بقلم : حميد كربوب الكاتب العام لجماعة لبخاتي وكاتب جمعية أم البنين للتنمية المحلية. إنها امرأة طموحة ومكافحة، ولها عزم أكيد ، وبراءة واضحة ، ورغبة ملحة في تحقيق شيء جميل إلى شريحة من الناس ربما ليست محرومة بالمعنى الحقيقي للحرمان ، إنما ظلت في أمس الحاجة إلى أياد بيضاء ناعمة ، تمدها بالحنان أولا ، وبحب الحياة ثانيا . لقد كانت قادرة على اتخاذ كل المبادرات الإنسانية ، وقادرة على السير فيها إلى آخر لحظة . تكافح وتناضل فقط من أجل أن ترى بسمة شفافة على الوجوه المكتئبة ، تشفع بدعاء في الصميم ، هو الأفضل عندها من كل شيء . وكان لها ماشاءت من خلال تجارب ربما قليلة ، لكنها تعبر عن البداية الصحيحة والمباركة ، في مسار طويل حافل بالخير والنماء . لقد كانت من بين عناصر قليلة فصلتنا عن بحر السياسة بمعانيه الحسنة ومسمياته القبيحة . وأدخلتنا بحسها الإنساني المرهف في إطار ثقافة نعرفها، إنها غريبة عنا ، إنها ثقافة الإحسان والتضحية والتكليف و التطوع .و كلها و غيرها مفاهيم حاضرة غائبة . و ترسيخها في أعماقنا يعطينا الفرصة لنكون الأحسن في مستقبل أيامنا بل و يجعلنا نحس في قرارات النفس ، بنكهة عذبة لحياة جديدة ، أو بالأحرى مختلفة ، قوامها المحبة و الإخلاص و التفاني ، تبتدئ بنكران الذات ، و تنتهي بإشراقة أمل في وجه المحرومين .هكذا كانت هذه المرأة المختلفة بيننا . هي رائعة بمشاعرها و لسانها و أفكارها . و عندما تلقى الدعم و المساندة ، فستكون أكثر قدرة على إعطاء هذه المنطقة المنسية ، حقا لم يعطه غيرها ، على الرغم من حسن النوايا في كثير من سادتها و أعيانها . بالتأكيد ، لقد كان لي مثلما لها من الرغبة في تحسين أوضاع الناس . فعلى الأقل هم أناس – في عمومهم – أقل حظا منا إما كفاءة أو ملاءة أو تجربة ، أو كل هذه الأوصاف و التوصيفات مجتمعة . لكن رغبتي لم تكن بالقدر الكافي الذي يتوجها بالفعالية اللازمة ، و ظلت مجرد إحساس لم يبرح الشعور . وهذه هي نقطة الإختلاف بيني و بينها . فهذه السيدة تملك الإحساس أولا ، و تملك المبادرة ثانيا على بلورة إحساسها النبيل إلى شيء ملموس يسعى إلى تحقيق رفاه الناس .وأعتقد أن حظنا كبير بتواجدها في مجلس جماعتنا . فهي بالطبع قيمة مضافة حقيقية للمجلس ، و ليس بالتأكيد ذيلا من ذيول خيباتنا . و إذا كان المجلس يسعى كما هو الحال دائما إلى تحقيق التنمية من خلال التركيز على تهيئ البنيات التحتية ، فهذه السيدة لها نفس السعي ، إن من خلال تركيزها على الشق الإنساني أولا و أخيرا . و بالتالي ، إن كان لها أي إشعاع مستقبلا – و سيكون إنشاء الله – فإشعاعها كان من صميم اهتماماتها النبيلة و المشرفة بالمجال الإنساني ، دون طمع في استحسان أو إطراء من أحد . و طبعا لست أنا من يطري لأجل الإطراء فحسب ، أو لأن ما أطريها به ضرب من ضرب المراء و الكذب أو مجانب للحقيقة . و إذا ما ذكرت فيها شيئا إيجابيا ، فلأنها قطعا كذلك . و من واجبي كإطار مسؤول و مهتم ، أن أستغل حسناتي و صالحات هذه المرأة لصالح البلاد و العباد ، من خلال تحريضها – و لو بدعم نفسي و زخم معنوي - على المضي قدما لمزيد من العطاء . و هذا من واجبنا كمساهمين أو كمتتبعين نحوها ، حرصا منا على تخليصها من إرهاصات الإحباط التي يمكن أن تحف بها في أي لحظة انهزام أو ضعف . و ما أكثرها في الحياة ! اللهم إني شهدت بما رأيت و أحسست . فإن كان عملها راجحا، فأجرها أجران. و إن كان عملها مرجوحا فالخطأ وارد، و أجر الخطإ واحد. و الله على ما أقول شهيد.