قامت الدنيا ولم تقعد عند إعلان نبأ شراء الدكتور السيد البدوى لجريدة الدستور ، وتباكى المعارضون على حيادية الدستور ونزاهته التى ستضيع على يد رئيس حزب الوفد ومن المعروف أن الدستور جريدة تغلب الرأى على الخبر والصورة منذ نشأتها وقد كنت واحدة من الذين كتبوا فى الدستور وشهدت عصره الذهبى الذى لم يعش طويلا للأسف حينما كان الدستور مفتوحا على مصراعيه أمام الشباب من كافة الاتجاهات والتيارات الفكرية كنا نكتب فى صفحتين للرأى غير صفحة ضربة شمس ، بالإضافة إلى عدد من الأسماء الكبيرة والمرموقة.. ولكن مع الوقت بدأت الأسماء الكبيرة تنسحب اسما تلو الآخر، وتقلصت المساحة التى خصصت للشباب إلى النصف ثم تلاشت تماما وبعد أن كانت الجريدة تعج بالأصوات المتنافرة أصبحت و لا صوت يعلو فيها فوق صوت الإخوان ولم أسمع وقتها لأحد المنتفضين الآن صوتا ولم يعلو صوتهم إلا عندما قام الدكتور البدوى بشراء الدستور فانتفضوا هاتفين : أنقذوا الدستور قبل أن تصبح منبرا للوفد !! ربما لا يعلم المساكين أن عصام اسماعيل فهمى مؤسس الجريدة هو أحد أبناء الوفد ، وربما لم يسمع أحدهم بمشروعية انتقال ملكية وسائل الإعلام الخاصة من مالك لآخر وحتى لو تحول الدستور إلى منبر للوفد فإن هذا لا يخالف القانون ولا العرف فمن حق أى حزب امتلاك جريدة أو أكثر للتعبير عن رأيه. وقد كان للوفد قديما مؤسسات صحفية كبرى تقف خلفه وتؤمن بمبادئه وتعبر عن برنامجه وعلى رأسها المصرى وروزاليوسف أيام مجدها. إن أعظم خطوة تجاه استقلال جريدة الدستور هى أن تتحول إلى ناطق باسم الوفد هل تدرون لماذا ؟ لأن الوفد حزب ليبرالى يسمح بتعدد الآراء .. لا يحتكر الوطن ولا يصادر الدين لصالحه، ولأن الوفد الآن هو مخاض معجزة جديدة وبشرى سياسية وطريقا للخلاص من فساد الحزب الوطنى ومن تشدد الإخوان .. وحتى لو انحازت الجريدة لمبادىء الوفد فما أعظم الانحياز لقيم الليبرالية والتسامح فى زمن استبد فيه الفاسدون بالحكم والمتنطعون بالدين ، و الانحياز للحق فى وقتنا هذا لهو من عزم الأمور.