ارتبطت ظاهرة الباعة المتجولين بمدينة آسفي بالظروف الاجتماعية الصعبة التي يعيشها أغلب هؤلاء الباعة، و لقد عرفت هذه الظاهرة انتشارا و تزايدا كبيرين خاصة بالأحياء الشعبية وسط شوارع و أزقة المدينة العتيقة، هذه الظاهرة التي أصبحت تؤثر بشكل كبير على جمالية و رونق المدينة العتيقة التي أصبحت مصنفة ضمن التراث العالمي، حيث تخلف عدة مشاكل اقتصادية و اجتماعية و بيئية، رغم أنها تشكل مورد رزق العديد من المواطنين الذين اختاروها قسرا، نظرا للظروف الاجتماعية الصعبة لأغلبهم، فإنها تفرز مظاهر سلبية على مختلف المستويات، مما يؤدي إلى مطاردتهم و مصادرة سلع تقتات منها العديد من الأسر، و لم تعد هذه الظاهرة مقتصرة على من لا مستوى دراسي معين لهم، كما كان في السابق، بل تجاوز ذلك لتشمل حملة الشهادات الذي ضاقت بهم السنوات و أنهكهم الانتظار، و على من شملهم الطرد التعسفي و التوقيف عن العمل مما أدى بهم إلى امتهان هذه الحرفة المعروفة بالمطاردة المستمرة مما يزيد من متاعبهم و معاناتهم، فما يكسبه اليوم قد يصادر غدا، فيضيع مجهوده و معه رأسماله لتتضاعف الأزمة من جديد، بالإضافة إلى الشباب العاطل و الموقوفين عن العمل، نجد النساء الأرامل و المطلقات و دون ذلك اللواتي يجهدن أنفسهن للحصول على ما يسد أفواه جائعة بطرق أو بأخرى، و بما أن العديد من المسفيويين يعانون الفقر و الحرمان و ضعف حال غالبيتهم و انعدام الاستقرار في الشغل، فإن هذه الظاهرة الأخيرة أصبحت في تزايد مستمر مما سيترتب عنه ارتفاع و تزايد في حالات المطاردة من طرف المسؤولين و المكلفين بذلك و مصادرة السلع مما يؤدي إلى الألم و الحسرة بقلوب هؤلاء الباعة تحت قهر الزمان و قساوته. فإذا كان الجميع ينادي بتنقية الشارع المسفيوي من هؤلاء و هؤلاء، فإن الحل لا يكمن في مطاردتهم، أو استغلال بعضهم (أصحاب المواقع الإستراتيجية الهامة و القارة) بأخذ الإتاوات بكافة أنواعها، فلا بد من إيجاد حلول اجتماعية ناجعة لوضعيتهم غير المستقرة، و ذلك بتجميعهم داخل سوق أو أسواق منظمة، كما هو الشأن بأغلب المدن المغربية من جهة، و نناشد من هذا المنبر المسؤولين بآسفي بالعمل على التخفيف من حدة ظاهرة الباعة و البائعات المتجولين بالبحث لإيجاد حلول تضمن الاستمرارية في إطعام الأفواه الجائعة، بدل المطاردة المستمرة التي تخلف يوميا العديد من الضحايا، و العديد من السلع التي تضيع قوت العديد من الجياع.