رضوان الشقوري : من آسفي إلى غوانتانامو .. مرورا بسوريا و تركيا و إيران .. وصولا إلى أفغانستان و باكستان ، و معها السجون و المعتقلات و التعذيب .. و نهاية عند أقوى جيش في العالم.. في هذا الحوار المطول الذي أجراه الزميل محمد دهنون مع رضوان الشقوري واحد ممن قادتهم الاقدار الى السجن الشهير غوانتانامو..نجد غوصا عميقا ودقيقا في تجربة مغربي احتجزه الجيش الامريكي هناك في الجزيرة الكوبية ..كما سنطلع على أدق تفاصيل تلك التجربة التي توزعت بين سجون اسيوية ومعتقلات أمريكية ..في هذا الحوار القريب الى "جنس" المذكرات يتكلم الشقوري بلا تحفظ هو الذي عود العين الاسفية المحلية على وقوفه صامتا أمام ولاية اسفي في السنين الاخيرة .. نعيد نشر هذه الحلقات باتفاق مع جريدة "الاتحاد الاشتراكي "..قراءة ممتعة ملحوظة : الحلقات السابقة ضمن بوابة " أسفي بالجرائد الوطنية " بالموقع جالسه: محمد دهنون الحلقة الخامسة : .. الهروب إلى الحدود .. الصاروخ الأمريكي و رجال شاه مسعود.. فيما أعتقد أن هذا كان بداية الجحيم بالنسبة لك و لأخيك المحتجز حاليا في غوانتانامو، ماذا تتذكر عن الأفغان و أنت بعيد اليوم عن ذلك البلد .. هل أحببت أفغانية .. ألم تتطاول عينك على أنثى تستحق فراشك.. ؟ (يبتسم بهدوء) .. عندهم الجميلات ذوات العيون العسليات و السوداء .. لكنني لم أكن راغبا سوى في الزواج من مغربية .. أحب المغرب و أحب المغاربة .. و لم أعرف قيمة الوطن .. إلا عندما اعتقلت و "حياني" الموت في أكثر من محطة . لنعد الى القصف ..كان الجمال والانثى مجرد "فاصل" بارضوان ...؟ لقد توالى علينا القصف يومها و لم أحس و نحن في الطريق إلى الحدود، إلا و أنا مجندل شبه ممزق ، لا أحس سوى بأطراف و أماكن قليلة في جسمي .. لقد كان الجحيم بعينه .. فبينما نحن حاثين الخطو ، إذا بانقشاعة ضوء صاعقة و صوت انفجار يصم الآذان قريب جدا منا .. هكذا علمت فيما بعد أن صاروخا أمريكيا سقط قربنا، و أودى بحياة يمني و مغربي بعد أن شتتهما أشلاء لا تكاد تميز .. صور أفلام هوليود هي الأقرب لهذا الوصف . و سينسحب أخي بعد أن وضعني في إحدى الحفر حماية من البرد و إخفاء لي من المتعقبين الذين أصبحوا يتنافسون على بيع العرب (يقصد مواطنو الدول العربية ) ، بخمسة آلاف دولار للفرد الواحد إلى الأمريكان . المهم كنت في وضعية لا تنم على إنسان حي ، جراح ، كسور ، أورام ، دماء .. جسد مبقور في جزئه السفلي .. إلى يومنا هذا لا أعرف كيف بقيت حيا .. لكن الأحداث تواترت بسرعة كبيرة .. عثر علينا رجال مسلحون يشتغلون تحت إمرة شاه مسعود .. عشرون مسلحا ما زلت أتذكر فرحتهم لما وجدونا أحياء نحن الأربعة المعطوبين أو الفالتين من الصاروخ الأمريكي بأعجوبة .. فجأة وضعوا العصابات على أعيننا .. قاموا بتصفية أبو عبد الله الكويتي الذي حاول مقاومتهم .. و بيني و بينك بدأت أتلو الشهادة .. لقد فكرت في قرار الإعدام .. لكنهم بعد أخذ و رد .. نقلونا إلى قبيلة زعيم يطلق عليه إسم "حجي زمان" ، حيث مكثنا عندهم و تعرضنا للتحقيق حول الجنسية و مدى علاقتنا بتنظيم القاعدة ، هناك من كذب عليهم .. لكن المحققين الأمريكيين و بعض الأفغان الذين التقطوا صورا لكل المعتقلين كانوا سرعان ما يكشفون ادعاءات و كذب من يخفي جنسيته أو علاقته ببعض رجال القاعدة . بدل الذهاب إلى المشفى حولتم إلى معتقل سري ..؟ كانوا يعالجوننا بالبيتادين و الكحول .. سمير أحد الجزائريين سب طبيبا أفغانيا بعد أن أزال غضروفه بدون بنج.. فيما سعودي بتروا رجليه ، و مغربي فقد اليد و الأصبع ، و هو كان في نفس وضعيتي لكنني رفضت اقترابهم مني ..لن أنسى منظر المنشار و اللقاط و المقص الطويل التي نستعملها نحن في المغرب كأدوات حرفية .. يشتغلون بها في مستشفيات غير مجهزة خصوصا في جلال آباد .. لكن الجميل وسط كل هذه المعاناة، أن أفغانا لا نعرفهم كانوا يزوروننا و يجلبون معهم الماء و التفاح.. كان مقامنا قصيرا .. حيث حولونا على سجن كابول .