رضوان الشقوري : من آسفي إلى غوانتانامو .. مرورا بسوريا و تركيا و إيران .. وصولا إلى أفغانستان و باكستان ، و معها السجون و المعتقلات و التعذيب .. و نهاية عند أقوى جيش في العالم.. في هذا الحوار المطول الذي أجراه الزميل محمد دهنون مع رضوان الشقوري واحد ممن قادتهم الاقدار الى السجن الشهير غوانتانامو..نجد غوصا عميقا ودقيقا في تجربة مغربي احتجزه الجيش الامريكي هناك في الجزيرة الكوبية ..كما سنطلع على أدق تفاصيل تلك التجربة التي توزعت بين سجون اسيوية ومعتقلات أمريكية ..في هذا الحوار القريب الى "جنس" المذكرات يتكلم الشقوري بلا تحفظ هو الذي عود العين الاسفية المحلية على وقوفه صامتا أمام ولاية اسفي في السنين الاخيرة .. نعيد نشر هذه الحلقات باتفاق مع جريدة "الاتحاد الاشتراكي "..قراءة ممتعة ملحوظة : الحلقات السابقة ضمن بوابة " أسفي بالجرائد الوطنية " بالموقع جالسه: محمد دهنون الحلقة السابعة : الترحيل إلى قاعدة باكرام الأمريكية ..عندما تذكرنا الدوش و الماء و الصابون ..! من خلال سردك المنسجم للأحداث .. يبدو أنكم في هذه اللحظة التي تحكي عنها ، أصبحتم بين يدي الأمريكيين رسميا ..؟ أكيد .. كلامك مضبوط ..وضعوا "البانضا" على عيوننا و أركبونا في طائرات شحن كبيرة عبر دفعات لا تتجاوز العشرين نفرا ، و تم تثبيتنا بحبال على طريقة الظهر للظهر ، و طيلة الرحلة .. كان الضرب بقسوة و هي الرسالة التي كان يراد تبليغها و القول لنا إن القادم سيكون أسوأ .. عندما وصلوا بنا إلى قاعدة باكرام .. بدأوا يرموننا مثل كرات اللعب .. و لهم كامل الحق .. فالجنود الأمريكيون كانوا أقوياء و ذوي قامات فارعة .. أما نحن فقد كنا أقرب إلى هياكل عظمية و جثث بشرية .. و ماذا بعد ..؟ في القاعدة المذكورة تبين أن أمريكا عبر جيشها ، حولت القاعدة العسكرية إلى معتقل كبير للتحقيق ، فقد قسموا أماكن الاحتجاز إلى أقفاص كبيرة على شكل خيام مفتوحة على الهواء الطلق من كل الاتجاهات ، بسياجات حديدية صلبة ، و جنود يحملون الكرباجات و يجرون تفتيشا يوميا دقيقا على كل الأقفاص مصاحب لتحقيق يراد به الإنهاك النفسي قبل الحصول على المعلومات. فيما يتعلق بالتغذية ، كنا نحصل على وجبة باردة عبارة عن رز أو معكرونة و بسكويت أو زبيب .. على العموم كان أكلا نظيفا مقارنة بكابول و سجنها و مشفاها و ميليشياتها .. بل لقد تذكرنا الدوش و الصابون و الماء الذي كادت أجسادنا تنساه .و في الساعات التي لا تنتظر أن يأتيك احد من المحققين .. كانوا يأتون ، يأخذونك و لا تعرف ماذا ينتظرك ، يعرضون عليك صورا بالألوان لأشخاص عليهم آثار تعذيب واضحة . ألم تسأل عن أخيك يونس ، أو لم تقل مع نفسك ربما يكون هنا وسط هذا "الشعب" الذي يحتجزونه ..؟ لقد كانت لحظة لا تغرب بسهولة من الذاكرة و القلب ، الرقم 197 كان رقم يونس ، و كانت نفس عيونه و نفس وجهه و نفس الملامح و نفس ابن أمي .. ( يتوقف طويلا، تغرورق عيناه) . عندما حان وقت التحقيق معي .. كانوا يركزون على علاقتي بالقاعدة و الطالبان .. كان جوابي الدائم ، إنني مجرد تاجر بسيط لا يفهم في الجهاد و لا يعرف حمل السلاح و لا تدخل في رأسه لا قاعدة و لا واقفة، لقد وجدت في المكان الخطأ في الوقت الخطأ ، بعضهم صدق كلامي و البعض اعتبرني مجرد نصاب كلمات. ألم تلتق يونس هناك ..بعد أن تركك مصابا في الجبل بين الموت والحياة ..؟ كانت الاحتمالات التي أضعها نصب عيني عندما يخطر في بالي أو يعن طيف أخي يونس ..هو الاعتقال أو الموت تحت القصف ..لقد كان الجيش الامريكي ينفذ خطة "السجاد" فوق الاراضي الافغانية بحثا عن مقاتلي القاعدة والطالبان ..ومن المستحيل أن ينجو المدنيون الذين كانوا يتحركون في الجبال ..الا اذا كانوا برفقة القبائل ..فالامريكيون كانوا يضربون كل ما يتحرك في الارض ..يونس حسبته من الموتى ..أما مسألة لقائه مرة ثانية .فلايمكن وصفها ..صعبة صعبة كثيرا ....من ناحيته ..بعد أن تركني مهشما ..راه صاروخ .............لم يظن أنني ما أزال حيا أرزق ..ومن ناحيتي ،كانت نفس الفكرة .......