نشئوا في وسط عنيف, ويقصد هنا العنف الجنسي , يكونون عنيفين ضد أقرب الناس اليهم.كما أردف أن المعتدى عليه يحتاج الى معاملة خاصة منذ لحظة الاعتداء, وهو بحاجة للمصاحبة الاجتماعية الى أن يتعافى .
ومن زاوية أخرى عند طلبنا وجهة نظره ,بخصوص الطريقة التي يتم بها أخذ أقوال الأطفال المعتدى عليهم أو استجوابهم, أكد الدكتور أننا بصدد مواصفات مهنية خاصة تتطلب دراية بأبجديات الطب النفسي , وأكد أننا أمام حالات تحتاج الى معاملة خاصة و تطلب أناسا من المفروض تلقيهم تكوينا مهنيا , للتعامل مع فئة تعاني الهشاشة على المستوى النفسي , جراء الصدمة النفسية التي تلقوها , حيث تكون السمات الطاغية على شخصية المعتدى عليه , هي الاحساس بالذنب والصدمة والدهشة وغياب التفسير والربط المنطقي لحدث الاغتصاب , و فقدان الثقة في الآخرين, اضافة الى ملامح ومظاهر الرعب النفسي التي تكون بادية على محياهم .
كما أكد على ضرورة توسيع دائرة الدعم النفسي الذي لا يجب أن ينحصر في حدود الطفل أو الطفلة المعتدى عليه جنسيا, بقدر ما تكون الأسرة بأسرها في حاجة الى المرافقة والمصاحبة والدعم النفسي والاجتماعي , نتيجة الصدمة النفسية الجماعية وحمولتها الاجتماعية , من خلال الاحساس بالعار ومحاولات طمس معالم الجريمة أحيانا , والتستر عليها نتيجة بروز التدخلات والوساطات التي تجعل المعتدي و الفاعل الحقيقي يفلت من العقاب رغم الضرر الواقع ,مما يشكل انزياحا عن التطبيق اللازم للعدالة .
وفي معرض تعليقه عن الحالات التي بقيت راسخة في مخيلته , يضيف "...طفلة مغتصبة من أحد الأشخاص الذين لديهم نفوذ وحظوة , مقابل حالة الأسرة المعوزة ....طفلة في حالة نفسية متدهورة جدا لدرجة أنها تقف جامدة , دون أن تحرك ساكنا , متجمدة في مكانها لا تنطق ببنت شفة , جراء صدمتها النفسية المتقدمة, ينضاف اليها خوف الأب القروي من كل ماله علاقة بالتحقيق والقضاء حالة ذهول غريبة ...
حالة أخرى لإحدى النساء اللائي عانت مرضا نفسيا حملها لأحدى المصحات الخاصة خارج مدينة آسفي ,من خلال المواظبة على جلسات مع طبيب أخصائي في الطب النفسي , وبعد مسيرة سنوات أخيرا قررت أن تخضع لدينا لجلسات نفسية , وبعد عدة حصص أفرزنا معها تقدما من خلال الاشتغال على حصص لإعادة بناء الثقة والتركيز على الدعم النفسي , صاحبها تشجيع بالبوح النفسي بشكل ارادي ,لكونه يشكل متنفسا حقيقيا للمريض من خلال التنفيس عما يخالجه من شعور و أحاسيس دفينة,حيث قررت السيدة في خطوة شجاعة البوح بالسر الذي حملته معها لسنوات وهي طفلة , ثم فتاة فشابة مقبلة على الزواج فزوجة, فأم لسنوات ثم متقاعدة , دون أن تتجرأ على افشاء ذلك السر الى أقرب المقربين لها , لتبوح أخيرا بأنها ضحية لاعتداء جنسي في الصغر, مما يبرز لنا بجلاء أن تذكرها لحالة الاغتصاب التي كما ذكرنا تتجدد معالمها في أعين المعتدي عليه , ولو بعد مرور عقود من الزمن لأن الجرح النفسي يخلق ميكانيزمات جديدة قادرة على اظهار فعل الاعتداء , وكأنه لم تمض عليه سوى ساعات , حيث يتجدد شريط حدث الاعتداء بشكل فظيع ورهيب .
كل هذا يشكل اشارة قوية على رغبة الشخص في طمس معالم ذلك الحدث المؤلم , والسعي لمحو لحظة الاعتداء من حياته , واجتهاده لإخفاء تجربة مريرة , وهو الشيء الذي يفسر خضوع هذه السيدة لسنوات لعلاج , لكنها ظلت بعيدة عن الافصاح عن السبب الرئيسي لمرضه النفسي , والذي هو فعل الاغتصاب وقت الطفولة , والذي يشكل محور العلاج النفسي الذي كان من المفروض لها أن تتلقاه .
وأخيرا أعتبر شخصيا الطبيب النفسي الناجح هو الذي يستطيع الغوص في غياهب مريضه النفسي , ويدفعه للبوح التلقائي كأحد آليات العلاج النفسي وأحد قنوات تصريف التعقيدات النفسية التي ثبتث نجاعتها .
