جاء الحكم الذي أصدرته محكمة جنح مستأنف بولاق أبو العلا في مصر ضد إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور بالحبس شهرين في القضية المعروفة بصحة الرئيس، ليكرس عقوبة حبس الصحافيين، رغم الوعود الرئاسية السابقة بإلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر وكذلك المطالبات المتكررة للجماعة الصحافية بإلغاء العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر والرأي، كما هو معمول به في الدول الديمقراطية. ويرى كثير من المراقبين أن هذا الحكم مقدمة لحبس ثلاثة رؤساء تحرير صحف آخرين، وهم عادل حمودة، رئيس تحرير جريدة «الفجر»، والدكتور عبد الحليم قنديل، الرئيس السابق لتحرير جريدة «الكرامة» ورئيس التحرير الحالي لجريدة «صوت الأمة»، وأيضا وائل الإبراشي، رئيس التحرير السابق لجريدة «صوت الأمة»، في قضية الإساءة إلى رموز الحزب الوطني، وهى القضية التي تنظر فيها محكمة جنح العجوزة، برئاسة المستشار شريف إسماعيل في 4 أكتوبر القادم، والتي صدر فيها حكم بالحبس سنة وبالغرامة 20 ألف جنيه.. وكان محامٍ من الحزب الوطني، يدعى إبراهيم عبد الرسول، قد أقام الدعوى القضائية رقم 26700 ضد رؤساء التحرير الثلاثة، إضافة إلى إبراهيم عيسى، متهما إياهم بالإساءة إلى قيادات وأطر من الحزب الوطني الحاكم، ومؤكداً أنها أخبار ملفَّقة وكاذبة وتهدد الأمن العام وأن رؤساء التحرير لم يتحرَّوا الدقة في الموضوعات الصحافية المنشورة. وقد تم تأجيل الدعوى إلى الرابع من أكتوبر المقبل للمرافعة. يأتي ذلك في الوقت الذي يتعرض كل من عادل حمودة، رئيس تحرير جريدة «الفجر»، ومحمد الباز، الصحافي في الجريدة نفشها، للحبس في القضية المعروفة ب«إهانة» شيخ الأزهر، الدكتور محمد سيد طنطاوي، الذي رفض وساطة مكرم محمد أحمد، نقيب الصحافيين ووفد من مجلس النقابة للتصالح في القضية التي رفعها ضد حمودة والباز، مقابل اعتذارهما وقيام مجلس النقابة بالتحقيق معهما. إلا أن شيخ الأزهر أعلن تمسكه بموقفه باستمرار عرض القضية على القضاء المصري، رافضا أن يقوم مجلس النقابة بالتحقيق في الأمر، بديلا عن القضاء، وهو ما يعني أن حمودة ينتظره نفس مصير عيسى. وكانت جريدة «الفجر» قد نشرت تحقيقا صحفايا يطالب شيخ الأزهر بعدم زيارة بابا الفاتيكان، بنديكت السادس عشر، بعد تطاوله على الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم. كما نشرت الجريدة صورة للشيخ يرتدي زيا كهنوتيا وبجواره صليب، وهو ما اعتبره الدكتور طنطاوي إهانة له ولمؤسسة الأزهر الشريف. ويؤكد الواقع أن الحكم بحبس رئيس تحرير جريدة «الدستور» وإقامة قضايا «حساب» سياسي ضد رؤساء التحرير الآخرين المهدَّدين بالحبس، هو رسالة واضحة وصريحة لكل صحافي بعدم تناول شؤون الرئاسة ورئيس الجمهورية بالنقد، خاصة وأن صحفا مستقلة وحزبية، ومنها «الدستور» و«الكرامة»، و«صوت الأمة»، توسعت في السنوات الأخيرة في نقد رئيس الجمهورية والتنديد بوجود نوايا لتوريث الحكم في مصر ونقل السلطة إلى نجل الرئيس، خاصة بعدما شهدت مصر نوعا من الحراك السياسي، منذ عام 2005، وظهور حركات الاحتجاج الشعبية، وعلى رأسها الحركة المصرية من أجل التغيير كفاية. عن موقع «محيط»