شكرا يا شباط. شكرا. نقدر وطنيتك وغيرتك. لكن فرنسا ليست بنكيران. لا داعي للاحتجاج. لا داعي أبدا لوقفتك. لا تقل للأولاد قفوا أمام السفارة. لا تجعل من حزب الاستقلال أضحوكة. لا تحرج البقالي ولا بنحمزة ولا الكيحل. نشكرك على حبك للمغرب. لكن لا تجعلنا موضوعا للتندر. على ماذا ستحتج يا شباط. ما هو الشعار الذي سترفعه ضد فرنسا. في وقت سابق زرعت برج إيفل مشوه في مدينة فاس. ولم يحتج عليك أحد. لا يمكننا يا شباط أن نلعب بكل شيء. فرنسا موضوع جدي وليس للمزايدة. لا تمنح الفرصة ليان بارتيز كي يسخر منا. لا تمنح كنال بليس حلقة سهلة وغير مكلفة. هذه قضية بين دولة ودولة. وليست حمارا في مظاهرة. ماذا ستفعل يا شباط. قل لنا قبل أن تقدم على أي خطوة. هل ستشنق الديك الفرنسي. هل ستنتف ريشه وتعريه. هل ستقطع عرفه أمام باب السفارة. هل ستعير هولاند بفضائحه. هل ستقول له أنت تنام مع امرأة دون عقد نكاح. أرجوك يا شباط. لا تفضحنا. لسنا ناقصين. لقد اعتذرت فرنسا الرسمية وكفى. نم هنيئا يا شباط. علاقتنا بفرنسا مبنية على المصلحة ولن يزعجونا مادامت لهم مصلحة. لا تهجم على السفارة. لا تحتقر ذكاء المغاربة. لسنا أغبياء إلى هذه الدرجة يا شباط. كف عن هذا. كف. تشاجر مع الوفا ومع من شئت. أنت منا ونحن منك. أنت قدر سقط علينا. ونحن تعودنا عليك. لكن لا يمكننا أن نلعب بكل القضايا بنفس الطريقة. ماذا سيقول أنصارك لفرنسا. هل قدرنا دائما أن نبقى كائنات هائجة ومنفعلة تحرق الأعلام. دورك أن تنشطنا في الداخل. أنت سياسي وزعيم داخلي. وهذا الدور يليق بك. ولحد الساعة تقوم بدورك أحسن قيام. لكن فرنسا ليست لعبة. وهناك من يحاورها. هناك من سيحتج عليها. المصلحة هي التي تحتج في مثل هذه الحالات. لا تقف أمام السفارة ولا تتعب نفسك. لا تتحمل عناء الصراخ. فكر في شقة ياسمينة. فكر في باريس يا شباط. شكرا لحزب الاستقلال ولأي حزب آخر يفكر في تلقين فرنسا درسا لن تنساه. شكرا لأصحاب الأسرار الخفية التي تكمن خلف هجمة فرنسا. شكرا لأصحاب نظرية مالي وخوف فرنسا من المنافسة المغربية في إفريقيا. هذا كله جميل. ومؤثر وينم عن فيض في الوطنية. لكن من مصلحتنا أن تبقى فرنسا صديقة لنا ومدافعة عنا. ليس لنا غير فرنسا. ولم تقف دولة في العالم مع المغرب كما وقفت فرنسا. لا تلعب يا شباط هذه اللعبة. هذا موضوع أكبر منك. هل لديك بديل لفرنسا. هل من حل تقترحه غير الوقفة. في مثل هذه الأوقات يظهر الفراغ في السياسة المغربية. في رد الفعل الانفعالي. وفي أحزاب ليس لها من حيلة إلا الوقفات والشتائم. أحزاب فارغة ولا دور لها. ولا تأثير. حزب يأتي بتركيا لتعوض فرنسا كأنه لا يعيش في المغرب ولا يعرف ما هي مصلحة الدولة المغربية. وآخر يدعو إلى وقفة. وصحافة تحتج على النفوذ الفرنسي وتقترح علينا قطر وتركيا. والأدهى جرائد تهاجم ممثلا إسبانيا كأنه سيسمعهم ويتأثر ويكف عن مساندة البوليساريو. نرد على الآخرين بالرد على أنفسنا. كشخص يخاطب نفسه في المرآة. عندما لن تجد فرنسا مصلحة في المغرب، وعندما لن يجد المغرب مصلحة في علاقته بفرنسا، ستنتهي قصة الحب هذه، وستنتهي هذه العلاقة المميزة، إلا أنها، ومن حسن حظنا، ومن حسن حظهم، مازالت قوية، ودورنا أن نغريها أكثر، ونطور أنفسنا أكثر، ونحترم حقوق الإنسان أكثر، ونتقوى أكثر، وما ظنه البعض سبة في حقنا، هو مديح لنا، فليس سهلا أبدا في ظل هذا العالم المتقلب والمبني على المصالح، ولا شيء غير المصالح، أن تعثر على دولة قوية ومخلصة، تحمي نفسها بحمايتك والوقوف في صفك. أحاول أن أتخيل ما هي الشعارات التي يمكن أن يرفعها أنصار شباط وغيرهم وأعجز، وأتخيل قيادات استقلالية بقضها وقضيضا وهي تشتم فرنسا، وأتخيل ياسمينة بادو في الوقفة. أتخيل صعوبة حصولهم على العلم الفرنسي. أتخيهم يحرقون قميص زيدان أو بنزيمة. أتخيلهم يطالبون بعودة الجالية المغربية. أتخيلهم يصرخون يا دولة استعمارية. وبأن ترد لنا فرنسا الطاهر بنجلون والوزيرة نجاة بلقاسم. فلا أحد يمكنه توقع ما سوف يقدم عليه شباط. إنه ظاهرة، وله أفكار غريبة. لذلك لا داعي للوقفة يا شباط. القصة ربما انتهت. ونحيي فيك روحك الوطنية العالية. ونحيي منسوب الغيرة لديك. وإذا منعك أحد، فخوفا عليك، وحرصا على صورة حزب الاستقلال. ففرنسا ليست هي العدالة والتنمية، والسفارة ليست زواغة مولاي يعقوب. وإذا منعتك السلطة. فلا تغضب. وستشكرها بعد أن يهدأ روعك. لأنها أنقذتك من موقف محرج.