فى منتصف شهر ابريل المنصرم كتبت مقالة بعنوان " حرب الخليج الثالثة " و أشرت فيها الى الدور التى تلعبه كلا من قطر و تركيا لاستكمال باقى المخطط الغربى فى الاقليم، و أرسال عواصف الفوضى الخلاقة الى دول الخليج العربى، و عن المنهج الجديد الذى أتبعته قناة الجزيرة القطرية و قناة TRT التركية فى اعداد كوادر اعلامية أخوانية جديدة بعد تذويدهم ببرامج تدريبة، و افلام وثائقية تبرز للعالم ان ما حدث فى مصر هو انقلاب، و ان ما يحدث من شغب فى شرق السعودية هو ثورة شعب، و ان ائتلاف 14 فبراير و سرايا الاشتر حركات سياسية سلمية، و أن أعتقال أعضاء جماعة الاخوان بالكويت و الامارات قمع للحريات و ضد الديمقراطية، و هذا ما تم اعتماده فى مؤتمر " العالم فى ظل الانقلاب على إرادة الشعوب " الذى اشرف على تنظيمه المنتدى العالمي للبرلمانيين الإسلاميين بالمشاركة مع منتدى المفكرين المسلمين ( كلاهما محسوب على جماعة الاخوان ) بحضور رجال مدير المخابرات القطرية " غانم الكبيسى " و قيادات حزب العدالة و التنمية و مندوبين من 200منظمة من مختلف الدول العربية و الاسلامية تابعة للتنظيم الدولى لجماعة الاخوان . و هو المؤتمر الذى عقد مؤخرا بتركيا و تولى الامير " تميم " دعمه المادى بالكامل و هى ليست المؤتمرات الاولى من نوعها التى تقام بأسطنبول بدعم قطرى و ليست الاخيرة ايضا . و ربما تشهد الاسابيع المقبلة افلام اخرى على غرار فيلم " سوداء اليمامة " و تقديم نماذج فى شاشة قناة الجزيرة على غرار " سعد الفقية " و " المسعري الدوسري " الذين اعتادو التطاول على المملكة العربية السعودية . و عندما كتبت تلك المقالة فى ذلك التوقيت كان بالتزامن مع تصريحات من الجانب القطرى بعدم التدخل فى شئون الدول الداخلية و عدم أحتواء قيادات جماعة الاخوان الارهابية، و عن تراجع الدوحة فى أتباع سياستها التأمرية، حتى بات اغلب الصحفيين يمتدحو حكمة صانعى القرار فى قطر، و بات المحللون السياسيون و الخبراء الاستراتيجيون يتحفونا بنظرياتهم فى التحليل المبنية على الوهم، و معلوماتهم المجمعة من مواقع التواصل الاجتماعى، حتى أصبح قلمى يسير ضد التيار كالمعتاد منذ أن كتبت مقالة بعنوان " الشرق الاوسط الجديد " فى عام 2006م . ما علينا فقد أكدت الايام القليلة الماضية صحة معلوماتنا، و رؤيتنا الصائبة، و حسن أستقرائنا للاحداث المستقبلية، و قرائتنا لما بين السطور، و رؤيتنا لما هو يدور داخل الكواليس، و خلف الستار، و أستطعنا أن نقدم رؤية تحليلة جيدة عما سيحدث سواء على المدى القصير او المتوسط او حتى البعيد ضد دول الخليج العربى فى أكثر من مقالة . فمنذ أيام قليلة بدئت قناة الجزيرة القطرية فى بث احد الافلام الوثائقية الموجهه لبث الفتنة بين الاشقاء فى كلا من سلطنة عمان و الامارات العربية المتحدة، و بتاكيد هى ليست صدفة فهو سهم مسموم تم تصويبه للعمل على شق دول مجلس التعاون الخليجى، و الطرق على سلطنة عمان بالتحديد لم يأتى صدفة، و محاولة بث الفتنة بينها و بين الامارات العربية المتحدة، يصب فى مصلحة أكثر من خصم بالاقليم، بحكم العلاقة القوية بين أيران و سلطنة عمان، و التى زادت فى الفترة الاخيرة بعد التدريبات البحرية المشتركة بين سلطنة عمان و أيران الاخيرة، و الدور البارز الذى لعبته السلطنة فى المباحثات السرية العام الماضى بين طهران و واشنطن، و رغبة " فهد بن