على عادتها الحميدة في تنظيم فعاليات وطنية ومحلية للتضامن مع قضايا المستضعفين في العالم الإسلامي، نظمت الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة المقربة من جماعة العدل والإحسان، مسيرة مليونية بالرباط يوم الأحد 25 مارس الجاري، في إطار الاستعدادات للمسيرة الدولية المقررة في 30 منه للدخول إلى أقرب نقطة من القدس من مختلف دول الجوار الفلسطيني.ورغم أن المسيرة قد أوصلت الرسالة الأساسية المطلوبة منها، وهي دعم صمود المرابطين في أكناف بيت المقدس، والتنديد بجرائم الكيان الصهيوني وبالمطبعين معه، إلا أن بعض الأطراف حاولت تفسير الحدث على أنه استعراض للعضلات لا ينبغي أن يحظى بالتغطية الإعلامية المناسبة. وضرباً لحرية الصحافة والإعلام التي تتغنى بها حكومة الأستاذ عبد الإله بنكيران منذ توليها، فقد لاحظ المتتبعون منع القنوات الفضائية الأجنبية فضلاً عن الوطنية من تغطية المسيرة التضامنية، إذ خلت شوارع مدينة الرباط التي غصت بالمتظاهرين من شارع الحسن الثاني إلى شارع النصر - حوالي 5 كيلومترات - من الكاميرات المتخصصة لوسائل الإعلام المعروفة، والتي طالما غطت مسيرات مماثلة بالصوت والصورة، وبتصريحات القيادات المشاركة.لكن ما الذي حصل هذه المرة ؟هذه المرة جاء تنظيم هذا الشكل النضالي من طرف هيئة مقربة من جماعة العدل والإحسان، هذه الجماعة التي حذرها رئيس الحكومة الملتحية قبل أسابيع من اللعب بالنار !!! مع العلم أنها أثبتت للجميع أنها تشكل عاملاً أساسياً في كبح جماح العنف في المجتمع المغربي، وأنها رغم مشاركتها الهامة في احتجاجات فئات مختلفة من الشعب المغربي، إلا أنها تحرص على المحافظة على سلمية كل الأشكال التعبيرية.هذا التجاهل المبيت، جاء هذه المرة بعض دعوة الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة إلى هذه المسيرة بعد طول انتظار لتيارات كانت تصور نفسها أنها هي المساند الرسمي المغربي الوحيد لكفاح الشعب الفلسطيني، بدعوتها إلى مثل هذه الفعاليات، وتشارك معها الجماعة بحجمها المعهود، ثم لا يظهر في الواجهة والتصريحات إلا رموزهم، وكأنهم يحاولون جعلها قطيعاً يجرونه إلى حيث يريدون، وهذا ما لم يستطيعوا تحقيقه. فما كان من هؤلاء إلا أن طالبوا الهيئة بسحب دعوتها والمشاركة في مسيرة جديدة يدعون إليها بإطاراتهم فقط وفي مدينة أخرى هي الدارالبيضاء !!! هذا التآمر المكشوف بين الحكومة الملتحية التي أجازت استقبال النائب الصهيوني "دافيد سارنغا" في البرلمان المغربي في يوم المسيرة المعلومة، وبين أطراف كانت تستقوي بالجماعة لتلمع صورتها أمام أنظار العرب، جاء غداة تنظيم الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة قبل مدة قليلة، لمظاهرة حاشدة للتضامن مع الشعب السوري، بالتنسيق مع بعض الهيئات الشبابية المغربية، والتي عرفت هي الأخرى مشاركة واسعة، وتغطية أقل ما يقال عنها أنها مجحفة، خاصة للتيار الرئيسي الداعي لها والمشارك فيها. فهل يستمر بنكيران في تغطية الشمس بالغربال، والزعم بأن الربيع العربي قد أعطى أكله في المغرب، وأن على العدل والإحسان أن تعمل وفق "القانون" المغربي -الذي يعطي الشرعية من يشاء وينزعها عمن يشاء - ، أم أنه سيعيد النظر في حساباته ليعرف أن النظام يتعامل معه كأداة في يده، وشتان بين وصول الإسلاميين إلى الحكم في تونس، وتوصيلهم إلى الحكم في المغرب ؟