رضوان الشقوري : من آسفي إلى غوانتانامو .. مرورا بسوريا و تركيا و إيران .. وصولا إلى أفغانستان و باكستان ، و معها السجون و المعتقلات و التعذيب .. و نهاية عند أقوى جيش في العالم.. في هذا الحوار المطول الذي أجراه الزميل محمد دهنون مع رضوان الشقوري واحد ممن قادتهم الاقدار الى السجن الشهير غوانتانامو..نجد غوصا عميقا ودقيقا في تجربة مغربي احتجزه الجيش الامريكي هناك في الجزيرة الكوبية ..كما سنطلع على أدق تفاصيل تلك التجربة التي توزعت بين سجون اسيوية ومعتقلات أمريكية ..في هذا الحوار القريب الى "جنس" المذكرات يتكلم الشقوري بلا تحفظ هو الذي عود العين الاسفية المحلية على وقوفه صامتا أمام ولاية اسفي في السنين الاخيرة .. نعيد نشر هذه الحلقات باتفاق مع جريدة "الاتحاد الاشتراكي "..قراءة ممتعة ملحوظة : الحلقات السابقة ضمن بوابة " أسفي بالجرائد الوطنية " بالموقع جالسه: محمد دهنون الحلقة السادسة : في سجن كابول ..القمل و البق .. "التعلاق" و التعذيب .. سلمتكم الميليشيات التي كانت تتعقب "العرب" وسط الأحراش و الجبال الحدودية مع باكستان .. إلى أتباع شاه مسعود .. ماذا كان مصيركم بعدها ..؟ بعدما أخذنا رجال قبيلة "حجي زمان" و بعد المراحل الاستشفائية ، قرروا وضعنا في سجن كابول تحت حراسة امنية و عسكرية أمريكية ، الطريقة التي كانوا ينقلوننا بها ، كانت تنم على أننا صيد ثمين . عندما دخلنا سجن كابول ، تغيرت المعاملة و أصبحت اللغة السائدة و المسيطرة .. هي لغة التعذيب ، الأفغان الذين كانوا يشتغلون بتنسيق مع القوات الأمريكية ، كانوا لا يتورعون عن استعمال السلاسل و اللكم المستمر و "التعلاق" على الطريقة المغربية .. بعد أن حشرنا في حجرة صغيرة ضيقة ، عطنة .. كانوا معي 14 محتجزا من جميع الجنسيات العربية و ضم محبسنا أيضا بعض الباكستانيين .. كان أكلنا عبارة عن مرق و رغيف و قليل من الماء مرة في اليوم ، مضافا إليه "الوجبات" التي كانت تقدم بدون وقت و بسخاء ، وجبات الضرب و التنكيل و الإهانات المتكررة .. تتحدث عن سجن كابول .. و تتنهد .. هل الامر كان صعبا إلى هذه الحدود ..؟ أوووف .. لقد تحول الذهاب إلى المرحاض إلى عذاب يومي ، بين الزنزانة و "الخلاء" شريط عذاب لا يوصف، لا تعرف الضربات و لا الزروايط و لا الأحذية العسكرية كيف تنهال عليك و تستقر في وجهك أو بطنك أو مؤخرتك . الضرب ، المعاملة القاسية ، التفتيش الصارم حد الوصول إلى الحميميات ، أما القمل و البق فقد "تصرف" و كأنه يعرف أجسادنا و دماءنا ، "الجربة" تجولت بيننا جميعا ، منعنا من الغسل و النظافة ، و حتى بعض الجرحى ممن أصيبوا إصابات بليغة .. تعفنت جروحهم و تقيح لحمهم ، و باتت روائح كريهة تصدر وسط غرفة ضيقة .. فكثيرا ما أغمي علي ، الجو مشحون .. و هل عرفتم لماذا كان الأفغان يحتجزونكم .. ؟ كانوا يبحثون عن المكافأة الأمريكية ، التي وصلت إلى حدود خمسة آلاف دولار لكل عربي يشتبه في علاقته بالقاعدة و أسامة بن لادن ، هددونا بالقتل أكثر من مرة و سلبونا أموالنا على قلتها ، لقد نصبوا على الأمريكان و أوهموهم بأننا عناصر من تنظيم القاعدة ، بعدها تسلمنا الأمريكيون بشكل رسمي ، حيث تم ترحيلنا إلى قاعدة "باكرام" .. هناك ، حيث سيبدأ "الكلام الكبير" ....