ومن المفارقات العجيبة الغريبة أن مدينة أسفي لا تتوفر على مستشفى خاص بعلاج ومتابعة المصابين بداء السرطان، وهي من المدن المغربية التي تعرف أكبر عدد من مرضى السرطان . ولتأكد من صحة هذه المعلومة حاولنا الحصول على أرقام وإحصائيات رسمية إلا أننا لم نوفق رغم أن الدستور المغربي يخول الحصول على المعلومة وهو حق ينظمه القانون . وفي هذا السياق ، لازلنا نتذكر بكل حسرة سنة 2015 ، عندما استبشرت ساكنة أسفي بنبأ إنشاء المركز الجهوي الأنكولوجيا لمرضى السرطان بأسفي . وتم إجهاض هذا الأمل، حيث تم نقل المشروع المركز الجهوي إلى مدينة بني ملال ،و المؤسف والمحزن أن الجميع في أسفي التزم الصمت ، لم نسمع ببنت شفة ( صحافة و برلمانين وأحزاب و جمعيات ) الجميع أصيبوا بالخرص . ولهذا يضطر اليوم مرضى السرطان بأسفي ، تكبد عناء السفر لمتابعة العلاج في أحد مراكز المختصة، في مدن " مراكش والدار البيضاء والرباط "، والتي تتوفر على المعدات علما أن تكاليف السفر صوب تلك المدن، والتي تكون مرفوقة بأفراد من أسرهم مكلفة , وهي في الحقيقة رحلة شاقة ومتعبة ومرهقة ومكلفة معنويا وماديا . ناهيك عن غلاء الأدوية . لا زلت أتذكر المناضل النقابي الصديق العزيز الفقيد "نجيب كرتي " رحمه الله الذي كان مسؤولا داخل الأجهزة المحلية والمركزية للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط بأسفي " ك . د .ش " وكان هذا المناضل قد رفع تحديا أمام هذا المرض الخبيث السرطان cancire وكان يصرح لوسائل الإعلام قائلا " لن أموت قبل أن يعرف الناس أن الحق في الحياة يهدر يوميا في هذه المعامل . ولن أموت قبل ان أخوض معركة شرسة ليعرف الرأي العام أن رجالا يموتون بأمراض مهنية قاتلة يوميا ولن اهلك قبل ان ينتبهوا إلى أرقام الأرباح الكبيرة وراءها أرقام وفيات سنوية مفجعة بسبب أمراض مهنية ". وكان هذا الفقيد تغمده الله برحمته سنويا يقدم للرأي العام المحلي والوطني لائحة تضم أسماء المتوفين من العمال بالمرض السرطان ، شخصيا كان كرتي يسلمني عندما كنت مراسلا للصباح مابين سنتي 2000 إلى غاية 2006 لائحة المتوفين بالمرض الخبيث ، وكانت هذه اللوائح يتراوح عددها مابين ثمانية وعشرة اشخصا سنويا . الغريب هنا أن المرحوم " كرتي نجيب " سوف يصاب بداء السرطان وسيعجل بوافاته سنة 2011 وهو الذي كان يتابع عن كتب المشاكل ومعاناة الطبقة العاملة بالمجمع الشريف للفوسفاط . و في زمن كورونا ، وفي عز الأزمة تضاعفت معانات هذه الفيئة من المصابين ب cancer بأسفي ، فمن اجل التنقل إلى المدن أخرى قصد العلاج ، يفترض على هؤلاء المرضى استخراج رخصة التنقل المرضى والمرافقين لهم من السلطات المحلية ، و التي تعتمد أولا الحصول على رخصة طبية التي بدورها تنجز بناء على وصفة طبية من مشفى أو مركز السرطان المعالج . أولا يلجا هؤلاء المرضى آو دويهم إلى مستشفى عقبة بن نافع بأسفي واقصد هنا جناح اللجنة الإقليمية رقم 10 و بعيدا عن المديح وعبارات التملق الصريح وأساليب التزلف الفصيح . أقول بان الطاقم الطبي يتعامل مع الكل معاملة رائعة ، من الكلمة الطيبة إلى المعاملة