تعاني جل ساكنة مدينة آسفي من كل أنواع الأمراض المزمنة كالربو و الحساسية و ارتفاع ضغط الدم و أمراض القلب و الشرايين، و غيرها، ناهيك عن الاضطرابات النفسية، و قد أثبتت الدراسات أن تلوث الهواء و الماء في المنطقة هو السبب الرئيسي في ظهورها لدى فئة مهمة من الناس؛ و يعزى هذا التلوث إلى تواجد أحد أهم مركبات تصنيع الفوسفاط و الكيماويات، مما يجعل من المدينة منطقة الفوسفاط بامتياز.هذا القطاع الذي يتوفر على ميزانيات ضخمة تنعش خزينة الدولة و بمقابل هذا المعطى الإيجابي، هناك آخر سلبي ينعكس على صحة الساكنة، و قد انتبهت مؤخرا إدارة المكتب الشريف للفوسفاط للجانب الصحي فأطلقت عملية غرس 200.000 شجرة على ضواحي المدينة، لكن هذا يعتبر غير كاف لمواجهة المداخن النفاثة التي تغلف الجو و تفرغه من نسبة مهمة من الأوكسجين و أنابيب صرف المخلفات التي تأتي على خيرات البحر و تسممها. و في العشرية الأخيرة تزايدت أعداد الوافدين على صالات الانتظار في المستشفيات و المستوصفات استجداء للعلاج و ترقبا لطبيب قد يتأخر و قد لا يأتي في غالب الأحيان، و هو الذي قد أدى قبلا قسم أبقراط باعتباره تجسيدا للوفاء لروح مهنته و مسؤولية ثقيلة أمام الله و أمام العباد، فتراه يسير بوزرته البيضاء في خيلاء متجاذبا أطراف الحديث مع زملائه عن أمور تافهة متجاهلا طوابير طويلة من الذين يموتون في صمت و يتطلعون إليه بعيون جافة و وجوه شاحبة، هؤلاء الذين تكالب عليهم المرض و لا مبالاة الأطباء و الممرضين، إضافة إلى أن هذه المصالح لا تتوفر إلا على قاعات علاج فقيرة إلا من بعض منظفات الجروح و الضمادات التي تحفظ في الرفوف و الخزانات و يطالب المريض بشرائها من شركاء محتملين يتواجدون على الرصيف المقابل للمستشفى لتعم الفائدة و إلا بقي عرضة للإهمال؛ و للاستفادة من مجموع خدمات التمريض و الفحص توجب عليك أن تكون مسنودا من فلان أو "فرتلان" أو أن تكون قد تسلحت بوريقات عشرينية و صففتها بعناية داخل جيوبك المتعددة. أليس من الأخلاق بعد الانتهاء من مشروع 200.000 شجرة أن يفكر المكتب الشريف للفوسفاط في صحة هؤلاء المنكوبين و يقدم لهم يد العون على ما ابتلاهم الله به؟ آسفي/