يعد سرطان الثدي أول الأمراض السرطانية المنتشرة في صفوف النساء، فهو يضرب ما يزيد عن 7000 امرأة سنويا، 50 في المائة منهن يصبحن في حاجة إلى بثر أثدائهن المصابة لوقف انتشار المرض، بينما يعد سرطان البروستات ثاني مرض سرطاني بعد سرطان الرئة يؤدي إلى الوفاة في صفوف الرجال بسبب الإقبال الضعيف على الكشف المبكر. نتائج ومعطيات دفعت الجمعية المغربية للبحث والتكوين في الأنكولوجيا الطبية إلى تنظيم ندوة على هامش المؤتمر الثالث لطب الأنكولوجيا للتوعية بأهمية الكشف المبكر ودور الأنكولوجيا في علاج الأورام الخبيثة وتحسين جودة حياة مرضى السرطان. أمام حضور اقتصر على الصحافيين والإعلاميين، تصدرت أربعة وجوه طبية مائدة الحوار الذي كان واقع طب الأنكولوجيا بالمغرب موضوعا له، وأداره البوفيسور حسن الريحاني رئيس الجمعية المغربية للبحث والتكوين في الأنكولوجيا الطبية، داخل قاعة الندوات التابعة لفندق «بالاس أنفا»، التي احتضنت يوم 27 من الشهر الماضي ندوة طبية على هامش مؤتمر طب الأنكولوجيا، الذي ينعقد سنويا تحت الرعاية السامية للأميرة للا سلمى لعرض أهم المستجدات في علاج سرطان الثدي والمبيض عند النساء وسرطان البروستات عند الرجال. ويحظى سرطان الكلي في مراحله المتقدمة باهتمام الجمعية المغربية للبحث والتكوين في الأنكولوجيا الطبية، بالإضافة إلى الميلانوما رغم أن حالات الإصابة بالأخير تعتبر نادرة، وذلك من خلال كشفها عن أهم المستجدات المتعلقة بعلاجات الميلانوما وسرطان الكلي، خلال الموتمر الذي يعرف للمرة الأولى مشاركة خبراء وازنين وطنيين ودوليين، بالإضافة إلى فريق طبي من الولاياتالمتحدةالأمريكية تابع لمركز إم دي أندرسون، ورئيس مصلحة طب السرطان من المركز الأوروبي الأول للأنكولوجيا (مؤسسة غوستاف روسي)، إلى جانب خبراء من سويسرا، وبلجيكا، وإسبانيا. 40 ألف مصابة بسرطان الثدي سنويا يقدر عدد المغربيات المصابات بسرطان الثدي ب40 ألف حالة إصابة سنويا، والعدد مرشح للارتفاع في حالة التأخر في الكشف المبكر عن الإصابة بالداء، حسب ما تحدث عنه البروفيسور حسن الريحاني خلال الندوة. ويحتل سرطان الثدي المرتبة الأولى في قائمة أنواع الأمراض السرطانية الأكثر انتشارا في المغرب، إذ يهدد 3 ملايين مغربية، ويمس سنويا 7000 سيدة، أي بمعدل 20 إصابة جديدة يصرح بها في المغرب كل يوم، يليه في ذلك سرطان الرحم، ثم سرطان الرئة، فسرطان البروستات عند الرجال. ويودي المرض أكثر بحياة النساء المتراوحة أعمارهن ما بين 35 و59 سنة، ومن بين 3 آلاف حالة يجري فحصها بخصوص سرطان الثدي في المملكة سنويا، الثلث فقط تجري معالجته. التشخيص المتأخر يخفض نسبة الشفاء تتجلى مساوئ الاكتشاف المتأخر للإصابة بسرطان الثدي في خفض نسبة الشفاء، واضطرار الأطباء لإخضاع المريضة لما يطلق عليه علميا بالعلاج التلطيفي، بعد أن ينتقل المرض إلى أعضاء حيوية من جسم المصابة، مثل الكبد أو الرئة، لتخفيف الآلم عند المريضة، أو تحسين جودة حياتها، أو لرفع أملها في الحياة. وهنا تظهر أهمية التعرف المبكر على الإصابة بسرطان الثدي، الذي يكون في مرحلته الأولى عبارة عن ورم صغير، قبل الشروع في أخذ العلاجات المناسبة، بحيث يجعل هذا الإجراء نسبة نجاح العلاج والشفاء تتراوح ما بين 90 إلى 100 في المائة. ما هو دور الأنكولوجيا في مواجهة الأمراض السرطانية؟ «تعتبر الأنكولوجيا من التخصصات الطبية المهمة التي تتدخل بشكل مباشر في الاستراتيجية العلاجية لأمراض السرطان» يؤكد البروفيسور حسن الريحاني رئيس مصلحة الأنكولوجيا في المعهد الوطني للأنكولوجيا بالرباط، ورئيس الجمعية المغربية للبحث والتكوين في الأنكولوجيا الطبية، موضحا أن هذا التخصص المرادف لطب الأورام السرطانية يتيح إمكانية معرفة مدى تطور الأورام الخبيثة، وتحديد الأدوية المنسجمة مع كل حالة مرضية والتي يكون لها آثار جانبية أقل، وبالتالي فإن هذا التخصص يسمح بتحسين التكفل والمتابعة العلاجية، ومن ثم بتطوير جودة حياة مرضى السرطان. المغرب يلتحق بركب الدول المتقدمة في الأنكولوجيا كان تخصص الأنكولوجيا حاضرا منذ أزيد من 45 سنة في الولاياتالمتحدةالأمريكية ومنذ نحو 35 سنة في الدول الأوربية، وتم وضع لبناته الأولى بالمغرب سنة 1998 التي انطلق فيها المسار التريخي لهذا التخصص بضم أول أستاذ في الأنكولوجيا الطبية بالمعهد الوطني للأنكولوجيا سيدي محمد بن عبد الله. غير أن المغرب لم يلتحق فعليا بركب الدول المتقدمة في طب الأنكولوجيا إلا في سنة 2003 التي شهدت إنشاء أول مصلحة تهتم بالأنكولوجيا الطبية، ليعقب ذلك سنة 2004 إحداث التكوين المتوج بالحصول على ديبلوم في الأنكولوجيا الطبية بكلية الطب والصيدلة بالرباط التابعة لجامعة محمد الخامس السويسي. ولقد أشرف البروفيسور حسن الريحاني بنفسه على تكوين أول دفعة من الأطباء المتخصصين في الأنكولوجيا، والتي تخرجت سنة 2008، لتتوالى دفعات التخرج سنة تلو الأخرى، مكرسة بذلك حلم تزايد عدد اختصاصيي الأنكولوجيا، الذي انتقل من اختصاصي واحد في الأنكولوجيا في القطاع العام إلى 28 اختصاصيا. تخصص الأنكولوجيا حاضر في سبعة مراكز وطنية ساهم التطور الذي عرفه تخصص الأنكولوجيا بالمغرب في خلق مصالح جامعية أخرى عبر أرجاء المغرب، كان أولها بالمستشفى العسكري محمد الخامس بالرباط، قبل أن يشمل فاس، ووجدة، ومدينتي الدارالبيضاء ومراكش، اللتين صارت كل منهما تتوفر على أستاذ مساعد في الأنكولوجيا، بالإضافة إلى الأنكولوجيين بمركز محاربة السرطان بالحسيمة وأكادير. الجمعية المغربية للبحث والتكوين في الأنكولوجيا الطبية يتكون أعضاء الجمعية المغربية للبحث والتكوين في الأنكولوجيا الطبية اليوم من 28 اختصاصيا في السرطان موزعين على كل أرجاء المملكة بالإضافة إلى أزيد من 50 طبيبا في مرحلة التكوين. مازال عدد الاختصاصيين في الأنكولوجيا بالمغرب محدودا مقارنة مع عدد المختصين في هذا المجال بالدول المتقدمة، لكنه كان كافيا لوضع المغرب في الصدارة على صعيد شمال إفريقيا، والثاني على مستوى القارة السمراء بعد جنوب إفريقيا، كما جعل من الجمعية المغربية للبحث والتكوين في الأنكولوجيا الطبية رائدة في البحث العلمي الأنكلوجي حيث تأتى ذلك بإصدار أكثر من 100 دراسة علمية نشرت في المجلات الدولية المتخصصة في الأنكلوجيا الطبية.