الحسنة الكل يحصل على طلباته في نفس اليوم رغم الاكتظاظ الكل يخرج طيب الخاطر كما يقال ، و هذا الطاقم الطبي في الحقيقة يستحق التنويه والتشجيع . في المقابل تبدأ معاناة هؤلاء المرضى وذويهم مع السلطات المحلية , على سبيل الذكر الدائرة الثانية بأسفي ' حيث يجلس المرضى أو ذويهم من الصباح إلى المساء قصد الحصول على الترخيص رغم إنها حالات إنسانية وملفاتهم الطبية قانونية وغالبا ما يطلب منهم العودة في اليوم التالي , وهكذا تراهم ذهابا إيابا نحو الدائرة ، مرة بحجة أن رئيس الدائرة في اجتماع ، ومرة أخرى الرئيس غائب . و من هؤلاء من يجلس أمام مكتب رئيس الدائرة من التاسعة صباحا إلى غاية الرابعة مساءا . منهم من يضع يده على قلبه حيث لم يبق له إلا يوم واحد قصد الرحلة صوب المدن للتشافي وعليه أن يبحث عن سيارة الإسعاف وعن المرافق وعن الاقامة . الخطير في الأمر أن خليفة رئيس الدائرة الثانية ويدعى " رشيد … " يتعامل مع المرضى حسب مزاجه مثلا عندما يقول انه لن يكتب أي ترخيص بمعنى أن هؤلاء صاروا في خطر ، ناهيك عن سوء المعاملة لمرضى يصارعون المرض الخبيث . والمؤسف أن رئيس الدائرة الثانية بأسفي يطلب من ذوي المرضى ضرورة حضور المريض آو المريضة إلى مكتبه ، قصد الحصول على ترخيص التنقل ، كنوع من تعقيد الأمور وفي الحقيقة أن رئيس الدائرة وخليفته هم موظفين في الدولة مهمتهم خدمة المواطنين . الطريف ان من حسنات كوفيد 19 انه عرى عورة مجموعة من رجال السلطة في المغرب ، من قبل القائد صاحب صندوق التفاح ، وقائد صاحب اللوز وبيستاج ،وقائدة اليوسفية ،وخليفة رئيس الدائرة الثانية بأسفي وخليفته ، وعون السلطة بالمراسلة وغير ذلك , وللإشارة فان رئيس قسم استعلامات بعمالة أسفي يعتبر هذا الترخيص أي التنقل قصد العلاج في مدن أخرى غير قانوني وهذه متاهة أخرى . وفي السياق ذاته هناك رجال السلطة ، أبانون على علوا كعبهم في تعاملهم مع أزمة فيروس كورونا ، التي تعاملت معها بلادنا بحكمة عالية ، اتبعت فيها توجيهات جلالة الملك محمد السادس ومن هذا المنبر نوجه تحية عالية لهؤلاء . على سبيل الختم الموقف الأول ننتظر من عامل مدينة أسفي التدخل لإصلاح هذا الاعوجاج لتخفيف معاناة هذه الفيئة أو يتم الاكتفاء بالملف الطبي للتنقل بدون الرجوع إلى تراخيص السلطات . الموقف الثاني يجب إنشاء مختبر تحليلات ( كوفيد 19 ) بأسفي , ويمكن إنشاءه عن طريق المبادرة التنمية البشرية فلا يعقل أن نرسل التحاليل فيروس كرونا إلى مدن أخرى و نعيش انتظار أيام لمعرفة النتيجة . الموقف الثالث أسفي تتوفر على إمكانيات ومؤهلات اقتصادية كبيرة هل يصعب عليها انشاء مركز الأنكولوجيا لمرضى السرطان على غرار مركز بني ملال الذي انشأ على مساحة 3200 متر ونحن عندنا مؤسسات اقتصادية كبرى مثل المجمع الشريف للفوسفات والطاقة والاسمنت و ثروات بحرية وفلاحية و غيرها من نعم الله على هذه المدينة . فعسى أن يجد هذا النداء كل الأذان الصاغية حتى نخفف من معاناة الأم مرضى السرطان باسفي و التي تبتدئ من العلاج بالكيماوي والأشعة مرورا بغلاء الأدوية وصولا إلى صعوبة التنقل والإقامة .