في اليوم الثالث لفعاليات الدورة ال18 لمهرجان “كناوة.. موسيقى العالم”، بمدينة الصويرة، اقتسمت ألحان موسيقى كناوة وموسيقى الجاز، المشتركتان في أصلها الأفريقي، ذات المنصة والجمهور، ليسرد عازفوها كل على نغماته الخاص وإيقاعاته المختلفة مآسي العبيد الأفارقة في أزمنة العبودية. عازف الساكسفون “كيني كاريت” القادمة من ديترويت الأمريكية أتحف، جمهور المهرجان بمعزوفات موسيقى الجاز، التي تروي، كما موسيقى كناوة الأفريقية، معاناة السود عبر التاريخ مع العبودية والعنصرية ضدهم، وتؤرخ لصراع مرير خاضوه في مواطن شتى من أجل انتزاع حقوقهم. ويعد “كيني كاريت” أحد عازفي الساكسفون المهرة في الولاياتالمتحدة، حيث تعلم فن الجاز في سن الطفولة المبكرة، لكن تأثر أيضا بعدة أجناس موسيقية أخرى، وأنتج 10 ألبومات موسيقية لاقت نجاحا عالميا واسعا، حافظ خلالها على تنوه الموسيقى التي يتقن عزفها وتركيبها. وأدى المعلم الكناوي “حسب بوسو”، وصلات موسيقية مقتبسة من تراث فن كناوة الأصيل، تراقص خلالها أعضاء فرقته على نغمات آلتي “القراقب” (آلة نحاسية) والكنبري (قيتارة تقليدية)، مرددين أهازيج وأمداح مستوحاة من ابتهالات تؤديها الفرق الكناوية خلال ليالي التعبد والتقرب إلى الله التي تقام في الزوايا والأضرحة الصوفية. ويعتبر المعلم “حسن بوسو” أحد القامات الفنية المعروفة في صفوف فرق كناوة في المغرب، حيث ساهم في نشر هذا اللون الموسيقي عالميا، واستطاع مزجه إلى جانب فنانين أجانب وشباب بأصناف موسيقية أخرى كالجاز والراب وغيرهما. ويعتبر مهرجان ” كناوة.. موسيقى العالم” المقام بمدينة الصويرة من 14 إلى 17 مايو الجاري أحد أبرز المهرجانات الفنية والثقافية التي تقام في المغرب. وتعد موسيقى كناوة صنفا من الموسيقى الدينية الروحية، اشتهر بها الزنوج المغاربة الذين استقدموا ألحانها وآلات العزف عليها، ومن بينها “الهجهوج” و”القراقب” (آلتان موسيقيتان مغربيتان)، من الموروث الشعبي الأفريقي، وكثير من إيقاعاتها تشبه موسيقى القبائل الأفريقية في مناطق جنوب الصحراء، لكنها تؤدى بكلمات عربية تدور أغلبها حول تيمات روحية ودينية. ولعقود، عاشت موسيقى “كناوة” الصوفية كلحن مغمور في أزقة مدينة الصويرة ودروبها العتيقة، وبعد سنوات، جعل منها المهرجان الذي تحتضنه المدينة، موسيقى عالمية، تنافس موسيقى الجاز، وتصنف في خانة الإيقاعات الروحية لشعوب العالم. وعرفت مدينة الصويرة بالتعايش بين المسلمين واليهود على مدى قرون، أنتج تراثا حضاريا ومعماريا يميز المدينة الساحلية. ويشكل المهرجان، حسب المنظمين، تجربة موسيقية فريدة، حيث يعمل على الدمج بين صنوف موسيقية متنوعة، يمتزج فيها فن الجاز والسول بموسيقى كناوة التقليدية، وتتناغم آلات الكنبري والطبول بالقيتارة والساكسفون. ويستضيف المهرجان أبرز “معلمي كناوة” إلى جانب فرق موسيقية من أفريقيا والكاربي وأفرنسا ،لإقامة عروض فنية مشتركة، والحفلات الموسيقية والمزج الموسيقي المتميز المعروف ب “الفيزيون” بمشاركة فنانين وفرق من مدن مغربية، ودول: الولاياتالمتحدة، وألمانيا، وفرنسا، ولبنان، ودول جنوب الصحراء