علوي " الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عُمان بعدم انتقال دول مجلس التعاون الى مرحلة الاتحاد . و حقيقة الامر انى مستوعب تماما مصلحة هولاء فى ضرب مصالحنا بالاقليم، و العمل دائما على الحد من نفوذنا العربى بالمنطقة، و لكن هل يرانا هولاء بأننا عاجزون عن الرد، و أننا لا نعرف ما هى نقاط ضعفهم و كيف نلوي ذراعهم أن لم نقطعها . فنحن لسنا بغافلين عن عن حالة الاحتقان بالشارع القطرى المستعد لقبول ربيع الفوضى، و عن حالة السخط التى بها عائلة " ناصر مسند "، و عن ما يقوم به " غانم الكبيسى " مدير المخابرات القطرية فى دعم المليشيات الارهابية بتونس و ليبيا، و العمل المستمر على اختراق الحدود الجزائرية، و رعايته الدائمة لاجتماعات طهران حماس لتمزيق المصالحة الفلسطينية من جديد، و أعادة بسط نفوذ حماس خاصة بعد سقوط جماعة الاخوان بالقاهرة، و حقيقة ما دار فى الاجتماع الاخير بالدوحة بين " حسين أمير عبد اللهيان " مساعد وزير الخارجية الإيرانى و " خالد مشعل " رئيس المكتب السياسى لحركة حماس . كما اننا نرصد كل اتجاهات العواصف بربيع اسطنبول، و عن ما يتعرض له الاكراد من أبادة، و عن مدى قوة الحراك السياسى و العمالى المتزايد فى الشارع التركى المناهض للحزب الحاكم، و تأثير الخطاب العنصرى الذى يتفوه به العثمانى " أردوغان " و وزير خارجيته " احمد داود اوغلو " و قيادات حزب العدالة و التنمية ضد عشرة مليون علوى بتركيا . و نعلم جيدا كل وسائل الملاحقة و الاعتقالات المتكررة التى يقوم بها الحرس الثورى وعناصره ضد أخواتنا العرب الاحواز، و عن ما يتعرض له المعارضين لنظام الملالى من قمع و سياسة تكميم الافواه، و عن حالة التهميش القاسية التى يتعرض له التركمان و البلوش و العرب و الاذريين و غيرهم من الاقليات، و على يقظة عالية بأتصالات طهران بالمؤسسات و الجمعيات الخيرية التابعة لحزب الله بالكويت، و تحركات صبيانها المندسة فى أئتلاف 14 فبراير و سرايا الاشطر بالبحرين، و تحركات عناصرها بشرق السعودية، و عن دعمها لجماعات الحوثيين الارهابية باليمن، او بالجماعات المتشددة بالقرن الافريقى و غرب أفريقيا، و عن تجهيز الحرس الثورى الان ل 42 لواء و 138 كتيبة لدخول سوريا، كما نعلم شكل و طبيعة التسوية التى تمت بعد مؤتمر ايباك الاخير مع الولاياتالمتحدة، و نرى شكل خريطة التوازن الديموغرافى بأيران بين العرق الفارسى و باقى الاعراق بوضوح تام، و التوزيع الجغرافى الذى يجعل عملية تقسيمها أسهل من تقسيم كعكة . فاذا كان من الواضح أن المعادلة التى رسمت للخليج العربى تقضى بعدم أنتهاء العام الحالى قبل العمل على زعزعة استقراره الامنى و الاقتصادى على الاقل، و خلق حالة من الاحتقان بين الشعوب و القيادات الحاكمة، تمهيدا لما هو بعد ذلك، و وضع مملكة البحرين على مقدمة ذلك المخطط، فنحن قادرين على قطع الايدى التى تعبث بأمن وطننا العربى، فصمتنا ليس ضعف، بل هو أحترام لانفسنا قبل ان نحترم غيرنا، و لا نتدخل فى شئون الاخرين، و نعمل دائما على أيجاد صيغة حوار و تفاهم بين الشعوب و الحكام، و ليس العمل على خلق الفتن و ضرب أستقرار الدول، فنحن لسنا عاجزون عن الرد، و الاتصال بخصوم أعدائنا ليس بمستحيل، و ايدينا تطول لما هو أبعد من ذلك . فادى عيد الكاتب و المحلل السياسى بمركز التيار الحر للدراسات الاستراتيجية و السياسية