بقلم : يسين مزاكة / السلام عليكم وَ رحمة الله تعالى وَ بركاته . بعد تفجير زوبعة المُساعدات غير المُقننة الآتية عبر المُتسولين من بعض أبناء جاليتنا وَ الذين يطوفون الدول الأوروبية يميناً وَ شمالاً من أجل الحصول على أدوية وَ خُردة وَ مُعدات يبعثون بها إلى بعض "مُمثليهم" داخل مملكتنا المغربية الشريفة. تعمدت شخصياً أن أضع حواراً أجريته مع السيد عبد الرزاق خشان ، رئيس جمعية "لي فرونكو ماروكان د يل دو فرانس" وَ الذي أعطى توضيحا شاملاً كافيا عافياً عن جمعيته ، أهدافها وَ وسائل عملها وَ كيف أنه اختار هذا المجال النضالي دون الإساءة إلى بلده. أكثر من ذلك ، تكلم السيد خشان بكل عفوية وَ تلقائية وَ الحوار لم نُعدَّ له سلفا ، الحوار تناول عدة قضايا مُهمة : أولها : تأسيس الجمعيات داخل الدولة الفرنسية ثم الإكراهات التي تعترض جاليتنا المغربية في الدولة الفرنسية وَ سُبل مُعالجتها وَ كيف أن الجمعوي داخل الدولة الفرنسية مُطالب بحل مشاكل ب"العرام" ترهقهم هناك و هنا داخل المملكة المغربية الشريفة . بمعنى أن الجمعوي الحقيقي داخل ديار المهجر هو من يهتم بأوضاع جاليتنا من بنو جلدته ، ليس من يتسول بإسم المغاربة ليُسيئ إلينا مرتين: مرة عندما يذهب عند"جاك" وَ "بلاك" وَ "كريستوف" وَ "كابريال" ليُقنعهم بأن المغرب دولة متخلفة مثل "البوركينافاصو" وَ "نيجيريا" وَ "تشاد" ، فيجمع أدوية وَ دُريهمات وَ "الشياطة" ديال الكسوة ، ليأتي بها إلى مداشر المملكة النائية وَ يُوزعها على الفقراء وَ المساكين وَ ذوي القربى وَ الأيتام. يدخل إلينا بجواز سفر فرنسي ليُقدم المُساعدات فيُكرس مفهومين عند المُواطن المغربي: أولهما : تغييب الدولة في ذهنية المستفيد وَ كأنه يقول لهم : "بلادكم ما عطاتكم والو "تحيا" فرنسا اللي راها تعطيكم" ثانيهما : هو الترويج للاستعمار الاقتصادي وَ المصلحي الفرنسي وَ إعطاء أرقام مجانية للخارجية الفرنسية ليقف رئيسهم من جديد في الذكرى الواحد و العشرين لقمة سفراء فرنسا فيقول من جديد : "فرنسا تلعب دوراً ريادياً في إنقاذ دول شمال إفريقيا". الجمعيات غير الحكومية أو المُنظمات الإنسانية الناشطة تحت التراب الفرنسي ، لا تُقدم مُساعدات مجانية كما أنها غير مُقيدة بأجندة حكومية . كلما ظهرت معالم أزمة إنسانية تجمع الخردة وَ الأدوية لتذهب مُسرعة حتى يُقال أن فرنسا قدمت وَ ساعدت . لا يُمكن لهاته الجمعيات أن تحيد عن الخطوط الحمراء للديبلوماسية الفرنسية وَ المُحددة أصلاً في ثلاثة أو أربع نقاط كما أشار إليها الرئيس فرونسوا هولاند في المؤتمر العشرين لقمة السفراء الفرنسيين. قال بالكلمة على أن السفراء الفرنسيين مُطالبون بتصدير الثقافة الفرنسية وَ بتعزيز المكانة التنافسية للاقتصاد الفرنسية. بطبيعة الحال الرئيس هولاند يرأس دولة "مُصنعة وَ تجارية" ، و لا يرى في الدول التي لا تملك موارد طاقة وَ دول الجنوب إلا "قطعان" استهلاك. قبل أن نتهم أنظمتنا أنها هي من تسببت في تخلفنا أو في توسيع الطبقة المتوسطة من أجل تشجيع الاستهلاك لا غير ، أُوجه الاتهام إلى "الامبريالية" وَ أقول : "فرنسا لعبت دورا رياديا عبر حكومة الأستاذ اليوسفي الذي أسهم في توسيع سوق الاستهلاك في المغرب عبرتحسيين وضعية الطبقة المتوسطة وَ عبر خوصصة عدة قطاعات بحيث حصلت الرساميل الفرنسية على حصة الأسد". "فرنسا" الآن وَ بعد سحابة الصيف التي تشوب علاقاتها مع المغرب ، ستُغير وجهتها كما ستغير تكتيكها إن هي أحست بضياع مصالحها . "فرنسا" ستلعب بورقة المساعدات غير الحكومية وَ ستستغل بعض حفدة خُدامها وَ خدام أعتابها لتؤثر في المشهد السياسي المغربي عبر الأعمال الاجتماعية وَ عبر بعثاتها الديبلوماسية وَ الثقافية. "فرنسا" تُريد أن تُحاكم ولد مزاكة عبر ولد النجاري فهنيئاً لجاليتنا بهذا المكسب الديمقراطي الذي حصلتم عليه داخل ديار المهجر هنيئا لنا جميعاً ب "لغة الاستقواء بالأجنبي المُستعمر" ضد إبن البلد الأصيل الذي فضل أن لا يُفارق بلده وَ أنيحتمل صعاب الفقر وَ آلام المرض وَ يوميات السجن ، فضلت أن أبقى مغربياً حتى ألقى الله وَ إن سمعتم أني أحتاج دواء في يوم من الأيام ، لا تأتو به من فرنسا جزاكم الله خيراً. لا أقبل على نفسي أن يُساعدني من استعمر بلادي في يوم من الأيام. أما بالنسبة لسلطاتنا المحلية وَ العمومية ، الترابية منها وَ القضائية : أطلب منها التدخل عاجلاً لضبط هذا النزيف. كيف يُعقل أن تتم سلسلة تنقيلات في صفوف رجال السلطة حفاظا على سلامة الانتخابات المُقبلة وَ نترك الإعانات بملايين الدرهم تغرق الساكنة الناخبة بحسنات الدولة الفرنسية ؟؟ و هل تملك هذه الجمعيات سنداً قانونيا للعمل بشكل مباشر في المغرب ؟؟ مثلا في أحفير "جمعية كابيس" استبدلت "حماراً بأغيول" . "أغيول" ، يعمل في إحدى إدارات أغبال و يُمثل هذه الجمعية في المغرب وَ يُوزع المساعدات بإسمها وَ يُنسق مع الجمعيات و يمشي في الأسواق و يتزوج النساء و يصفق له المسؤولون وَ وَ وَأرجو أن تتدخل هيئاتنا السياسية وَ المدنية لوقف هذه المهزلة . أتدرون ماذا قال لي "حمار" أحفير : عندما ذهب إلى مركز جرادة الأنكولوجي بكيس من الدواء الذي يُساوي 15 ألف يورو ، قال له بعض الممرضين : "مؤسسة للا سلمى لم تُقدم لنا هذه المُساعدات من قبل".