* خلية التكفل بالنساء والأطفال بمحكمة الاستئناف بآسفي برئاسة نائب الوكيل العام عبد الرحيم شاكير و تجربة المساعدة الاجتماعية .
وسعيا لمقاربة الظاهرة من زاوية أخرى من داخل دهاليز المؤسسة القضائية, انتقلنا الى محكمة الاستئناف بمدينة آسفي والتي تقع تحت نفوذها الدائرة القضائية التي تضم اقليم آسفي ,الصويرة واليوسفية , وأخص بالذكر هنا خلية التكفل بالنساء والأطفال برئاسة نائب الوكيل العام عبد الرحيم شاكير , حيث أوضحت لنا المنتدبة القضائية صباح الرحوي والتي تشتغل كمساعدة اجتماعية بمعية التقني سليمان أوكيس , الخطوات الأساسية التي تقوم بها كمساعدة بالخلية المذكورة . والمحدثة بكافة محاكم المملكة بموجب دورية وزير العدل المؤرخة في 31 ديسمبر 2004 والتي أوكل بموجبها للنيابة العامة القيام بمهام التنسيق بين مجهودات الخلية بالمحكمة وباقي القطاعات الحكومية , وكذا هيئات المجتمع المدني من خلال ايجاد موطئ قدم للخدمة الاجتماعية في مرافق العدالة، ومحاولة الدفع بها الى إيجاد حلول بديلة لكثير من القضايا المعروضة أمام المحاكم، خصوصا ما له صلة بالمجال الأسري.ومن ضمنها القضايا المتعلقة بالاعتداءات الجنسية على الأطفال .
وذكرت بكون مهام المساعدة الاجتماعية بخلايا التكفل القضائي بالنساء والأطفال تتلخص في تفعيل دور المساعدة الاجتماعية في المحاكم، وخاصة في خلايا التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف بالنيابة العامة، وفق دليل عملي أصدرته مديرية الشؤون الجنائية والعفو تحت عنوان "المعايير النموذجية للتكفل القضائي بالنساء والأطفال"، ويتضمن بالخصوص جردا عاما لمجمل المهام التي ينبغي أن تقوم بها المساعدة الاجتماعية في تلك الخلايا، وتتمثل في:
استقبال الأطفال ضحايا العنف والأطفال في وضعية صعبة ، وتقديم الدعم النفسي لهم، الاستماع للطفل الضحية وتعريفه بالحقوق التي يخولها له القانون، توجيه الأطفال الضحايا إلى وحدات التكفل بالمصالح الطبية، لتقديم العلاج والحصول على الشهادة الطبية ومصاحبتهم عند الاقتضاء، تتبع وضعية الطفل ومواكبة مسار التكفل القضائي بقضاياه، القيام بناء على أمر قضائي أو إذن من وكيل الملك بالإجراءات التالية: إنجاز أبحاث اجتماعية، ورفع تقارير بشأنها إلى الجهة التي أمرت بها، زيارة أماكن إقامة الضحايا من الأطفال، وإنجاز تقارير بشأنها، تفقد أماكن إيواء الأطفال وإنجاز تقرير بذلك، تفقد أماكن إيداع الأطفال بكافة المؤسسات وإنجاز تقارير بذلك، الإسهام في تعزيز التنسيق بين مكونات الخلية القضائية للتكفل وكافة الشركاء المعنيين بمسار التكفل، القيام بمهمة المقرر في أشغال اللجان المحلية والجهوية للتكفل بالنساء والأطفال، وإنجاز تقارير بخصوص اجتماعات هذه اللجان، ضبط الإحصائيات الخاصة بهذه الخلايا وتدبيرها معلوماتيا داخل المؤسسة القضائية، تدبير الشؤون الإدارية للخلية القضائية، ومسك السجلات الخاصة بذلك، تحت إشراف رئيس كتابة الضبط أو رئيس كتابة النيابة العامة.
ومن أجل تسهيل مهام المساعدة الاجتماعية لتدبير الشؤون الإدارية للخلية، تم إحداث مجموعة من السجلات تخص كل نوع من القضايا التي تشتغل عليها الخلايا، يبلغ عددها 18 سجلا موزعة حسب المحاور ومن ضمنها سجلات العنف ضد الأطفال, والهدف منها تجميع كل المعطيات والشكايات والمحاضر والأبحاث المتعلقة بالتكفل بالطفل والمرأة، كما أنه من شأنها المساعدة في تسهيل الولوج إلى المعلومات المتعلقة بهذه القضايا، فضلا عن ميزتها في ضبط الإحصائيات وتيسير معالجتها معلوماتيا.
عموما ان حالات الاغتصاب لدى الأطفال تحتاج الى تشريعات و قوانين متقدمة , تستحضر السرعة في التدخل والفعالية والمعالجة والتتبع من خلال كل المتدخلين, لمحاولة تطويق آثارها, بكل نواحيها القانونية الجسدية الاجتماعية والنفسية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.